تكاليف السلام أقلّ .. بقلم: راضي كريني
تاريخ النشر : 2017-09-13
13-9-2017
تكاليف السلام أقلّ ...
راضي كريني
لا شكّ في أن سياسة العدوان والعسكرة والاحتلال و... والاضطهاد والتمييز، مربحة (اقتصاديّا واجتماعيّا) لحيتان رؤوس الأموال في إسرائيل، وفي الدول المتحالفة معها، والداعمة لها، و... والمتآمرة على شعوبها بشكل عامّ، وعلى الشعب الفلسطينيّ بشكل خاصّ.
هم يجنون الأرباح الخياليّة من صناعة الآلات العسكريّة المدمّرة للبشر والشجر والحجر، ومِن إعداد الدراسات العدوانيّة لمفهوم الأمن القوميّ، ومِن قتل الضمائر وإضراب العقل وشلّ الضمير الإنسانيّ، ونشر الفكر الاستغلاليّ، والاضطهاديّ، و...، والجهنميّ، ومِن تبرير سياسة الاحتلال، و...، والإذلال والاغتيال للحقّ والإنسان، لكنّهم يعيشون في اضطراب ، وخوف ، وذُعْر ، وفَزَع ، وقَلَق، واحْتراس، وخطر، و...، ويخسرون شعوبهم!
والشعوب المقهورة، مسلوبة الأمان، والأناة، والاطمئنان، والسكِينة، و...، والسَلام.
هم يصرفون أموالهم على أسوأ وأقبح ما يملكون، ونحن نصرف كلّ ما نملك على أعزّ ما نملك!
هم يصيغون النظريّات والمفاهيم الأمنيّة على أساس: الردع والتحذير والدفاع والحسم والهزيمة والاستسلام والنصر، ونحن المستغَلّين نريد أن نعيش بسلام وعدل وتصالح وتفاهم وتعاون ومشاركة ودعم واحترام، وأن نتطوّر وننمو ونلحق بركب الحضارة، أسوة بالدول الآمنة والمتقدّمة، وأن ندفع المتخلّف عنا ليتقدّمنا!
هم يدّعون أنّهم يريدون ضمان وجود دولة إسرائيل، وحماية أراضيها وحدودها الإقليميّة، وأمن ووقاية مواطنيها، ونحن نسأل كيف، ومَن هم المواطنون؟ ونحدّد: لن تحمي مواطني إسرائيل الدبابة والمدفع، ولا السلاح النوويّ والغوّاصات والأقمار الصناعيّة، والنفّاثات والصواريخ العابرة، و... ونقول:
 قامت إسرائيل على أساس قرار التقسيم، ولن تبقى، إلّا إذا نُفّذ وطبّق الشقّ الثاني للقرار؛ بأن تقوم الدولة الفلسطينيّة المستقلّة وعاصمتها القدس، وفقا لقرارات الشرعيّة الدوليّة المعترف بها.
 لن تبقى إسرائيل، إلا إذا أصبحت دولة ديمقراطيّة ( ليس دولة يهوديّة ديمقراطيّة)، وميّزت لصالح الأقليّة القوميّة العربيّة الفلسطينيّة التي تعيش في وطنها.
 لن تبقى إسرائيل، إلّا إذا تحقّق ضمان وتعزيز القوّة الاجتماعيّة الإنسانيّة، والقوّة الاقتصاديّة في منطقة الشرق الأوسط.
 لن تبقى إسرائيل، إلّا إذا عزّزت وضعها الإقليميّ والدوليّ، مِن خلال السعي إلى تعزيز السلام والعلاقات المتبادلة النفع مع دول الجوار.
 لن تحظى بالأمن، إلّا إذا ارتبط أمنها بتنمية شعوب الدول المجاورة.
من الواضح أن تكاليف احتلال إسرائيل للأراضي العربيّة التي يدفعها الشعب الإسرائيليّ، أكبر بكثير من تكاليف السلام والتآخي بين شعوب المنطقة، لكن حكّام إسرائيل، والرجعيّة العربيّة، وأرباب رؤوس الأموال من تجّار الموت والسلاح لا يمثّلون مصالح شعوب المنطقة، ولا يهمّهم أن يصبح أبناء المستَغَلّين طعاما لفوّهات مدافعهم.
لذلك، فمعركتنا الأساسيّة هي ضدّ الطغمة الحاكمة؛ في الشوارع والحارات، وفي أماكن العمل والنقابات، و... وفي الجامعات، وفي البرلمانات، وليس على الحدود، و...، ولا في المطاعم والقهاوي والبارات، ولا في قراءة ندوات "هرتسيليا" والجلوس على الأبراج العاجيّة، والبقاء في مربّع التنظير، وليس بركضنا وراء كراسي "رئاسة" و"زعامة" فارغة!