صح النوم!بقلم:راشد فايد
تاريخ النشر : 2017-11-21
قفا نحك                                   صح النوم!

اجتماع وزراء الخارجية العرب، الأحد الفائت، لا يبدو أنه كان يستحق أن يكون طارئا. فعدا ذكر دور "حزب الله" في إذكاء حروب المنطقة بالتدريب والتسليح، وحتى بالمشاركة، من سوريا إلى البحرين واليمن، فإن النقاط الـ15، التي انتهى إليها، ليست سوى إعادة سرد لما يعرفه أي مواطن في دنيا العرب، عن تدخلات ايران في المنطقة، منذ خرج الإمام الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية، بشعار تصدير الثورة الإيرانية.

يكاد سامع نص البيان الختامي، أو قارئه، أن يصيح بالوزراء الكرام أن ويحكم أين كان غيابكم الكريم؟ فهل احتلت ايران، اليوم، الجزر الثلاث، التي نكاد ننسى أسماءها، أم أن تدخلها في البحرين بدأ الليلة السابقة على المؤتمر، أو أن توجهها المذهبي لم ينكشف قبل خطبة الجمعة الأخيرة في جامع طهران الكبير؟

ربما لم يتلمس الوزراء العرب أي نيات مبيتة لدى ايران تجاه منطقتهم يوما برغم الحرب العراقية –الإيرانية (1980- 1988) التي كانت أساسا قرارا عراقيا إتخذه صدام حسين لحمايتهم، وببركة منهم وتأييد، ودعم. وكان ذلك ردا على تبلور أطماع طهران وتهديدها المباشر للكويت.

تغاضى العرب، أو تعاموا، عن النيات الإيرانية، منذ حرب الخليج الثانية، واستمروا كذلك، حين الإحتلال الأميركي للعراق، ودخول "رسل" الجمهورية الإسلامية تحت أجنحته، ثم إنقلابهم عليه، حتى حصره في "المنطقة الخضراء" في بغداد. ويوم دخل باراك أوباما البيت الأبيض، لم يلفتهم استراتيجيته التي أدت إلى التساهل مع الهيمنة الإيرانية.

في 19 كانون الثاني 2009 دعا المرحوم الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في القمة الاقتصادية العربية في الكويت، الزعماء العرب إلى نسيان الخلافات والماضي، والبدء بعهد جديد من أجل الأمة ورصاً لصفوفها وتوحيدا لجهودها. وخاطب الزعماء العرب  "باسم شعوبنا أن نكون أكبر من جراحنا ونقف موقفا مشرفا يذكرنا به التاريخ". وخاطب الفلسطينيين "فرقتكم أخطر عليكم من عدوان اسرائيل" ودعاهم الى التعاضد، وإلى «إنهاء كافة الخلافات بين الأشقاء العرب بلا استثناء"، ورسم مقياساً جديداً للزعامة هي "الفروسية النبيلة التي تتسامى على الجراح، ليكتب التاريخ أن هذه الأمة لها رجالها".

كان أبرز المشمولين بالمصالحة بشار الأسد، وأبرز نتائجها زيارة الرئيس سعد الحريري لدمشق، فتشكيله حكومة الثلث الضامن التي أسقطها جماعة الأسد لاحقا. ألم يكن ذلك مؤشرا إلى مدى عمق العلاقة الأقلوية  بين الأسد وطهران التي عرض الملك عبدالله على الأول فض الرباط معها وتعويضه عن أي خسائر تصيب دمشق؟ ألم يكن في ذلك ما يؤكد مرامي طهران البعيدة التي سردها بيان الوزراء؟

يكاد المرء يقول للمجتمعين في القاهرة "صح النوم" لولا أن الأمل يسمح بالتكهن أن المؤتمر قد يكون مضبطة اتهام يستند إليها لمحاكمة دولية تنهي السعي الفارسي للهيمنة.

راشد فايد                                                          [email protected]              بيروت في21 تشرين الثاني 2017