في الذكري الثالثة عشر لاستشهاد القائد أبو عمار بقلم:د. جمال أبو نحل
تاريخ النشر : 2017-11-09
في الذكري الثالثة عشر لاستشهاد القائد أبو عمار بقلم:د. جمال أبو نحل


شمس الشهداء الرئيس أبو عمار الغائب الحاضر

 
كانت واستمرت كلماته خالدة في قلوب الملايين يا جبل ما يهزك ريح، وعلي القدس ريحين شهداء بالملايين؛ تمر علينا ذكري رحيل القائد البطل الشهيد الرمز ياسر عرفات أبو عمار رحمه الله في ظروف استثنائية، حيث تغلي منطقة الشرق الأوسط علي صفيح ساخن، ومع تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، وفي مرحلة تقرع فيها طبول الحرب من جديد في منطقتنا  ترجل الفارس عن صهوةِ جواده قبل ثلاثة عشر عاماً  في ليلة السابع والعشرين من رمضان ليلة الخميس وصباح الجمعة ليتحقق له ما أراده بصدقٍ من الله عز وجل حينما قال:" اللهم يارب الكون أطعمني أن أكون شهيدًا من شهداء فلسطين والقدس"، وحينما حاصره الهالك المجرم النازي المجحوم شارون بجنوده ودباباتهِ قال الشهيد القائد ابو عمار ،" يريدونني إما طريدًا أو وإما شريدًا وإما أسيرًا؛ وأنا بقٌلهم: شهيدًا.. شهيدًا.. شهيدًا. نعم ليمضي شهيدًا عند ربه. لقد خسر العالم الحر عمومًا والشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية خصوصًا قائدًا تاريخيًا ومناضلاً بطلاً صنديدًا عنيدًا فريدًا رحيمًا كريمًا كبيرًا بقامتهِ ومقامه رحمه الله؛ والذي ترك لنا ذخراً نضالياً وإرثاً ثورياً يضيء التاريخ إلى الأجيال القادمة فهو ظاهرة نضالية تاريخية نادرة ، استطاع بشخصيته الثورية أن يجعل فلسطين قضية العالم وقضية القضايا؛ وطوال حياته النضالية الطويلة كان اسم فلسطين دائماً في طليعة العناوين ... في قلبهِ وروحهِ وعقله قبل لسانهِ؛ تحية إلى روحة الطاهرة ستبقى ذاكرة تاريخنا ونضالنا الوطني تحتفظ له بالحضور الدائم باعتباره قائداً ومفجراً للثورة الفلسطينية التي احتضنت المشروع الفلسطيني نحو التحرير والحرية ونيل الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس؛؛؛ ظل الشهيد القائد ياسر عرفات وفياً للثوابت التي أمن بها، كقضايا القدس واللاجئين والدولة، وهي خطوط حمراء عُرفت بالثوابت الفلسطينية التي لا يجوز لأحد تجاوزها؛ ولمن يريد التعرف أكثر علي الشهيد القائد أبو عمار رحمه الله- هو: محمد عبد الرحمن عبد الرؤوف القدوة الحسيني، هو الاسم الحقيقي لياسر عرفات، الذي اتخذ اسم "ياسر" وكنية "أبو عمار"، أثناء دراسته في كلية الهندسة بجامعة القاهرة، إحياءً لذكرى مناضل فلسطيني قتل وهو يكافح الانتداب البريطاني. مكان ولادة عرفات ما زال محل خلاف، فهو يقول انه من مواليد القدس في أغسطس/ آب 1929، أما جميع من تتبعوا سيرة حياته، فيعتقدون انه من مواليد مدينة القاهرة يوم 24 أغسطس/ آب 1929. وباستثناء الخلاف حول مكان ولادته، لا يختلف احد من المؤرخين على التاريخ النضالي المشرف لهذا الفلسطيني الذي حمل الهم الفلسطيني في قلبه وعلى كاهله، طوال اكثر من اربعة عقود ,- بدأ عرفات حياته السياسية في مطلع حقبة الخمسينيات من القرن الماضي حينما شارك في عام 1952 عندما كان طالبا في كلية الهندسة بجامعة القاهرة في تأسيس اتحاد طلبة فلسطين في مصر. وقد تولى رئاسة رابطة الخريجين الفلسطينيين بعد نجاح ثورة يوليو/ تموز بقيادة جمال عبد الناصر في الاستيلاء على السلطة ,ظهرت مواهبه منذ سنوات شبابه المبكر كناشط وزعيم سياسي. سرعان ما اعتنق فكر الكفاح المسلح ضد إسرائيل عقب "نكبة" عام 1948، وبعد انتصار ثورة الضباط الاحرار في مصر في 23 يوليو/ تموز 1952، بعث عرفات، عام 1953، خطاباً الى اللواء محمد نجيب، أول رئيس لمصر، حمل ثلاث كلمات فقط هي: "لا تنس فلسطين". وقيل إن عرفات سطر الكلمات الثلاث بدمائه؛ وأسس حركة "فتح"  والتحق بالخدمة العسكرية في الجيش المصري وشارك في التصدي للعدوان الثلاثي الإسرائيلي الفرنسي البريطاني على مصر في حرب السويس. وفي عام 1956 مُنح عرفات رتبة ملازم في الجيش المصري. وفي 1958 شكل عرفات الذي كان وقتها يعمل مهندسا في الكويت مع مجموعة صغيرة من المغتربين الفلسطينيين الخلية الأولى لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) التي تبنت الكفاح المسلح وسيلة لتحرير فلسطين؛ رحل عنا شمس الشهداء أبو عمار ولكنهُ لا يزال اسمه خالدًا حيًا بعد شهادته وإرثهُ باقيًا ومحركا رئيسيًا لكل من سار على درب الشهادة أو النصر من أجل أن يحيا شعبها بحرية وكرامة وعزة؛ عاشت ذكراك حية باقية خالدة في قلوبنا  أبو عمار ما بقي الليل والنهار يا من عرف العالم القضية الفلسطينية من كوفية أبو عمار الذي قضي شهيداً بالسم من الصهاينة صابراً محتسباً، ترجل عن صهوة جواده، وهو يوصي من خلفه بشعبه خيراً، طارت الطائرة به وطارت قلوب الملايين المحبين معها، وبقيت ذكراه العطرة خالدة وقدر سطرت بأحرف من نور وسُجلت في أنصع صفحات التاريخ.

الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد أبو نحل
الكاتب الصحفي المفكر  والمحلل السياسي
رئيس المركز القومي للعلماء بفلسطين