ماذا تغير بعد المجزرة ؟ بقلم:ماهر الصديق
تاريخ النشر : 2017-09-12
ماذا تغير بعد المجزرة ؟ بقلم:ماهر الصديق


ماذا تغير بعد المجزرة ؟

يأبى ايلول الا ان يوقظنا كل عام على ذكرى أليمة . ذكرى استعصت على النسيان مع الزمن و مكثت تدور في خلدنا يوما بعد يوم و عاما بعد عام . يأبى ايلول الا ان يأتينا بخريفه و باوراقه الصفراء ، اوراق حملت لنا ايلول الاسود و صبرا و شاتيلا و الحقت بهم كامب ديفيد و اوسلو و طابا ! و هاهو ايلول يعود الينا على احزان  متراكمة . على ما فقدناه في المجزرة من احبة و ما فقدناه بعد المجزرة من وحدة و لحمة وطنية و ما حملته كوارث التسوية على شعبنا و قضيتنا و ما وصل اليه  حالنا في المخيمات البائسة من ظلم و قهر و تعسف .  يرفض ايلول ان يغادرنا بلا مآسي ، يريد ان يؤكد حضوره على أشلائنا . كأنه لا يرغب برؤية البسمة على شفاه اطفالنا ، لا يريد الا ان يخلف بصمته السوداء على جراحنا ! صبرا و اخوتها من مخيمات الشتات مكلومة تئن من وطأة الجراح . جراح لا تعد  و لا تحصى : فقر و صراعات و تخلي الامم و تنصل المؤسسات الصحية و الانسانية و تغول الاشقاء الذين لا يرون للضيف حق بالحياة . هكذا بدت الحياة بعد انتهاء العصابات الفاشية من جريمتها في المخيم الاعزل ! بعد قتلهم لآلاف الابرياء بلا ذنب اقترفوه ، و بعد ان برأهم العالم من جريمتهم ، مضى شهداءنا الى باطن
الارض ومضى المجرمون  يتبؤون المناصب و المسؤوليات و يتجولون في البلاد و يسافرون بحرية و يُستقبلون في العواصم بافضل استقبال . عدالة عوجاء لا  تعرف للحق سبيل و عالم منافق يهضم حق الفقراء ، لكن الحق  و إن ضاع عند اصحاب المسؤوليات و صناع القرارات فإنه لا يموت عند الواحد القهار .

هكذا بدت الحياة في المخيم ! اناس يبحثون عن سبيل للخروج من جحيم ظلم ذوي القربى الى بلاد لا تتحدث لغتهم و لا تشبههم في شئ ، لكن فيها قوانين.هناك حيث لا يموت الانسان على مداخل المشافي لانه لا يقدر على دفع المستحقات و الادوية،  لا يمنع من العمل من اجل فلسطينيته . هناك حيث يتمكن من اعلان فلسطينيته على رؤوس الاشهاد بلا قمع و ملاحقة و كراهية . آه من هذا الزمن العربي الغريب .

لقد كان العربي و على مدى قرون يلجأ لبلد عربي آخر عند شعوره بالظلم و القهر في بلده ، و يعيش في البلد الجديد كمواطن مثل غيره  من ابناء البلد . لم يكن يُعيّر بمنشئه او بلهجته او بوظيفته فكل البلاد بلاده وهو يختار البيئة المناسبة له . اقفلت كل الابواب العربية في وجهه ، فاخذ يبحث عن سراب خارج سربه ،و عن حياة ليست كحياته، و عن مغامرة لا يعرف لها نهاية . هل نرثي احبتنا الذين سقطوا في شاتيلا ام نتمنى لو كنا في مكانهم و لا نرى هذا الانحطاط  العربي و هذا  التخاذل العالمي و هذا الواقع الفلسطيني ؟ انتم في البال يا اخوتنا الذين رحلتم بايدي الفاشيين.

لن ننساكم كما نسيكم القضاة و الساسة و الاعلام و النفاق الدولي ، انتم في البال و لكل ظالم مجرم نهاية  .

ماهر الصديق