بين الخشوع والتأمل بقلم:بكر أبوبكر
تاريخ النشر : 2017-11-14
بين الخشوع والتأمل بقلم:بكر أبوبكر


بين الخشوع والتأمل
بكر أبوبكر

مفهوم الخشوع في الصلاة عند المسلمين يعني القدرة على نفض أعباء اللحظة الآنية وتداعياتها من أرق أو قلق أو ضيق أو شعور بالاحباط والانسحاب او الخذلان أو غير ذلك من المشاعر السلبية، وعليه تخليص الذهن من كل السلبيات وعُقد المحيط وتصارع الافكار الناشي عن المشاكل او عدم القدرة على حسم الخيارات.

الخشوع يعني أيضا فتح بوابة واكتساب مساحة جديدة بعيدة عن المادي والمحسوس عبر  تكريس الفضاء الروحي فقط لتحقيق الاتصال وللعبادة وما قد ينتج عنها من تلقي.

عند تحقيق القطع عن المحيط والربط مع المحيط الجديد فإن الصلة بذلك تتجه نحو هدف واحد فقط هو تحقيق الطمأنينة والمحبة بالعبودية لله .

 ويعني الخشوع تحقيقا لمعاني التواصل الحقيقي ذو المرور باتجاه واحد اي باتجاه الذات العلية باتجاه المولى عز وجل الذي يتقبل ثم يُقبل.

 الصلاة الخاشعة في حقيقتها أوسع نشاطا من مفهوم التأمل الغربي، وفي حقيقة الخشوع سُكون للجوارح والأفكار، والانصراف عن فضاء المحسوس الضاغط الى فضاء اللاملموس المتخيل،  وهو الفضاء العلوي تحقيقا لحالة الانجذاب للأخروي وهي حالة قد تصل بالمصلي لانجذاب كامل يزيد من الخشوع والخضوع والتيسير للتلقي: تلقي الاضاءات والأفكار والمفاتيح مفاتيح السعادة والطهرانية، ما يحقق السعادة.

إن أداة الخشوع في العرف الاسلامي يبتغي منها الاسلام حصول الفرد المؤمن على الراحة الذهنية والنفسية وتحقيق التوازن في ظل اختلالات النفس اليومية تخفيفا عن أعباء اليوم وضغط الذنوب او الهموم، وتخليصا من شوائب الذات وخلجات النفس، وتنشيطا لعمل الذاكرة والعقل بعد فترة راحة أواسترخاء وتأمل وخشوع وخضوع لله.   

 يقوم المسلم بذلك 5 مرات يوميا وهو ما يجب أن يتخذ شكل الخشوع للجوارح والنفس بالانقطاع عن المحيط والتواصل مع ما فوق الطبيعة أو مع الطبيعة من خلال تقديم الطلب للقدير.

وكذلك الامر تجد نفس المعنى بالصلوات الثلاثة لدى المسيحيين، فان كانت الصلاة عبارة عن أداء جسدي أو عبء يتم التخلص منه فإن مقدار الاستفادة للصحة الذهنية والنفسية سيكون صفرا.

وبناء على ما سبق فان الأفكار والايديولوجيات والأديان الأخرى تسعى لتحقيق نفس الأمر، ولكن عدم الانتظام وبشكل متكرر ويوميا اكثر من مرة كما الحال لدى المسلمين والمسيحيين يجعل من فكرة التأمل البوذية تنكمش امام حقيقة الخشوع الذي يشتمل على التأمل والاسترخاء ونفض الرواسب وتنقية النفس واستخدام الافكار الايجابية والالتقاء مع منطقة الراحة العلوية


 "نقلا عن حائط وموقع المفكر والكاتب بكر ابوبكر( )"