ترمب يؤسس للحركات الإسلامية المتطرفة بقلم : د. علي الأعور
تاريخ النشر : 2017-12-07
ترمب يؤسس للحركات الإسلامية  المتطرفة بقلم : د. علي الأعور


ترمب يؤسس للحركات الإسلامية  المتطرفة
بقلم : د. علي الأعور*
لم يكن قرار الرئيس الأمريكي  ترمب  جديدا فيما يتعلق بنقل السفارة  الامريكية  الى القدس مما يعني اعتراف  الولايات المتحدة الامريكية  بالقدس عاصمة لإسرائيل . ومهما يكن من امر  فان قرار ترمب لن يغير من معالم  وتاريخ وحضارة القدس  بهويتها الفلسطينية والعربية والإسلامية ، لن ينقل  المسجد الأقصى  المبارك ومدينة القدس بأسوارها  ومآذنها  وقبابها  وقبة الصخرة  بتاريخها الإسلامي  الى كوكب المريخ ولن يستطيع ترمب بنقل كنيسة القيامة  ومدينة القدس بكنائسها  واجراسها الى كوكب  زحل ، ستبقى  القدس  بعروبتها  وهويتها العربية  الإسلامية عاصمة لدولة فلسطين.
ولكن المهم  في الامر ، فان ترمب والإدارة الامريكية  ومعها الحكومة الإسرائيلية  قد تعرف الأنظمة العربية  والإسلامية  وتعرف ماذا يتحدثون وماذا يعلقون وماذا يصرحون ولكنهم أي الامريكان والإسرائيليين لا يفهمون ثقافة العرب والمسلمين ، لا يفهمون  ماذا تعني  القدس للفلسطينيين والعرب والمسلمين  في هويتهم وفي دينهم الإسلامي  وفي فكرهم ، لا يعرفون ولا يفهمون ماذا يعني المسجد الاقى المبارك  للمسلمين في الدين الإسلامي  في قرأنه وسنة نبيه   بروحانيته وفي كل شبر من مساحته  وفي اكناف بيت المقدس.
منذ الخمسينيات  من القرن الماضي  طرح نفسه الإسلام السياسي  نفسه بديلا للدولة الوطنية او القطرية او القومية وخصوصا بعد احتلال القدس والضفة الغربية  وقطاع غزة في الرابع من حزيران عام 1967،  على اعتبار ان الأفكار القومية والوطنية لم تحقق أهدافها القومية  وبالتالي بدا الإسلام السياسي  يؤسس له قاعدة جديدة من الجماهير العربية والإسلامية  ولكن الإسلام السياسي في تبك الفترة تميز بالوسطية  وابتعد عن العنف  والعمل العسكري واستمر في الدعوة الإسلامية وتربية الفرد وبناء المجتمع وقبل بالتبادل السلمي على السلطة  عن طريق الانتخابات وقبل  بالنظام الديموقراطي كأساس  لبناء الدولة  الحديثة  في مواجهة الحركات الإسلامية  المتطرفة والتي تؤمن بالتغير من خلال العمل العسكري .
اما اليوم وبعد قرار ترمب بنقل السفارة الامريكية الى القدس فإنني اعتقد ان ترمب  أراد ان يؤسس لمرحلة جديدة من العنف والأفكار المتطرفة وهو بذلك يعمل  على تأجيج  مشاعر المسلمين  ويعمل على بناء قاعدة  جماهيرية لأصحاب الفكر الإسلامي المتطرف حيث يطرح أصحاب الإسلام السياسي  المتطرف انفسهم بديلا  للإسلام الوسطي  ويعتبرون ان فكرهم  هو  الذي ثبت صحته وصوابه امام السياسة الامريكية  الجديدة في الشرق الأوسط  وقد كانت خطوة ترمب  وقراره  قد قضت على كل  فرص السلام  ولم يعد هناك إمكانية  للعودة الى المفاوضات لأنه لم يبق شيء للتفاوض من اجله.
بلفور2-11-1917،  صنع تاريخا مشؤوما لنفسه قبل مائة عام واليوم يأتي ترمب بقرار   يتحدى فيه كل مشاعر الفلسطينيين والعرب والمسلمين ، وانني  اعتبر ان هذا القرار سوف يؤسس لمرحلة جديدة  من الفكر والايديولوجيا المتطرفه التي تعم العالم العربي والإسلامي  وسوف يعرف  ويفهم ترمب الثقافة العربية والإسلامية  بعد فوات الأوان.
وللتو انا عائد من جامعة هارفارد في الولايات المتحدة الامريكية  وقد شاركت في مؤتمر اكاديمي  حول الصراع  على القدس والمسجد الأقصى المبارك وقد اكدت للاكاديميين  الامريكان  والإسرائيليين  في المحاضرة التي قدمتها" ان القدس  والمسجد الأقصى بهويتها الفلسطينية والعربية والإسلامية  وستبقى عربية إسلامية  ولن يتمكن  الاحتلال الإسرائيلي من تغيير هذا الواقع لان العلاقة التي تربط العرب والمسلمين والفلسطينيين  هي علاقة وطنية  ودينية وهي ترتبط بالعقل والفكر والثقافة العربية الإسلامية لكل عربي ومسلم.
عليه ...فإنني اعتبر ان القرار سوف يضر الشعبين  الفلسطيني والإسرائيلي  وان كان  اليمين  والليكود بزعامة نتانياهو او البيت اليهودي بزعامة  بينت،  قد صفقوا واحتفلوا للقرار  فان الشعبين سوف يخسرون فرصة تاريخية  كانت سانحة لتحقيق السلام العادل والشامل  على أساس حل الدولتين ، دولة فلسطين  وعاصمتها القدس الشرقية  الى جانب إسرائيل وانهاء الاحتلال.
باحث ومختص في القدس والمسجد الأقصى
[email protected]