بعد القدس، واللاجئين التصفية مستمرة للثوابت الفلسطينية بقلم:د. جمال أبو نحل
تاريخ النشر : 2018-01-11
بعد القدس، واللاجئين التصفية مستمرة للثوابت الفلسطينية  بقلم:د. جمال أبو نحل


  بعد القدس، واللاجئين التصفية مستمرة للثوابت الفلسطينية

بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب في يوم 6 كانون الأول/ ديسمبر الماضي واعترافهِ هو وإدارته بأن القدس الشريف عاصمةً (لإسرائيل)، وقيامهِ بالإيعاز لوزارة خارجيتهِ لـبدء التحضيرات لنقل السفارة الأميركية، إلى القدس المحتلة، إرضاءً للوُبِي الصهيوني؛ وكذلك إرضاءً للإنجيليين في الولايات المتحدة، والذين يعتبرون قضية نقل السفارة لا تتعلق بأمر سياسي، بقدر ما هي تتعلق بتحقيق نبوءة تمهد الطريق لعودة المسيح في الطريق إلى معركة نهاية التاريخ التي يفترض أن تقع في سهل "مجدو" في فلسطين، وسوف يقّبل اليهود "المسيح" مخلّصاً لهم بعد أن رفضوه وحاولوا قتلهُ من قبل؛؛؛ لقد استغل الاحتلال قرار ترمب بنقل السفارة والاعتراف بها كعاصمة للاحتلال!، ليتمادوا في الغطرسة والعربدة والعنجهية!، من خلال اقرار قانون إعدام الأسري الفلسطينيين البواسل في سجون الاحتلال، وكذلك العمل علي تسارع وثيرة بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في الضفة والقدس المحتلة!، مع محاولاتهم تفريغ القدس من سكانها الفلسطينيين عبر هدم بيوتهم بحجة عدم الترخيص، والخنق والاعتقال، والتضييق عليهم!؛ لقد اختلفت الأمور تمامًا بعد القرار الجائر من ترمب بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال!، ولقد بلغ السيل الزبى ، حيثُ بلغ الصلف والعنجهية الأمريكية مبلغها من خلال سعيها لإنهاء دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، من أجل تصفية وشطب قضية اللاجئين، عبر وقف المساعدات الأمريكية المقدمة للوكالة،!، ليكتمل هذا المخطط السرطاني الأمريكي الصهيوني الخبيث، عبر حجب حصة الولايات المتحدة السنوية البالغة 125 مليون دولار عن وكالة تشغيل وغوث اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، والتي تشكلت في الثامن من كانون أول 1949م، بقرار أممي بموجب القرار 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، مع العلم أنهُ لا تمتلك حكومة الاحتلال، أو الإدارة الأميركية الحق بقرار حلها قانونياً، كما أن الشعب الفلسطيني يتمسك بقضية حق العودة والتعويض للاجئين وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194، وفي إطار الحل الشامل القائم على أساس دولة فلسطينية في الأراضي الفلسطينية المحتلة 1967م، وبقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة لرعاية شؤون اللاجئين الفلسطينيين، الذين هجرتهم اسرائيل من ديارهم وممتلكاتهم بالقوة العسكرية الغاشمة، لحين عودتهم لديارهم التي هُجروا منها قسراً وعنوةً؛ لأن الوكالة ببساطة هي الشاهد الدولي الحي على جرائم الاحتلال من التهجير، إلي التطهير العرقي، والتدمير المنهجي للقرى والبلدات الفلسطينية، التي صاحبت قيام وتأسيس كيان دولة الاحتلال العنصري ""اسرائيل""؛ فهناك مخطط لتصفية القضايا الجوهرية، التي تُعتبر من الثوابت الوطنية الفلسطينية كالقدس، واللاجئين الخ..؛؛.  إن الصراع العربي الفلسطيني لم يتبقى فقط صراعاً مع الاستعمار الكولونيالي الاستيطاني المتمثل بالاحتلال الاسرائيلي، بل مع الإدارة الأمريكية المتصهينة، فُكل المؤشرات تدلل أن الصراع بدأ يأخذ منحي أخر وواضح، وهو صراع وجود، ديني وعقائدي، وليس صراع سياسة وحدود فقط!، لأن عقلية الأرعن ترمب، وكذلك نتنياهو، واليهود تستند اليوم صراحةً إلى الفكر الصهيوني التلمودي المشوه والمتطرف!، ذلك الفكر الارهابي اليميني الصهيوني، والذي ينفي حق الوجود الفلسطيني، ويعمل جاهداً لاقتلاعه وطردهِ من أرضه، عبر ذهاب غزة لمصر، وما يتبقى بعد المغتصبات بالضفة والقدس المحتلتين من أراضي، تذهب  للأردن!!؛ ومما يؤكد خطورة الأوضاع، تصريح رئيس وزراء حكومة الاحتلال نتنياهو مؤخراً حيث قال: "مقرا الكنيست والحكومة سّيكُونا في القدس المُحتلة، بغض النظر عن مسار عملية التسوية"!!. كما أكدّ وجدد الفاسد نتنياهو دعوته لتصفية وكالة (الأونروا) التابعة للأمم المتحدة، قائلاً: "الأونروا منظمة تديم مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وتُديم أيضاً رواية ما يسمى بحق العودة، ولذا يجب أن تزول الأونروا من الوجود"!!؛ فكل تلك التصريحات العنصرية، والأحداث المتسارعة وعلي رأسها صفعات العصر أو القرن لترامب!!، يتلوها الأن مجموعة من الصفعات والضربات الصهيونية والأمريكية، والتي قدّ أجهزت وقضت علي عملية الانعاش والتنفس الصناعي السريري، لكذبة عملية السلام التي ماتت وأعدمت بأيدي الأرعنين ترمب ونتنياهو!!. كل ما سبق يعُد مؤشراً خطيراً، لتصفية قضايا الحل النهائي المصيرية؛ لأن قضية القدس الشريف، واللاجئين تعُتبر جوهر الصراع والشاهد الحي على نكبة شعب فلسطين، كما أن ما يُشاع مؤخراً من مؤامرات أمريكية تُحاك من وراء الستار، من خلال ما عُرف بتسريب مجلة نيويورك تايمز: بأن مصر، والسعودية وافقتا أن تكون رام الله، أو أبو ديس عاصمة لفلسطين بدلاً عن  القدس!!، كلهُ كلام غير صحيح، وعارٍ عن الصحة، لأن موقف مصر، والسعودية الرسمي واضح ومعلن للجميع وهو حل الدولتين، والقدس الشرقية عاصمة لدولة لفلسطين.

 إن اعتراف ترمب بالقدس عاصمة للاحتلال لا يساوي الحبر الذي كُتب به وهو قرار موضوع تحت أقدام الشعب العربي الفلسطيني، كما أنهُ قرار باطل قانونًا كونه يكرس الاحتلال الاسرائيلي للجزء الشرقي من مدينة القدس الشريف المُحتلة في حزيران عام 1967م، لأن قرار مجلس الأمن رقم 478 ينص على عدم الاعتراف بالقانون الأساسي ""الإسرائيلي"" حول القدس المحتلة، ويدعو الدول التي أنشأت سفارات لها في القدس لإغلاقها، و كل إجراءات الاحتلال في القدس التي تهدف الى تغيير طابعها، ووضعها القانوني باطلة، بما في ذلك إعلانها عاصمة لها هي، إجراءات باطلة ولاغية كما أكدت على ذلك قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، خصوصا القرارات 465 و 476 و478؛؛؛ إن كل ممارسات الاحتلال العنصرية، ومعهُ الادارة الأمريكية المتصهينة لن يوقف نضال الشعب الفلسطيني وصموده الأسطوري؛ كما يقع علي القيادة الفلسطينية الأن مسؤولية كبيرة لرفع انتهاكات الاحتلال لمحكمة الجنايات الدولية، لمحاكمتهم كمجرمي حرب ومحاسبهم على جرائمهم التي ارتكبوها ضد الشعب الفلسطيني كقوة احتلال، وكذلك اعلان فلسطين المحتلة عام 1976م وعاصمتها القدس الشريف دولة تحت الاحتلال، وعلي المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته السياسية والأخلاقية، والقانونية لجلب دولة الاحتلال وجرها إلى محكمة الجنايات والجرائم الدولية للمساءلة الدولية لها، ورفع الحصانة عنها وإنهاء احتلالها، والاعتراف الكامل بدولة فلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، لذلك يتوجب علينا في جلسة المجلس المركزي القادمة بعد ايام قلائل أن تكون مصيرية وصارمة وسحب الاعتراف بالاحتلال والتوجه لإعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال مع تصعيد المقاومة بكافة أشكالها ضد الاحتلال المجرم.

الكاتب الصحفي والمحلل السياسي والوطني
الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد أبو نحل
 الأستاذ والمحاضر الجامعي غير المتُفرغ
عضو الاتحاد الدولي للصحافة الإلكترونية