السّلام الموعود و الطريق المسدود!!بقلم : خالد السباتين
تاريخ النشر : 2017-11-14
السّلام الموعود و الطريق المسدود!!بقلم : خالد السباتين


السّلام الموعود و الطريق المسدود ... !!

السّلام كلمة بسيطة في تكوينها معقّدة وعميقة في معناها فقد أمرنا الله بالسّلام و أرسل رسله لإحلال السّلام بين الشعوب ففي يوم فتح مكّة دخل الرسول صلّ الله عليه و سلم بعشرة آلاف مقاتل كان بإستطاعته أن يبيد مكّة بمن فيها من المشركين لكنه أمّن الناس في دقائق و فضّل نشر السّلام بدلاً من القتال فهذا منطق النّفس البشرية التي تميل للعيش بأمان و طمأنينة فالسّلام قبل أن يكون إتفاقيات حبر على ورق في عدة بنود يجب أن أن يكون فكر و ثقافة و عقيدة يؤمن بها الجميع لأن السّلام لا يولد في المؤتمرات الدولية و إنما يولد في عقول الناس و قلوبهم و أفكارهم على عكس الصهاينة المحتلين الذين يفضلون مبدأ إراقة الدماء و الدمار و القتل و نقض العهود على كل شيء ....
 
كانت القضية الفلسطينية تتربع على سلّم أولويات الدول العربية حتى ظهور الربيع العربي و الخلافات التي عصفت في الوطن العربي و الحروب الدامية التي أعادت القضية الفلسطينية الى الوراء متجاهلين بذلك أن أصل الارهاب و جوهره هو الاحتلال الاسرائيلي و أن المنطقة لن تنعم بالهدوء دون العمل على إيجاد حل عادل و دائم للقضية الفلسطينية و إخراجها من عنق الزجاجة فاليوم تنزلق القضية نحو منعطفٍ خطير جداً تعاني فيه من سياسة الفصل العنصري و تهويد الأراضي و توسيع بناء المستوطنات و العبث بالمقدسات     و أضف على ذلك محاولتهم لإشعال فتيل الحرب الدينية ...

و مع إنسداد الأفق لعملية السّلام و دخولها مرحلة الموت السريري و فشل جميع محاولات إنعاشها بدأت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسم الخطوط العريضة للإتفاق الذي دام إنتظاره و الذي من المتوقع أن يتم الإعلان عنه في بداية العام القادم لكن لا أحد يعرف مضمون هذا الاتفاق هل ينص على دولتين  ؟؟ هل ينص على دولة واحدة و حقوق متساوية  ؟؟ هل ينص على دولة مفتوحة الحدود ؟؟ هل ينص على دولة خارج حدود الدولة ؟؟ في الحقيقة لا أحد  يعلم حتى اللحظة لأن ملامح الخطة لم تظهر بعد ...

تعاقبت الحكومات الأمريكة الواحدة تلو الأخرى و الرئيس تلو الآخر منذ إحتلال اليهود لفلسطين حتى وصل عدد الرؤوساء الذين حكموا أميركا 14 رئيساً جميعهم قدموا الوعودات لإقامة دولة فلسطينية و إنهاء الإحتلال و كان آخرهم صاحب الصفقات و رجل المهمات الصعبة الذي أخذ على عاتقه إنهاء هذا الصراع الذي دام قرابة القرن فقام بتشكيل فريق مسؤول عن عملية السلام و كيفية تحريكها وصولاً الى حل عادل للقضية يضمن حقوق الطرفين وأن يعيشا بأمن و سلام جنباً الى جنب ...


الكل يريد إحياء جهود عملية السلام لكن الغريب في الأمر أن لا أحد مدرك أنه تم دفن عملية السّلام فهل من الممكن إنعاش شخص ميت ؟؟؟ هل من الممكن الوصول الى سلام في ظل الهجمات الإستيطانية الشرسة ؟؟ هل من الممكن ضمان الوصول الى إتفاق وسط العدوان الذي ترتكبه إسرائيل صباح مساء على الشعب الفلسطيني  ؟؟ هل من الممكن ان يتم عقد اتفاق بين الطرفين في ظل وجود حكومة يمين متطرف يحكمها قطعان المستوطنين ؟؟

صال و جال فريق ترامب المختص بعملية السلام أو بالأحرى فريق الدمار في الشرق الأوسط الذي يفتخر بولائه لإسرائيل للسماع من جميع الأطراف ليتم رسم خطوط عريضة حول اتفاق عملية السلام بين الطرفين او بالأحرى اذا كان يناسب اسرائيل لأن أميركا لا تريد فرض الإتفاق على أحد فهم على ما يبدو معنين أكثر بالسلام العربي الاسرائيلي في ظل حالة التعطش و المراثون الذي يجري بين الدول العربية لإبرام إتفاق سلام مع الكيان الإسرائيلي المحتل أكثر من الفلسطينين أنفسهم الذين فرض عليهم هذا البلاء ...

المعضلة الكبرى التى تواجه السلطة الفلسطينية هي الإدارة الأمريكية التي تقودها إسرائيل و ليس العكس فالسلام مرهون بوقف الإستيطان و وقف حملات الإعتقالات و وقف سياسة هدم المنازل  و إغلاق الطرق   و إبتلاع الأراضي و رفع الحصار عن غزة كل هذه الأمور كان يجب على الوسيط الأمريكي منع حدوثها على الأقل خلال دراسة ملف القضية لتخفيف حدة الأزمة بين الطرفين لتهيئة المناخ المناسب لأرضية مشتركة و إعادة ضخ دماء المفاوضات من جديد ...

في المرحلة المقبلة لن يكون هناك تنازلات بل سيتمسك الفلسطينيون بحقوقهم في تقرير مصيرهم و إنهاء الإحتلال و إقامة دولة كاملة السيادة و القدس الشرقية عاصمة لهم فلا دولة بدون القدس ولا سلام دون الإتفاق على قضايا الحل النهائي و هذا أقل ما يمكن القبول به بعد مائة عام من التضحية و النضال لأننا نشعر اليوم أن حكومة نتنياهو تسابق الزمن في السيطرة على كل شيء على أرض الواقع قبل توقيع أي إتفاق كما جاء على لسان وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري أن الحكومة الإسرائيلية "لا تريد السلام مع السلطة و أن وزراء حكومة الإحتلال لن يؤيدوا حل الدولتين"  اذاً هل إصطدمنا بالحائط ؟؟

الأجيال اليوم أمام خيارين فإما أن تفتح أمامهم نوافذ الأمل التي ستشرق منها شمس الحرية أو ستغلق أنبوبة الأكسجين التي ستقتل كل حلم بداخلهم و حيناها لا تلوموا هذا الشعب إذا تحول كله الى بندقية ثائر لا تعرف الا الرصاص طريقا لها و من يظن أن السّلام معركة سهلة يكون مخطئا فهو كالحرب معركة لها جيوش و خطط و أهداف و طريق طويل محفوف بالمخاطر و المؤامرات ...


و كما قال إبراهام لينكولن حكيم أميركا في عصره : تستطيع أن تخدع بعض الناس طول الوقت و كل الناس بعض الوقت لكن لا تستطيع أن تخدع كل الناس طول الوقت .
مها حاولت اسرائيل من ان تخدع و تزور و تزيف الحقائق سيبقى هذ الشعب لهم بالمرصاد لإفشال كل مخططاتهم و ستبقى شعلة الثورة مشتعلة حتى النصر فلتحيا هذه الأرض الطيبة بسلام فهي الأرض التي خلقت للسلام و لم ترى يوما سلاما و كما قال الشاعر : لا تبكِ عينُكَ أيها العَرَبِيُّ واعلمْ  أنَّهُ في القدسِ من في القدسِ لكنْ لا  أَرَى في القدسِ إلا أَنْتْ ...