قرار ترامب بين جريمة الفاعل وردة فعل المنفعل بقلم:د.أمجد شهاب
تاريخ النشر : 2018-01-13
قرار ترامب : بين جريمة الفاعل وردة فعل المنفعل

لدكتور أمجد شهاب 

مدير كلية الشهاب المقدسي 

لو سلمنا جدلا بأن قرار ترامب بنقل سفارة الولايات المتحدة الى القدس المحتلة وأعترافه بها كعاصمة أبدية لدولة اسرائيل  هو جريمة وأعلان حرب وأحد الافعال التي ستقضي على حلم مشروع الدولة الفلسطينية .وهذا القرار بمثابة النكبة الثانية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني وان بريطانبا والولايات المتحدة واسرائيل المسؤولين عن ما نحن فيه الان . فالسؤال المطروح هو من الذي سيسائلهم ؟ ومن الذي سيحاكمهم ؟ علما بأن كل من بريطانيا وامريكا وأسرائيل  قامت على أشلاء الملايين من البشرمن استعباد واستغلال وأبادة  سواء بسكان القارة الافريقية أو الاسيوية أوسكان امريكا الاصليين "الهنود الحمر" أوالتطهير العرقي لمئات القرى الفلسطينية....الخ , لم يعاقبوا ولم يحاكموا على جرائمهم بسبب أستمرارضعف الضحية وعدم القدرة على استخدام العدالة الطبيعية والقوانين الدولية .

وهنا أريد ان ألخص بأن واقع الفعل الفاعل على الارض يقتضي بنا أن نعترف شئنا أو أبينا بهزيمتنا حتى الان وبأنتصار الاقوى " الاعلم والادهى او الاذكى " بصرف النظر عن مفهوم العدالة بمعناها المطلق.وهذه الحقيقة المرة بالنسبة للمقهورين والمظلمويين والفاشلين واقع تاريخي بشري أليم عرفناه على مر التاريخ. وكما يقول المثل الشعبي "الحق بالسيف والعاجز يريد شهود" وسيف اسرائيل المسلط علينا لا يختلف كثيرا عن السيوف الاخرى. رغم أننا لا نفتقر الى المقومات المادية والبشرية الاساسية لمواجه قرار ترامب واجراءات المحتل بقراراته ومنظومته المدمرة والفاعلة على ارض الاجداد وكان من  المفروض ان نستغل قرار ترامب لصالحنا بأخذ قرارات تاريخية ذات مغزى على أرض الواقع تساهم على الاقل بوقف الاجراءات لتغير الواقع على الارض فالنكبات والتحديات تساعد على أستعادة عافيتنا وتوحدنا وتنهي انقسامنا لان الاضطهاد والاستعباد والسيطرة على المحرومين يحفزهم على التعويض بما بفتقدونه بأستخدام جميع أمكانياتهم وقدراتهم المتاحة لهم لان التاريخ البشري لا يرحم   والامثلة كثيرة وابرزها ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية فالدمار الهائل  والهزيمة الساحقة وسقوط ملايين الضحايا الا أنهم استطاعوا ان ينهضوا بفترة زمنية قصيرة بالاعتماد على أنفسهم وقدراتهم الذاتية .  

والتفاعل مع الواقع من خلال جهود فاعلة ملموسة تساهم بالخروج من حالة الاستاتيكية التي  وضعنا انفسنا بها  منذ أكثر من 70 عاما  " اي حالة الانتظار والجمود والمحافظة على الواقع وأستراتيجية  بما يسمى عملية السلام " لان ذلك يجسد حالة العجز والهزيمة وعدم القدرة على التكيف  والتحول لمواجهة فاعلة لقرار ترامب والاجراءات على الارض  وبدل ذلك نلاحظ  حتى الافعال المنفعلة بدأت بالتراجع  لصالح التبعية السياسية والاقتصادية .....تحت ذريعة عدم وجود بدائل أخرى لوقف المعاناه والالتزام بالاتفاقيات الموقعة  ..... وأنتظار المنقذ الاجنبي وعدالة القانون الدولي وهيئة الامم المتحدة .

وتتلخص جميع الافعال المنفعلة ضد قرار ترامب ببيع الامل  بعقد الاجتماعات  القمة الاسلامية ووزراء الخارجية العرب  واصدار البيانات والتنديد والمظاهرات الشعبية سواء بالداخل والخارج والمؤتمرات الصحفية .... والتي لا نقلل من شأنها فمجملها جيدة ولكن للاسف غير كافية بتاتا لسبب بسيط لعدم  متابعتها بقرارات فاعلة تؤثر بشكل فعلي على قوة ومصالح الولايات المتحدة واسرائيل اللتان تعتمدان على عامل الوقت وردات الفعل المنفعلة مع غياب استراتيجية واضحة لعمل جماعي مشترك يؤثر ولو بالحد الادنى للمصالح الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية. وأستمرار هذه المظاهر المنفعلة  يعتبر بالنسبة للغرب بشكل عام والولايات المتحدة واسرائيل بشكل خاص بمثابة ضعف وأعلان هزيمة وذريعة لهم تشجعهم على الاستمرار بقراراتها الفاعلة للهيمنة على ما تبقى من الارض والانسان والمقدرات . 

[email protected]