هل نحن على اعتاب حرب عالمية ثالثة ؟ بقلم:عبدالكريم الكيلاني
تاريخ النشر : 2017-10-12
هل نحن على اعتاب حرب عالمية ثالثة ؟ بقلم:عبدالكريم الكيلاني


هل نحن على اعتاب حرب عالمية ثالثة  ؟

عبدالكريم الكيلاني

ابتلي العراق بسياسيين لا يفقهون في السياسة سوى اشعال نار الفتنة والفساد الاداري والمالي وابادة المكونات التي شكّلت وتشكّل نواة هذا البلد المسكين، فمن حرب الى اخرى ومن أزمة الى أخرى وكأن ابواب جهنم اختزلت في باب واحد اسمه العراق، والمصيبة الكبرى ان المواطن البسيط هو أداة في اذكاء نار الحروب التي انهكت جسد المنطقة وجعلت العالم كله يراقب الهاوية التي تسكن مخيلة هؤلاء الساسة العازمين على ابقاء العراق في دائرة القتل الجماعي والموت العبثي الذي يعزف سمفونيته الجنائزية على مسرح الأحداث المتسارعة .
اقليم كوردستان هذه المنطقة الهادئة من عراق فوضوي عانى الأمرين طوال عقود من الزمن حتى استطاع قبل سنوات الخلاص ولو جزئياً من رغبة ساسة العراق الدموية فشكّل كياناً منفرداً يسوده السلام والاعمار والتواصل مع العالم الخارجي بحرية بعيداً عن سطوة الميليشيات والاحزاب الفاسدة التي تعتاش على الازمات من اجل بقائها على سدة الحكم .
كوردستان هذا الاقليم الذي فتح ذراعيه لمختلف المكونات والاديان والطوائف واصبح ملاذاً آمناً للهاربين من اخطاء وخطايا الساسة العراقيين التي انتجت اشكالاً ونماذج مختلفة من العصابات والمنظمات الارهابية التي عاثت في الارض واعادت للاذهان صور الماضي السحيق بكل مساوئه فقتلت وشردت وسبت ودمّرت وهجّرت دون ان يرف لها جفن، ناهيك عن البؤس والشقاء والفساد المالي الذي أبقى الشعب العراقي تحت مستوى الفقر في اغلب مناطقها، والادهى من هذا كلّه ان هناك من لايزال يؤمن بالشعارات الزائفة التي يلقيها هؤلاء الساسة على الاسماع ويؤمنون بها وكيف لا وهم متمسكون بعقلية الوطن الواحد والامة الواحدة والفكر الواحد وهذا الأمر لا يمكن له أن يبني بقدر امكانيته على التدمير والخراب .
ضعف الحكومة الاتحادية يتجسد بظهور ميليشيات عديدة شبه خارجة عن القانون وفي كثير من الاحيان لا تأتمر بأمر السلطة لانها تمتلك في جعبتها اجندات مختلفة لا تتناسب مع الكثير من القرارات الاتحادية التي تصدر بين الفينة والاخرى مما يسبب ارباكاً لعمل الحكومة .
كوردستان قررت ان تنأى بنفسها عن هذه الفوضى وهذا المستنقع الذي أودى بمفهوم الشراكة التي كتب على اساسها الدستور العراقي الجديد ، هذا الدستور الذي اهمل تطبيق 80 % من بنوده بسبب تضاربه مع مصالح تلك الميليشيات وتلك الاحزاب ذات الاجندة الخارجية .
تم قطع ميزانية الاقليم بالكامل منذ سنوات، اجهضت المادة 140 الخاصة بالمناطق المتنازع عليها، حورب ممثلي الشعب الكوردي في بغداد بشتى الطرق، اصبح الكورد مواطنون من الدرجة الاخيرة في العراق، لم يبق لكوردستان خيار سوى الاستفتاء على تقرير المصير، الاستفتاء الذي صوت له بالاغلبية المطلقة من قبل الكورد والعرب والتركمان والشبك والكاكائيين والمسيحيين وكل المكونات الاخرى التي وجدت في الاقليم انموذجاً للتعايش السلمي والبناء والتحضر واحترام الآخر على اساس الانسانية وليس على اساس العرق والطائفة والقومية.
بالتأكيد نحن متيقنون بأن شرارة الحرب اذا اشتعلت فأنها ستودي بالمنطقة كلها الى خراب فوق الخراب الذي هو عليه الان بسبب جرائم تنظيم داعش ووجوده الدموي طوال سنوات مضت، فامريكا وحلفائها لا يمكن لهم ان يقفوا موقف المتفرج طويلاً لأن مصالحهم ستتأثر بشدة والجميع يعلم بأن لغة المصالح هي السائدة لدى الدول الكبرى وأي هجوم تشنه بغداد على كوردستان سينعكس على تركيا وايران اللتان تضمان ملايين من الكورد الذين ينتظرون بفارغ الصبر الخطوة الاولى للخلاص من عباءة تلك الدول القيام بثورات مليونية في المدن والقرى بل وحتى في قلب طهران وقم وانقرة واسطنبول، الحروب تبدأ ببساطة لكنها لن تنطفيء بسرعة وربما سنشهد حرب عالمية ثالثة اذا ما استمرت المواجهات المرتقبة لمدة طويلة، اضافة الى ان الحرب الاهلية ايضاً قائمة بسبب تداخل القوميات في الاقليم والعراق وسيكون حينها الجميع خاسراً بغض النظر عن النتيجة النهائية للحرب .
 كوردستان لن تتراجع عن نتائج الاستفتاء بأي حال من الاحوال لأنها لو تراجعت فأن الحلم الكوردي باقامة دولة ستكون مستحيلة تماماً في القادم من السنوات، لذا فشعبها متمسك بنتائج الاستفتاء ولن ترضى بأقل من اعلان الدولة المنتظرة او الفناء والموت.