خربشات أمريكية بقلم:د. عز الدين حسين أبو صفية
تاريخ النشر : 2017-10-23
خربشات أمريكية بقلم:د. عز الدين حسين أبو صفية


خربشات أمريكية ::::

لم يعد تنظيم داعش ينتهج نهجاً حربياً نظامياً بعد تعرضه لإنهيارات كبيرة فى بنيته العسكرية وفي جميع ساحات القتال إن كان في الساحة العراقية أو الساحة السورية أم الساحة الليبية حيث فقد الكثير من قياداته وعناصره وأسلحته والمساحات الشاسعة من الاراضي وبالتالي فقد أهم مصادر تمويله وهي آبار النفط والغاز التي كانت تشكل له مصدراً مهماً لتمويل نشاطه العسكري ورواتب مقاتليه، غير المساعدات التي كان ولا يزال يتلقاها من بعض الدول عربية وأجنبية وبطريقة سريةٍ الآن  بهدف استخدامه وظيفياً لتدمير النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي والبنى التحتية في الدول العربية المستهدفة ، بهدف تمزيقها وإثارة الفتن الطائفية والإثنية فيها ومن ثم إبقاء زخم الحروب الأهلية فيها إلي أمد طويل لضمان تحقيق أهداف تلك الدول ( أمريكا والدول الغربية ) بإضعاف الدول العربية إلى الحد الذي يمكنها من السيطرة على تلك الدول العربية وتسعي أمريكا وحلفاؤها من الدول الغربية إلى استغلال مصادر الطاقة ونهب مقدراتها بذريعة دعمها بالسلاح المدفوع ثمنه مسبقاً من الدول العربية الغنية.
إذاً وفي ظل هذا المشهد الذي بدأ يتراءىَٰ للعيان والذي يشهد تراجعاً لقوة داعش في تلك الساحات وتصديره لخلاياه النائمة لتنشط وقت الحاجة في الساحات الأوروبية والأمريكية من خلال تنفيذه عمليات إرهابية مختلفة الأشكال، في ظل هذا المشهد الذي يتلاقى مع مشهد عدم تمكن الولايات المتحدة والدول الغربية من تحقيق هدفها الرئيسي ، عملت وبشكل موازي لدعم داعش لتدمير البنى الأساسية في تلك الدول العربية المستهدفة ، لذا عملت أيضاً على إثارة الفزاعة الإيرانية والتي تأخذ شكل الصراع السني الشيعي المفترض مستقبلاً والذي تخطط له الولايات المتحدة ، حيث انزلقت السعودية وبعض دول الخليج في حرب مفتوحة لا تقل في أهدافها وخطورتها عن أهداف وخطورة تنظيم داعش بهدف استنزاف طاقات هذه الدول الخليجية التي مارست تمويل المنظمات الإرهابية كالنصرة والحركات التي تقاتل النظام في سوريا تحت شعار محاربة الإرهاب المتمثل من وجهة نظرهم في المشاركة الإيرانية وحزب الله في دعم الجيش السوري للحرب ضد قوى الإرهاب بكافة أشكالها.
هذا وفي ظل تراجع تلك القوى والتنظيمات والحركات الإرهابية عسكرياً في الساحة السورية خاصة وازدياد الثقل الروسي العسكري والسياسي ومساهمته لحل الخلافات السورية بين النظام والمعارضة بالطرق السلمية والسياسية وبقاء الدور الأمريكي محصوراً في الدعم العسكري للحفاظ على تنظيم داعش وبعض الحركات المعارضة، وأيضاً في ظل التقارب والتوافق الروسي التركي والخلافات المتنامية بين تركيا وأمريكا، بدأ التوجه الأمريكي الغربي نحو الابقاء على الحالة الامنية متوترة في المنطقة والتلويح بالعصا ضد ايران بذريعة اخلالها بالاتفاق النووي، واعلان الرئيس الأمريكي (ترامپ) عن تهديده لايران وإتهامها بدعم واحتضان الإرهاب وحزب الله المصنف من قبلها كتنظيم إرهابي ، وكذلك سعيها لأمتلاك السلاح النووي متجاوزةً بذلك الإتفاق النووى ،  وتهدف أمريكا من وراء ذلك تحقيق عدة أهداف منها:
1- ابقاء الساحة الخليجية مستفزة ضد ايران الداعم الرئيسي للحوثيين في اليمن والذين باتت عملياتهم العسكرية تطال الجنوب السعودي وكذلك المشاركة مع الجيش السوري في حربه ضد داعش والتنظيمات الإسلامية التي تحارب النظام.
2- تهيئة الأجواء لحرب محتملة ضد إيران لاقت تأييداً كبيراً من قبل السعودية والإمارات والبحرين، ومن هنا عملت الولايات المتحدة على تهيئة الظروف لتلك الحرب المحتملة والتي تستهدف أيضاً حزب الله بهدف إضعاف الجيش السوري ليسهل تقسيم سوريا وذلك من خلال:
أ‌- تهدئة جبهة شمال العراق واسكات الصراع العراقي المتمثل في اجراء الاستفتاء الكردي في اربيل و إقليم كردستان بشكل عام تمهيداً للانفصال عن العراق. الأمر الذي دفع بالجيش العراقي القيام بعمليات عسكرية في كركوك كان لها أن تمتد ليشارك بها الجيش الإيراني والجيش التركي لوقف فكرة انفصال الإقليم الكردي عن الجسم العراقي، ولكن واقع الحال يشير إلى أن الهدف لدى الولايات المتحدة ليس أكثر من تهدئة المنطقة لاحتمالية الحرب ضد إيران وحزب الله.
ب‌- تهدئة جبهة غزة وذلك بمنع الفلسطينيين من تشكيل تهديداً لجنوب إسرائيل ومستوطنات غلاف غزة وسلخ جبهة غزة عن جبهة حزب الله وإيران ، وذلك من خلال العمل على تطبيق المصالحة وانهاء الانقسام والتلويح بالجزرة للفلسطينيين تمهيداً للخطة الأمريكية الإسرائيلية المسماة (صفقة القرن) وهي عبارة عن انهاء الصراع العربي الإسرائيلي والفلسطيني الإسرائيلي تمهيداً لإدخال اسرائيل في منظومة الشرق الأوسط الجديد وتطبيع كافة الدول العربية لعلاقتها مع إسرائيل التي ستلعب دوراً مهماً بعد ذلك في الإعداد والتخطيط للحرب القادمة على إيران كقوة نووية إقليمية تشكل رادعاً لإيران ، حماية إقليمية لمنطقة الخليج وهذا ما يفسر الزيارات المتكررة لمسؤولين سعوديين وخليجيين عسكريين لإسرائيل للتشاور وإعداد الخطط للدور الإسرائيلي المرتقب في أيّ عمل عسكري ضد حزب الله وضد إيران وسوريا أيضاً.
ت‌-  تسعى الولايات المتحدة لتوفير المال من دول الخليج لتغطبة تكاليف تلك الحرب التى توهمهم أمريكا بأنها حرباً لحمايتهم ، لذا يقوم وزير المالية الأمريكى بزيارة تشمل كلٍ من السعودية والإمارات والبحرين، بذريعة التشاور معها بخصوص إيران ووضع الخطط لدمغها بدعم الإرهاب ومن ثم التصدي لها بكل السبل، كما يسعي وزير المالية الأمريكي لتحديد نسبة فاتورة كل دولة من قيمة تكاليف تلك  الحرب ،وما يشمله من ثمن السلاح الذي ستقوم أمريكا بتزويدها به وكذلك تدريب جيوشها  وصيانه معداتها ،
هذا السيناريو سبق أن تكرر إبان حكم الرئيس  بوش عندما وعد العرب بحل القضية الفلسطينية فور الانتهاء من محاربة العراق وكان الهدف من وراء ذلك هو حشد أكبر عدد من الدول العربية للتحالف الذي شكلته أمريكا لضرب العراق إلا أنه وبعد انتهاء الحرب نكثت الولايات المتحدة بكل عهودها، وبقيت القضية الفلسطينية قائمة ووصلت إلي أسوء مراحلها التي شكلت المفاوضات عمادها حيث نهبت إسرائيل الأراضي الفلسطينية وساهمت بتهويد القدس.
واليوم لا يختلف الموقف والهدف الأمريكي عن ذلك وأن ( صفقة القرن) لا تعدُ عن كونها مخططاً إسرائيلياً أمريكياً لتنفيذ هدف محدد جُل المصلحة من ورائه هو مصلحة إسرائيل من خلال تدمير الجيش السوري أو على الأقل إضعافه بحيث يصبح لا يشكل خطراً على إسرائيل وإنهاء القوة العسكرية لحزب الله وشطبه من المعادلة السياسية والعسكرية في لبنان.
تقسيم سوريا وانعكاس ذلك على الوجود الروسي في سوريا والبحر المتوسط.
- الاستمرار في نهب المقدرات العربية من بترول وغاز وانشاء قواعد عسكرية تحد من النشاط الروسي والصيني في المنطقة .
بعد ذلك تعتقد إسرائيل وأمريكا بأن تجريد المقاومة الفلسطينية من السلاح بالحوار  يكون ممكناً وإن تعذر فلتكن  حرباً ضروساً على غزة مع شطب فصائل المقاومة من الخارطة السياسية الفلسطينية والمحلية ..

د ٠عز الدين حسين أبو صفية