الوثيقة الحلم ... وشهيد الإستقلال ..بقلم أماني كساب
تاريخ النشر : 2017-11-14
الوثيقة الحلم ... وشهيد الإستقلال ..بقلم أماني كساب


الوثيقة الحلم ... وشهيد الاستقلال ... بقلم أماني كساب

بذاكرة طفلة قوية ، لازلت اذكر ملامح أبي وأمي وهم متسمرين ويستمعون بكل اهتمام وتركيز الى صاحب الكوفية السمراء ذو البزة العسكرية الذي يطل علينا من شاشة التلفاز، صوته كان يصدح بكلمات لم أفهمها حينها ، مازالت ذاكرتي ترسم
لحظة الفرح التي غمرت بيتنا الصغير في تونس لحظة الاعلان مجهول المعاني بالنسبة الى طفلة لم تتجاوز الثامنة من العمر .

بعد سنوات طويلة أدركت عبئ الحلم ومعنى تلك الكلمات الرنانة وسر ذلك الصوت وصداه واسباب البهجة والسرور الذين غمرا بيتنا ، علمت معنى أن تكون رازحا تحت ظلمات احتلال لا يرحم ، يقف حائلا بيننا وبين تحقيق الحلم وتجسيد كلمات وثيقة
الاستقلال ... الوثيقة الحلم .
أمير الكلمة الراحل محمود درويش وفارس النضال الوطني الثوري أبا عمار ، يلتقون على أكثر السطور البشرية قدسية واعلنوها وثيقة تحمل امنيات شعب كامل بالتحرر والاستقلال كلمات خطوها على خيام اللجوء وبصوت زلزل اركان الظلام بسم لله وباسم الشعب العربي الفلسطيني اعلن قيام دولة فلسطين فوق ارضنا الفلسطينية ، صداها باق في اذني كغرس شجرة زيتون في تراب الفلسطيني كلما مر عليها العمر تتشبث جذرها بالأرض اكثر .
صوته يحمل في رنينه هيبة تقشعر لها الأبدان ، ذلك الرجل " الختيار" الذي لم يتردد لحظه بأن يقضي عمره وايامه حاملا في اظلاع صدرة حلما راود شعب بأكمله .والوثيقة الحلم التي كتبت بدماء الشهداء والجرحى وعذابات الأسرى وبإصرار
شعبنا الفلسطيني على نيل حريته واستقلاله ، استند فيها ابو عمار الى حق الشعب الفلسطيني الى تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
جاءت وثيقة الاستقلال التي مر على اعلانها تسعة وعشرون عاما والتي اعلنت من الجزائر منسجمة مع قرارات الشرعية الدولية الاثر الذي اكسبها قوة دعم هائلة ممهدة الطريق لوقوف العديد من الشعوب ودول العالم الى جانب الحق الفلسطيني .
لذا كان لابد من استثمار هذا الدعم بشكل قوي لتحقيق أهداف ثورتنا على طريق تحويل هذا الاعلان الى حقيقة واقعة على الارض، وها نحن اليوم نحتفل بذكرى الاستقلال على اجزاء من أرض فلسطين التي كان من المستحيل مجرد التفكير في ان تطئ اقدامنا ارضها يوما ، ولكنه تحقق وبدأنا بالمسير قدما خطوة بخطوة نحو تحقيق حلم الاستقلال و التحرير .

ولكن شاءت الاقدار ان يسبق تاريخ استشهادك ابا عمار ذكرى وثيقة الاستقلال بأيام معدودة، كأن لسان حالك يقول سأبقى اذكركم واذكر جميع اجيالكم بأنني بذلت روحي فداء لتحقيق حلمنا بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ..
هو التاريخ من سيدفن أسماء من عادوك ، وهو نفسه سيخلد إسمك شهيد الاستقلال ..
سيدي وأبي وقائدي يا حارس أحلامنا وشهيد استقلالنا وفارسنا أبا عمار هنيئا لك ذكرى اعلانك لوثيقة استقلالنا ...