الموت وقبعات السحرة بقلم شوقية عروق منصور
تاريخ النشر : 2018-01-13
الموت وقبعات السحرة

الى الشهيد الشاب الغزي  " أمير أبو مساعد 16 عاماً  " الذي استشهد برصاص قناص إسرائيلي

شوقية عروق منصور


يومياً نسمع عن قتلى وشهداء ،  يومياً في فلسطين يهدينا الموت آخر اختراعاته ، وأشكاله ، وأقنعته ، لكن القناع السائد الملتصق بوجه الاحتلال هو قناع الرصاص ، حيث تغلف الرصاصة بدم كان يتوهج على اسفلت الاحتجاج ، أو على تراب خُتم بالشمع الأحمر في الداخل الذاكرة التي ترفض الاستسلام .

في فلسطين يهدينا السجن آخر القضبان والتحقيقات المؤلمة  والاسلاك والأعوام والتي لا تجرؤ على مخاطبة العمر ، لأن العمر يشيب والقضبان تبقى في عبق شبابها ، تحضن هذا وتضغط على ذاك حتى تحطم عظامه .

في فلسطين تهدينا  تعرجات الوجوه وزفرات الهموم  ظلال البؤس والفقر وضيق المساحة التي أصبحت لا تتسع لجناحي عصفور قرر التمتع بحريته .

في فلسطين تهدينا قبعات السحرة  أرانب الصمت  التي تخرج من قبعات المسؤولين.

في فلسطين تهدينا الاخبار انباء صفقات البيع تحت الطاولات وخلف الجدران ، وتهمس لنا أصابع الوثائق التي تؤشر على حبر التواطؤ ، بين مسؤولين في السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية ، ولا يخرج مسؤول فلسطيني يوضح الأمر أو ينفيه أو يتعجب أو يقول لا .. !!كل هذا كذب اعلامي ..!!! وتبقى الجماجم  الفلسطينية مليئة بالغضب الذي يترجمه التاريخ غداً ، على شكل كتب ودراسات واسرار لا نملك حيالها سوى المزيد من القهر والغضب ورعشات الخفافيش التي ملئت الوطن خرائب التنازل ، وابجدية الفرسان الذين دفعوا كمبيالات الرضوخ .

في كل هذه الهدايا التي يتلقاها المواطن الفلسطيني يومياً ، وغيرها  من الطرود البريدية المفخخة التي يجدها على الحواجز ومصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات والرقصات الاستيطانية التي تعلمت أن ترقص رقصة اسماك القرش أمام السردين الفلسطيني الهارب من الشباك .

نسال لماذا يحلو للموت الرصاصي  الوقوف وجهاً لوجه أمام مرايا الاحتجاج والرفض ، لماذا لا يحلو له إلا التحديق في وجوه الشباب ، لماذا علينا الكتابة على الأوراق الثبوتية  للشاب  الفلسطيني  " مشروع شهيد " .

نربت على اكتاف الشهيد .. هذا أوان موتك ؟؟

ليست مكابرة .. لقد اعتقدت انك تركت وراءك فتات خبز يرشدنا إلى طريق الغد .. فتات قلبك لوالدتك ، لأختك .. لصديقتك .. أما فتات وجودك فقد ذهب مع الرياح  .