تجرأَ الملعون بقلم أنس جهاد سعيد
تاريخ النشر : 2017-12-12
تجرأَ الملعون بقلم أنس جهاد سعيد


تابعتُ ردود الأفعال العربية والدولية والفلسطينية أيضاً على قرار الشجاع ] كما جعلهُ العرب[ تـرامب، بإعلان القدس الشريف عاصمة لإسـرائيل، قد أبدو في هذا المقال معلقاً على هذه الردود، ولكن سيكون لي كلمة كشابٍ يُمثل القدس جزء من عقيدتهِ.

عـلى مستوى فلسطين كانت الردود على القرار قوية شعبياً، باهتة سياسياً وتنظيمياً ودبلوماسياً، وعلى ما يبدو أنها مجرد رفع عتب، كما شاهدنا أن هناك بعض الردود التي تُدين قيادة السلطة الفلسطينية، انهالت عليها بالشتائم واللعن، وأصواتاً مطالبة بقطع جميع العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، أودُ هنا أن أطرح سؤالاً هاماً، ودعوا واقعنا يُجيبنا، مـوازنة السلطة الفلسطينية، ورواتب الشئون الاجتماعية التي يعتاش عليها الفقراء بغزة؛ من أينَ مصدرها ؟!.
ومن الردود السيئة التي شاهدنا أيضاً، ذهاب الأطفال والشباب اليافعين إلى الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة، وإن كنا بحاجة إلى مثلِ هذه ردة الفعل الشجاعة، لكننا لا نطالب بها أطفال وشباب لا يعلمون شيئاً عن تاريخ الصراع الفلسطيني الإسـرائيلي، هم فقط ذهبوا كالذي ينتصرُ لعائلتهِ في أي شجار عائلي، كان من الأولى تثقيف هؤلاء الأطفال وطنياً، زراعة القضية الفلسطينية في أفكارهم، ولا يذهبوا هباء ويكونوا فريسة لقناص صهيوني حاقد يَـتلذذُ بهدرِ الدماء.
أما على صعيد الدول العربية والخليجية بشكلٍ خاص لم نجد الردود المطلوبة التي تدافعُ عن القدس ليست كجزء من فلسطين، وإنما كمسرى للنبي الذي أُرسلَ لكل المسلمين.

عـلى أية حال قد يطرحُ مقالنا سؤالاً هاماً، ما الذي جعل الشجاع ترامب يتجرأُ على النطق بهذا القرار؟! أي شخص مُطلعْ ومتابع للتغيرات التي حدثت وما زالت تحدث للشرق الأوسط يلاحظ حالة الفرقة التي تعيشها الدول، وبشكلٍ خاص الدول العربية التي تهاجم فلسطين وعلى وجه الخصوص قطاع غزة، هذا من جانب.
من جانبٍ آخـر الحالة السياسية الفلسطينية التي تبدو هشة منذ وفاة أو اغتيال القائد أبو عمار، وأصبحت هشة بشكلٍ واضح عندما حدث الطلاق الدموي بين حركتي فتح وحماس، وعـلى مر الـ 11 عام المصطلحات التي تتصدرُ ألسنة السياسيين والناس هي "المصالحة الفلسطينية" واليوم وبرغم الحالة السيئة التي وصل إليها القدس فالمصطلح الأبرز "التمكين"، بالإضافة إلى جولات عديدة من حوارات القاهرة التي كانت كلها فاشلة منذُ الإعلان عنها، والتي كان آخـرها إعلان اتفاق في الثاني عشر من أكتوبر المنصرم الذي يعتريه فشل مبطن، كل هذه الأوضاع جعلت ترامب يمرر قرارهُ بموافقة دول عربية الجميع يعلمها.

إن كنا نبحثُ عن حلٍ جذري لكي ننال عزتنا بعد كل هذا الذل، فلا بدَ لنا أن نقف خلف قائد واحد، ولا نقوم بردات فعل فردية كإطلاق الصواريخ من فصائل المقاومة العاملة في قطاع غزة كلاً حسب مرجعيته الحزبية، فالخطوة الأولي من أي انتصار مهما كان حجمهُ رص الصف ووحدتهِ.

أخيراً الحديثُ يطول، ولكن ما يجب أن نأخذهُ بعين الاعتبار الشتائم التي سمعناها بين الشعوب العربية لبعضها البعض مؤلمة وجارحة للغاية، فهي سبب حقيقي لتمرير هذا القرار، فكان من الأولى أن يتضامنوا مع القضية ومع الحدث، وأن يحترموا عروبتهم وأدبهم وأخلاقهم. . فـلا يَـكونُ النصر إلا بهذا.