موازنة المواطن ... أداة للتربية المدنية... وتعزيز للمواطنة ومبادئ الحكم الرشيد بقلم : مؤيد عفانة
تاريخ النشر : 2017-11-09
موازنة المواطن ... أداة للتربية المدنية... وتعزيز للمواطنة ومبادئ الحكم الرشيد بقلم : مؤيد عفانة


موازنة المواطن ... أداة للتربية المدنية... وتعزيز للمواطنة ومبادئ الحكم الرشيد
بقلم : مؤيد عفانة
عضو الفريق الأهلي لشفافية الموازنة العامّة في فلسطين

موازنة المواطن هي وثيقة مبسطة للموازنة العامة بحيث تلخص السياسات وتوجهات الحكومة للسنة القادمة معبراً عنها  بالأرقام الواردة في هذه الموازنة، وتمكّن المواطن من التعرف على كيفية توزيع النفقات، والإيرادات المخصصة، وبذلك يستطيع المواطن متابعة الإنفاق الحكومي، وتصدر سنوياً بالموازاة مع إصدار الموازنة المقرّة والمعتمدة.
وتكتسب موازنة المواطن اهمية خاصة إذا كانت متعلقة بالوزارات الأكثر تماسا مع المواطن، كالتربية والتعليم والصحة والتنمية الاجتماعية، كونها الجسر ما بين الموازنة بأرقامها وبياناتها المعقدة والمتشعبة وما بين المواطن، فهي تقدّم الموازنة العامة بطريقة مبسطة، وسهلة وواضحة، وببيانات محددة، هي الأكثر احتياجا للمعرفة من قبل المواطن.
وقد أصدرت هذا العام كل من وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة التربية والتعليم العالي موازنة المواطن الخاصة بها للعام 2017، وذلك بالتعاون مع المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية "مفتاح"، وسبق ذلك إصدار وزارة التنمية الاجتماعية وبالتعاون مع مؤسسة "مفتاح" موازنة المواطن 2016.
حيث سلطت موازنة المواطن لكل من التنمية الاجتماعية والتربية والتعليم الضوء على رؤية ورسالة الوزاراتين، بالإضافة الى البرامج الخاصة بكل وزارة، والموازنات المخصصة للوزارات من الموازنة العامة، وتوزيع تلك الموازنات، وكذلك أهم المشاريع التطويرية التي تنفذها الوزارات، والفئات المستفيدة، ومحاور والتطوير، ومعلومات الاتصال مع تلك الوزارات، وغيرها من المعلومات الهامّة لكل مواطن، وبشكل موثق وبسيط وسلس، وملائم لكافة فئات المجتمع واطيافه.
وعلى الرغم من كون موازنة المواطن مؤشر على شفافية الموازنة العامة، تبعا لمعايير الشفافية الدولية للموازنات، إلا أنها تكتسب اهمية اضافية كونها أداة للتربية المدنية، تعزّز من الشفافية في المجتمع، وتعززّ المواطنة، ومبادئ الحكم الرشيد، كونها تمكّن المواطنين على اختلاف فئاتهم العمرية، او مناطقهم الجغرافية، او مستوياتهم التعليمية، من تتبع الموازنات المخصصة لقطاعي التعليم والتنمية الاجتماعية، وتوجهات الحكومة بهذا الشأن وبشكل شفاف ومتاح للمواطنين، حيث يستطيع المواطن "دافع الضرائب" وأكبر مموّل للموازنة العامة الاطلاع على طبيعة الإنفاق الحكومي في الوزارات الأكثر تماسّا معه، وأين ستنفق هذه الأموال، وتوزيعاتها واولوياتها، بشكل مبسط ومفهوم. وإتاحة الفرصة للمواطن ولممثليه إبداء رأيهم في ذلك، بالإضافة الى توفير مدخلات تعزز من إمكانية المساءلة المجتمعية في ضوء بيانات موازنة المواطن، وتوسيع باب الحوار بين المواطن او ممثليه من مؤسسات مجتمع مدني ومنظمات شعبية، والمؤسسة الرسمية نحو التأثير في السياسات المالية، الأمر الذي يساهم إيجابا في تعزيز العدالة الاجتماعية، وإنصاف الفئات الأكثر تهميشا والأقل حظاً في المجتمع. كما ساهم اصدار موازنة المواطن في تعزيز شفافية الموازنة العامة وأوجه الانفاق الحكومي في القطاع الاجتماعي، مما انعكس ايجابا على فتح باب الحوار بين المؤسسة الرسمية والمجتمع المدني، ممثلاً بذلك خطوة أولى نحو التأثير في السياسات الاجتماعية ومخصصاتها المالية.

وختاما، فإن إصدار موازنة المواطن لكل من وزارتي التنمية الاجتماعية والتربية والتعليم وبالتعاون مع مؤسسة "مفتاح" يعتبر قصة نجاح للشراكة ما بين المؤسسة الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني، قائمة على التشاركية والتكاملية، خاصة وأن تلك الشراكة تحمل في طياتها مأسسة تلك التدخلات في الوزارات المستهدفة مما يضمن استدامة تبني معايير الشفافية الدولية للموازنات، وفي الوقت ذاته تعزز من الشفافية في المؤسسات الرسمية، وتوفر مدخلات علمية تساهم في تطوير مفهوم المسائلة المجتمعية في فلسطين، مما يساهم على الانتقال بمفهوم موازنة المواطن، من مفهوم مجرد في المالية العامّة، الى أداة للتربية المدنية وتعزيز المواطنة ومبادئ الحكم الرشيد.