دور الإعلام وضحايا داعش في هزيمة " خلافتها"بقلم: د. كاظم ناصر
تاريخ النشر : 2017-11-17
دور الإعلام وضحايا داعش في هزيمة " خلافتها"بقلم: د. كاظم ناصر


انهارت " الدولة الاسلاميّة في سوريا والعراق" أو " خلافة داعش" بسقوط المدن والقرى التي حكمتها بأساليب بربريّة يرفضها العالم أجمع. في عام 2014 كانت داعش تسيطر على 100,000 كيلو متر مربع من الأراضي العراقية والسورية وكان يعيش في " دولة خلافتها " 11 مليون إنسان، و 40000 مقاتل أجنبي من 120 بلدا، أي ان شبابا من ثلثي دول العالم تقريبا كانوا يقاتلون تحت لواء المنظمة، ويأتمرون بأوامر جنونها، ويعيثون في الأرض التي كانت تسيطر عليها فسادا باسم قوانينها " الربانيّة المزعومة " التي لا علاقة لها بأي دين أو مشاعر إنسانيّة.
سقطت دولة داعش ولكنّها لم تنتهي من الوجود، وربما لن تنتهي لأنه ما زال لها كوادرها وانصارها في الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا، ومن المتوقّع ان تتحوّل إلى العمل السري، وقد تتفرّع عنها منظمات إرهابية جديدة لأن أعداء أمتنا الذين اوجدوها سيوجدون غيرها !
لقد انتصرت الجيوش على داعش وطردتها من المناطق التي احتلّتها، إلا أن الأبطال الذين لعبوا دورا هاما بتحقيق النصر كانوا المسلمين والمسيحيّين والأقلّيات وأتباع المذاهب الأخرى العزل الذين عارضوها بصمت وصبر، ورفضوا ظلمها وتخلّفها وتعصّبها الديني وارهابها، وكسبوا عطف العالم وتأييده، ومهّدوا الطريق لهزيمتها والتخلّص من حكمها باتّصالهم بوسائل الاعلام وفضح ممارساتها البربريّة.
داعش عزلت المناطق التي كانت تسيطر عليها عن العالم، ولكنّها فشلت في حجب ممارساتها اللاإنسانية عن وسائل الإعلام والصحفيين الذين أوصلوا تلك الممارسات للرأي العام في كل مكان من خلال المقابلات التي أجروها مع الضحايا الذين عاشوا تحت فظاعة حكمها، وهربوا وتكلّموا بصوت عال عن تجاربهم وقصصهم الشخصيّة ومشاهداتهم لممارساتها الرهيبة، فكان ثنائي الإعلام والضحايا من أهم أنواع الاسلحة التي استخدمت لفضح أعمالها الوحشية وهزيمتها.
إن المنظّمات الدينيّة التي حملت السلاح وأقامت دولا كدول طالبان وداعش قد فشلت فشلا ذريعا بعد وصولها إلى الحكم لأنها لا تفهم العالم الحديث القائم على العلم والثقافة والتجدّد والتجديد والحريّة، ولا تنتمي اليه، ولا تستطيع التعامل معه والعيش فيه، وأثبتت من خلال ممارساتها في الحكم أنها لا تصلح لإقامة دول حديثة .إنها لا تدرك أن فلسفاتها السياسية قد عفى عليها الزمن ولا يمكن تطبيقها في عالمنا المعاصر لأن المواطنين يرفضون التقوقع والانغلاق والتخلّي عن حرياتهم وأنماط حياتهم كما تريدهم تلك المنظمات الدينية المسيّسة أن يفعلوا.
الله هو رب الجميع، والاديان أديان الجميع، واحترامها جميعا واجب على الجميع، وإنها ليست حكرا على مجموعة دينيّة معيّنة تدّعي بانها هي الوحيدة الصالحة والحامية للدين والأخلاق. إن الذي يحمي الأخلاق والمجتمعات، ويظهر الوجه الناصع للديانات هو الحريّة وعدم الخوف، وفهم الآخر المختلف فكرا وثقافة، والتسامح واحترام معتقدات الناس جميعها.