على متن العنود (7) بقلم سمير سليمان ابو زيد
تاريخ النشر : 2018-01-12
على متن العنود (7) بقلم سمير سليمان ابو زيد


على متن العنود ( 7 )
بقلم سمير سليمان ابو زيد
الجزء السابع
بعد انتهاء المهرجان الخطابي في اجدابيا غادرنا المدينة باتجاه سرت بلد العقيد وذهبنا باتجاه طرابلس مرورا بمصراطة وزليطن والخمس وعند وصولنا ميدان سويحلي بطرابلس توقفنا للمبيت حتى الصباح وطبعا داخل السيارة وفي الصباح توجهنا الى الحدود التونسية وفي مركز جوازات بن جردان قدمنا جوازات السفر وكان احدنا مولود في حيفا سنة 1946 فساله موظف الجوازات انت فلسطيني فقال له الجواز امامك انا اردني صاحبنا بحسن نية قال له ذلك لان هناك اخوة يحملون الوثيقة الفلسطينية المصرية والسورية فنهض الموظف من مكانه صارخا لازم تعتزوا بفلسطينيتكم انت الم تلد في حيفا فقال له نعم فقال اذن انت فلسطيني واعطاه محاضرة في الوطنية والانتماء دون ان يتكلم صاحبنا بكلمة واحدة .
بدأنا نتشاور أي طريق نسلك هل ناخذ الطريق الساحلي ونتجه شمالا حتى العاصمة تونس مرورا بصفاقص والمنستير وهي بلد المجاهد الاكبر الحبيب بورقيبة ثم سوسة فالحمامات وبعد ان نمر بالعاصمة نتجه غربا باتجاه الحدود ثم القالة مرورا بعنابة وسكيكدة وجيجل ودلس وصولا الى الجزائر او اننا ناخذ الطريق الصحراوي الذي يقطع تونس من غربها الى شرقها من بنغردان مدنين قابس قفصة فريانه القصرين وصولا الى تبسه بالجزائر فاخترنا الطريق الاقصر وهو الذي يخترق تونس من الوسط يعني من الجنوب التونسي .
وقبل وصولنا الى مدنين مرورا بارياف وقرى تفتقر الى المواصلات والكهرباء والماء اتينا على نقطة شرطة وهناك شرطي يمتطي دراجة نارية ولكنه كان متوقفا فحيانا اعوان البوليس وقالوا لنا عسلامتكم فردينا التحية وعرفوا من خلال النمرة الجمركية اننا حتما ذاهبون الى الجزائر فسالنا احدهم ما اذا كنا نعمل خيرا فاجبنا بالايجاب فقال والله عندنا طالب مسكين يدرس بجامعة الجزائر وكل يوم ينتظر هنا عدة ساعات كي تمر سيارة تقله دون جدوى وراه صعيب عليه باش يروح للعاصمة وراه شاب مسكين فلنا له حبا وكرامه فليأت لناخذه معنا فقال اتبعوني كي نذهب لاحضاره من البيت فسارت الدراجة النارية امامنا في ذلك الطريق الترابي المملوء بالحفر وسط تلك القرى الصغيرة او الدوارات او الدشرات كما يسموها فمشينا اكثر من نصف ساعة حتى وصلنا قرية نائية وعنما شاهدوا ان سيارة قادمةتتقدمها دراجة نارية خرج كل سكان القرية وتجمهروا حولنا حتى حضر صاحبنا ترافقه والدته ومعها حقيبة سفر كرتونية مثل الحقائب التي كنا نستخدمها ونحن صغار لوضع كتبنا والذهاب الى المدرسة كانت حقيبته قديمة مقعرة من السطحين العلوي والسفلي كما ان اطرافها مهترئة وزواياها المعدنية غير موجودة وهي عباره عن قطع معدنية توضع على زوايا الحقيبة من اطرافها الاربعة وكان ذلك الطالب يحمل بيديه سفرطاس والسفرطاس هو عبارة عن عدة طاسات قد يكون عددها اثنان او ثلاثة او اربعة على الاكثر توضع فوق بعضها البعض وعلى العلوي منها الغطاء الذي يحكم سدادها بواسطة اليد التي تعلق على جانبي السفرطاس وذلك كي ياكل على الطريق لان المسافة طويلة وبعد حوالي مائة كيلومتر او اكثر وقفنا للاستراحة واذا بصاحبنا يفتح السفرطاس الذي يحتوي على الملوخية واخواننا في تونس وشرق الجزائر يسمونها الملوخية بينما في الجزائر العاصمة يسمونها بامية وبعض المناطق بالجزائر يسمونها قنيوة كما انهم يسمون الكوسا قرع واسطوانة الغاز قرعة وزجاجة الكولا قرعة والقرع العسلي قرع وزجاجة الريحة قرعة والفاصوليا لوبيا والبازلاء جلبانه والتين كرموس والصبر كرموس النصارى والبرتقال تشينا والليمون قارس وهكذا .لكن ذلك يعتبر
باللهجة العربية الدارجة اما بالنسبة للغة الفصحى فهي تماما كما يطلق عليها بقاموس اللغة العربية .
مررنا بما يشبه البحيرة في عمق الجنوب التونسي واذا بها منطقة شط الجريد ومن عادتي ان اقترب دائما من مثل هذه المعالم كالبحر او النهر او القلعة او السد وغيرها فاقتربنا ووجدنا بعض الصيادين يقومون باصطياد الاسماك ووضعها بصناديق خشبية وتغطيتها باكياس من الخيش ثم يرتبوها بتلك الشاحنة الصغيرة المتآكله بكم بيجوطراز 203 يسمونه كاميون تمهيدا لارسالها الى السوق .
كان السفر بالنسبة لي ليس سفر ذلك العائد الى عمله على عجل وانما يعتبر السفر بالنسبة لي حتى ولو كان سفر عمل يعتبر سفرا للسياحة والتجول ويالتعرف على كل شيء وافضل دائما معرفة الارياف والاحياء العتيقة وبلاد الفلاحين ولاتغريني الاحياء الراقية ولا الشوارع الراقيه عندما اذهب الى أي مدينة اذهب الى حي القصبة فحي القصبة مثلا موجود في تونس وفي الجزائر وفي نابلس وغيرها وهو الحي الرئيس والقديم والاثري والحضاري لاي مدينة فقد ذهبت الى باريس عدة مرات لكنني ام اذهب الى شارع الشانزيليزيه بل كنت افضل الذهاب الى الحي اللاتيني حيث كان يسكن طه حسين وحيث يوجد متحف اللوفر والكوليج دي فرانس وجامعة السوربون ومكتبة سانجينفاف وتمثال اوغست كونت وكورنيش نهر السين اما في الجزائر العاصمة فكنت افضل التجول في شوارع القصبة الضيقة وباب عزون التي تذكرني بقصبة نابلس وطريق الالام في القدس وباب السيباط في جنين وشارع الناصرة وساحة الحناطير ودرج خالد بن الوليد في حيفا والسوق العتم في الدوحة وسوق المهرة في الكويت وحى القنوات في دمشق وباب البحر في القاهرة والقصبة في تونس العاصمة ....يتبع