الفساد وخطاب الكراهية بقلم:احمد محمود سعيد
تاريخ النشر : 2017-11-17
الفساد وخطاب الكراهية بقلم:احمد محمود سعيد


الفساد وخطاب الكراهية
ليست هي الاردن فقط او فلسطين او العراق من تلفحها نيران الفساد وتأكل خيراتها وتهدر مواردها بل هي جميع الدول العربية بلا إستثناء ينخر فيها الفساد حتى العظم ويعبث فيها اللصوص والفاسدين أيّما عبث وتعشعش فيها افاعي الظلام وخفافيش الليل وغربان النهار وتنهار فيها القِيم والأخلاق إلى الحضيض .
و كلمة فساد تجميع لأول حرف من كل كلمة في جملة (فن سرقة أموال الدولة) والدولة تضم عادة الوطن والمواطنين وحقوقهم ومكتسباتهم واحاسيسهم فماذا يتبقّى للمواطن الغلبان غير الجسد الهزيل والشعور بالإحباط والهوان .
صورة هي ليست بالقاتمة فقط وانما يزيدها سوادا النفاق الذي يعيش فيه الناس خاصة في الدول الموصومة بالفقيرة بحيث تبدوا الصورة في بحبوحة بينما الحقيقة غير ذلك فهي ممزوجة بين الاقتراض الشخصي والبنكي وقضايا النصب والاحتيال والبورصات الوهمية وغيرها من افلام.
دول فقيرة الموارد حيث ان نفطها هو دم اطفالها وذهبها هو زنود شبابها وقمحها هو حكمة شيوخها والطبقة المتربعة على عرش الفساد فيها تسلب بسمة اطفالها وتحبط همم شبابها وتشوّش حكمة شيوخها لتصل الى مبتغاها الذي تريد.
فما اسوأ الشعوب التي تعيش على الوهم والدول التي تُبنى بقروض جلاّديها والأمم التي تتباهى بتقدُّم وصناعة وحضارة غيرها بينما هي تتمزّق بتفرُّق شعوبها وحروبهم الطاحنة فتلك شعوب ودول وأمم تعيش آخر أيّامها وفي طريقها للإنقراض ليستبدلها الله بخيرِّ منها .
أمّا نحن في عالمنا العربي والكثير من دول العالم الثالث فقد بدأنا بالإنقراض منذ زمن ليس بالقصير وبدأنا نآكل بعضنا بعضا كما تفعل بعض المخلوقات عندما تجوع تأكل ابنائها .
أمّا خطاب الكراهية التي تعمل الدول ومنها بلدنا لتغيير التشريعات المتعلِّقة به لتجريم خطاب الكراهية وتغليظ العقوبات لمن يحضُّ على الكراهية من ناحية إجتماعيّة اوشخصيّة او مذهبيّة او دينيّة او وطنيّة او غير ذلك والتشريعات تميل الى إعطاء الصلاحية للقضاء لكي يبت فيما إذا كان اي تصرف او تصريح يندرج تحت خطاب الكراهية ويستحق العقوبة المنصوص عليها في القانون ام يكون بريئا وتصرُّفه يندرج تحت بند حريّة الرأي وهذا مسموح بالقانون .
ان التطوُّر الهائل في وسائل الإتصالات الحديثة والتوسُّع في تطبيقات الشبكة العنكبوتية والهواتف الذكيّة ووسائل الإعلام المسموعة والمرئيّة وسرعة وصول الكلمة من مصدرها للمتلقّي تجعل من الضرورة تنمية قدرات بعض القضاة في مجال تكنولوجيا المعلومات والإستعانة بالمتخصِّصين في هذا المجال ليكون قرار القاضي عادلا وفي مصلحة التشريع الذي وُجد من اجله القانون ويكون رادعا للغير ومانعا اومخفِّفا لتكرار حصول هكذا جريمة في المجتمعات المحليّة .
وأمّا دولنا الضعيفة تخشى ان تقترب من جرائم الدول الكبرى في ممارسة خطاب الكراهية ضد الدول الأخرى وكمثال صارخ تلك الإشاعات التي بثّتها امريكا ضد افغانستان والعراق وغيرها من دول وتلك الأكاذيب التي تطلقها اسرائيل ضد الفلسطينيِّين وبعض الدول العربيّة بقصد خلق حالة من كراهية المجتمع الدولي لتلك الدول والشعوب والتي تكبّدت مئات الألوف من القتلى والجرحى والمعاقين إضافة لدمار دول بحالها وتفقير شعوب وسرقة ثرواتها وكلُّ ذلك ضمن معزوفة الحرب على الإرهاب والتي اكتملت بتشكيل مجموعات ارهابيّة مسلّحة احتلت اراض ودمّرت حضارات واغتصبت النساء وغير ذلك من جرائم بحق الشعوب وكل ذلك نتيجة خطاب الكراهية التي تبثُّه بعض الدول العظمى ضدّ دول وشعوب اخرى وتشجِّع على الإقتتال الداخلي وتنمّي درجة خطاب الكراهية الإقليميّة والقوميّة والعرقيّة والمذهبيّة والدينيّة وتبذل لأجل ذلك المال والسلاح وتسخِّر الإعلام وكافّة الأدوات المتاحة لذلك .
اليس ذلك الخطاب هو اسوأ انواع الفساد لأنّه يولِّد الكراهية بين الدول والشعوب اتباع الديانات المختلفة والعرقيات المتنوِّعة في المجتمع الواحد او الدول المتحدة او الأمة الواحدة بقصد التفريق او تعظيم نزعة الإنفصال او الإنسلاخ عن الأصل .
وخطاب الكراهية هو اسوأ انواع الفساد وهو النقيض لزرع بذور السلام والمحبّة بين الشعوب في عقول الأطفال والكبار لينموا جيلا يستطيع قيادة العالم ويكون قدوة للمواطنين يزرع المحبّة ليقطف ثمار السلام بين الشعوب والأمم .
اللهم احفظ وطننا ارضا وشعبا وقيادة والهمنا الصلاح والصبر لننشرالمحبة والسلام في ربوع الوطن والشعوب الأخرى .
احمد محمود سعيد
البناء الأخضر للإستشارات البيئيّة
[email protected]
16/11/2017