نحو مظلة صحية شاملة للجميع بقلم د. غسان شحرور
تاريخ النشر : 2017-12-11
نحو مظلة صحية شاملة للجميع بقلم د. غسان شحرور


نحو مظلة صحية شاملة للجميع    بقلم د. غسان شحرور
     يوافق الثاني عشر من كانون الأول ـ ديسمبر من كل عام اليوم العالمي "للتغطية الصحية الشاملة"، والذي يعني بكل بساطة العمل المجتمعي من أجل ضمان حصول جميع الناس على الخدمات الصحية التي يحتاجونها بما فيها الخدمات الصحية التعزيزية والوقائية والعلاجية والتأهيلية والملطفة، والجيدة بما يكفي لأن تكون فعّالة، دون أن يتسبب ذلك في حدوث عجز مالي لديهم.  لاشك أن تحقيق ذلك يتطلب نظاماً صحياً قوياً وفعالاً وإدارة جيدة تفي بالاحتياجات الصحية ذات الأولوية من خلال الرعاية المتكاملة التي تركز على الناس، وتأخذ بعين الاعتبار حاجات جميع مجموعات السكان في كل مجتمع.
    إن للتغطية الصحية الشاملة تأثير مباشر على حياة السكان بكل جوانبها  الصحية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، لذلك تعد "التغطية الصحية الشاملة" عنصرا أساسيا لتحقيق التنمية المستدامة والحد من الفقر، وعنصرا ضروريا في أي جهد يسعى إلى تقليل الفوارق الاجتماعية.
يتضمن هذا التعريف ثلاثة أهداف رئيسة:
●    الإنصاف في الوصول إلى الخدمات الصحية – أي أنه ينبغي لمن يحتاجون هذه الخدمات أن يحصلوا عليها، وليس فقط من يستطيعون دفع تكلفتها؛
●    أن تكون نوعية الخدمات الصحية جيدة بما يكفي لتحسين صحة من يتلقون هذه الخدمات؛
●    الحماية من العجز المالي – أي ضمان أن تكلفة الرعاية لن تسبب مصاعب مالية تهدد معيشة المجموعات السكانية الأقل دخلا.

    تستند "التغطية الصحية الشاملة" بقوة إلى "دستور منظمة الصحة العالمية" والذي أعلن في عام 1948 بأن الصحة هي حق من حقوق الإنسان الأساسية، وكذلك إلى شعار "الصحة للجميع" الذي حدده إعلان ألما-آتا في عام 1978 بإجماع دول العالم. وتزداد الحاجة إليها عند المجموعات الواقعة خارج مظلة "التغطية الصحية الشاملة" لاسيما العاملين في القطاع الأهلي أو الخاص وغيرهم كالأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن.
   في بلادنا العربية تزداد الحاجة إلى مظلة "التغطية الصحية الشاملة" بسبب افتقار مجموعات كبيرة في المجتمع للخدمات الصحية الشاملة ليس فقط في البلاد التي تشهد نزاعات مسلحة والبلاد ذات الدخل المنخفض بل أيضا في البلاد مرتفعة الدخل حيث العمالة الوافدة والتباين بين مجموعات السكان وغيرها. إن غياب "التغطية الصحية الشاملة" جزئيا أو كليا يشكل تحديا كبيرا أمام جهود الحد من الفقر وتحقيق التنمية المستدامة وفق رؤية ٢٠٣٠.
رغم المشاركات العربية في العديد من الفعاليات العالمية والإقليمية التي نظمتها منظمة الصحة العالمية مثل:
- التوجهات الاستراتيجية لتحسين تمويل الرعاية الصحية في "إقليم شرق المتوسط": التحرك نحو توفير التغطية الشاملة 2011 – 2015.
- الاجتماع الإقليمي بشأن التعجيل بإحراز تقدم نحو "التغطية الصحية الشاملة": الخبرات العالمية والدروس المستفادة في إقليم شرق المتوسط، 5-7 كانون الأول/ديسمبر 2013.
- حلقة عمل بشأن بناء القدرات في مجال النظم الصحية نحو تحقيق "التغطية الصحية الشاملة".
- تقرير المشاورة الإقليمية بشأن إشراك القطاع الصحي الخاص في التعجيل بإحراز تقدم نحو "التغطية الصحية الشاملة".
 وكذلك غيرها العديد من التقارير والدراسات، فإن هذا الموضوع الحيوي لايزال محدودا في السياسات الصحية الموضوعة وفي برامج التشاركات الحكومية والأهلية مع القطاع الخاص، هذه التشاركات التي تشكل حجر الزاوية في طريق تحقيق "التغطية الصحية الشاملة".
     في هذا اليوم، اليوم العالمي "للتغطية الصحية الشاملة"، تكاد تغيب الفعاليات الإعلامية، والصحية والبحثية في منطقتنا العربية عن مشهد الفعاليات العالمية العديدة التي تقام بهذه المناسبة في جميع أنحاء العالم لرصد ماتم تحقيقه من انجازات، الأمر الذي يدعونا كمؤسسات حكومية وخاصة ومنظمات المجتمع المدني إلى بذل المزيد من الجهود وبناء التحالفات التشاركية لاستكمال مظلة "التغطية الصحية الشاملة"، فالتنمية المستدامة في المجتمع لايمكن أن تتحقق ما لم ينعم بالصحة الجميع.