زلزال أم تفجير نووي باطني الخطر النووي الايراني الجاثم على صدر العراق والمنطقة
تاريخ النشر : 2017-11-14
زلزال أم تفجير نووي باطني
الخطر النووي الايراني الجاثم
على صدر العراق والمنطقة

ا.د. عبد الكاظم العبودي
استاذ التعليم العالي مختص بالاشعاع

يفتح حادث الزلزال الكبير الذي هز العراق وايران والشرق الاوسط مساء 12 تشرين الثاني/ نوفمبر  2017 مجالا كبيرا للقلق والخوف من تكراره سواء كان اهتزازا طبيعيا بباطن الارض او بسبب تفجير نووي باطني ايراني تم اجراءه في عمق الارض.
لنذكر مرة اخرى ان التجارب النووية الباطنية غالبا ما تحتاج الى مناطق وكهوف وخنادق تتوافر في عمق جبال تكون صخرية جرانيتية، وتتوفر فيها ظروف الصلابة وامكانيات التحكم والانغلاق حال حدوث التفجير النووي.
لقد درست وتابعت وكتبت على مدى اكثر من ربع قرن عن سلسلة التجارب والتفجيرات النووية الفرنسية في جنوب الجزائر منتصف الستينيات من القرن الماضي والتي اجريت في منطقة جبلية تسمى جبل تاوريرت بمنطقة اينيكر " عين إيكر"  بولاية تمنغست جنوب الصحراء ، تسببت بدمار شامل وكوارث اشعاعية  مستمرة الى اليوم بالمنطقة.
 بعض التجارب النووية الفرنسية الباطنية واهتزازاتها المدمرة خرجت من عمق الجبال،  ووصلت باتربتها وصخورها وموادها المشعة حتى الى اراضي ليبيا  شرقا والجنوب الجزائري ،عندما فشل الفرنسيون، اكثر من 5 مرات من التحكم فيها ، وكانت رداتها الاهتزازية تسجل على بعد( 650- 1200 ) كم من موقع التجربة، والتي سجلها العالم الفرنسي ، مدير المشروع النووي الفرنسي ايف روكار بنفسه.
 وبالطبع، كل التجارب النووية السطحية او الباطنية تكون معرضة للاخطاء،  ويمكن ان تخرج عن نطاق التقدير الدقيق المحسوب لها ، وحتى صعوبة السيطرة عليها، داخل الارض وحتى خارجها .
وفي الحالة الايرانية طالما توجهت الانظار بالشكوك في منشئة كرمنشاه النووية الايرانية، ومفاعل بوشهر الايراني في الضفة الشرقية من الخليج العربي، بمنطقة المحمرة في الاحواز العربية المحتلة ، تقع كلها في منطقة زلزالية معروفة ومحددة من قبل علماء الجيوفيزياء ومختصي الزلازل.
وسواء كان الزلزال او التجربة النووية الايرانية  الباطنية وما شهده العالم من خراب وضحايا في ايران والعراق ، يعيد السؤال الهام والمتكرر حول قضايا السلامة النووية ،  ولا شك ان الجميع  من المعنيين بمثل هذه الامور باتوا محرجين الآن عن الكشف عنها بكل صراحة امام العالم، واولهم دور  الولايات المتحدة الامريكية وروسيا واوربا وكذلك ايران المعنية الاولى بامر كل هذه الاخطار.
 الجانب الايراني، ساكت اليوم تماما عن اخطار مثل هذا الزلزال  وقبله مرات عديدة ، ويكتفى الجانب الايراني  بالحديث الشكلي عن الهزات ودرجتها وتعداد الضحايا واسعاف منكوبي الزلزال... الخ.  
وفي الوقت نفسه لم يسمح للاعلام التوجه الى النقاط الحرجة من مناطق الزلزال القوية،  وكذلك فان التسريبات والتصريحات الاخرى حول الرصد الزلزالي غالبا ما تشتت تركيز الرأي العام المحلي والدولي ، عندما  تثير كثيرا من الشبهات والنقاط الأهم حول جوهر وخطورة هذا الموضوع. المهم بالامر والمطروح اليوم ، السؤال الاهم :

 هل تأثرت المنشئات النووية الايرانية من هذه الزلازل ،  وما مستوى قدرات ايران في توفير ابسلامة النووية لمنشئاتها والتحكم في حالة التسرب الاشعاعي المحتمل بسبب اي حادث نووي سواء بالقصف او التجارب الخاطئة او حتى حدوث الزلازل والفيضانات وغيرها.
 ولنا من حادث فوكوشيما وقبلها تشرنوبيل دروس معتبرة حول  اخطار مستويات التلويث النووي والاشعاعي الناجمة بسبب الحوادث النووية او حتى عند التعرض الى الزلازل الطبيعية والفيضانات مثل التسانومي.
هذه ليست المرة الاولى ان تتعرض مناطق شرق العراق وخاصة مناطق شمال العراق الشرقية الى هزات زلزالية مصدرها ايران ومنذ سنوات، رغم ان العراق قد عرف تاريخيا انه خارج نطاق احزمة الاهتزازات الزلزالية.
 هذه المرة اجتاحت الهزة كامل العراق وصولا الى شمال الجزيرة العربية وبعض دول الخليج وجنوب تركيا. وفي كل الاحوال فان المناطق المعرضة للزلازل والفيضانات يجب ان تكون خالية من المنشئات النووية ، مثل منطقة كرمنشاه وغيرها من المفاعلات النووية التي تطل على شرق العراق وتقابل الخليج العربي كالمفاعل النووي الايراني الرئيسي في بوشهر،  الذي تصل ملوثاته الاشعاعية الى مياه الخليج العربي ومناطق اهوار العراق الجنوبية.
ان مراجعة كل هذه الامور يجب ان توضع قضايا مصير حياة وشعوب هذه المنطقة امام العالم ودعوة ايران الى الكف عن عبثها وتحميلها المسؤولية التامة عن ما يجري وخاصة الزامها بالمراقبة المستمرة وتوفير كل ما يتعلق بالسلامة النووية.

ا.د. عبد الكاظم العبودي
استاذ التعليم العالي مختص بالاشعاع