صدور الديوان الشعري "روافدي في كل بحر" للدكتور حربي المصري
تاريخ النشر : 2017-09-11
صدور الديوان الشعري "روافدي في كل بحر" للدكتور حربي المصري


د.حربي المصري: فارس الشعر الذي ركب كل البحور

عمّان-

يُطلُّ علينا الشاعر د. حربي طعمة المصري بديوانه الثالث الذي حمل عنوان: "روافدي في كل بحر"، الصادر مؤخراً عن الآن ناشرون وموزعون في عمّان، وعلى نفقة وزارة الثقافة الأردنية  والذي ضم ثلاثين قصيدة أُفردت على 243 صفحة، جاءت على كل البحور الشعرية والبالغة ستة عشر بحرا ما عدا الخبب الذي لا يعتبره بحراً، بل إيقاعاً ، ليُسجِّل السبق في ذلك، إذ أنه سيكون الأول الذي تمكن من تقديم كل بحور الشعر بين دفتي ديوان واحد، رغم معرفتنا بأن هناك من الشعراء الذين غطت قصائدهم بحور الشعر كاملة، لكن ضمن أعمالهم الشعرية الكاملة، وليس في ديوان واحد كما هو عند شاعرنا المصري.

بشهادة كثير من الشعراء المرموقين والنقاد الأردنيين والعرب  الذين طُبعت شهاداتهم في آخر الديوان- سنورد بعضا منها في هذا الخبر-  يعد المصري شاعرا فطريا متمكناً يملك بصمته الخاصة به وسيظل حرفه سَيفاً يذبّ عن حياض الشِّعر واللّغة . فالشاعر سعيد يعقوب يصفه بأنه"صوتٌ شعري عميق ولافت مضمَّخ بشذا الرُّؤى ومخضَّل بالقيم الإنسانية السَّامية يعبق صهيله في براري الإبداع والتّميّز ويرفرفُ بنا في أمداءٍ رحيبة من النَّشوة ويطلق في شرايين اللّغة براعم الأمل حين يصدح مهجوسا بألمنا وأملنا بغدٍ أشهى وحياة أجمل".ويقول عنه الشاعر عبد الكريم أبو الشيح:"... يفجؤك كلّما قرأت له جديداً، بما يفتح لك من فضاءات جمالية آسرة لا تستطيع الفِكاك منها. فهو شاعر مطبوع يُطربك وأنت تقرأ نصّه، إذ هو يمتلك لغته الخاصة به، المطاوعة لحالته الشُّعورية حيث يتمرئى ما يعتمل بداخله ويجيش".

أما الشَّاعر أنور محمد الأسمر، فقد كتب عنه يقول، إنه:" يرفعُ بكامل الحبِّ والوفاء شعار الشّعر المقدَّس، ويشعل منارته ويُطلق قصيدته ليرتدّ الصّوت والمعنى بأكثر من صدى.. يستدرجُ مفرادته بوعي بعيداً عن التأليف ويصطادها في كمائن صورٍ فنيّةٍ متجددة. نراهُ محترفاً بتطويع الخيال حتى نرى اختلافاً واضحاً للوقت والمكان عن المألوف فنصاب بالدّهشة".

ويَعِدُّ النَّاقد الدكتور إبراهيم اليَّاسين هذا الدِّيوانَ الشِّعريَّ الأول من نوعه، إذ تقصَّد الشَّاعرُ فيه إختيار قصائده على كلِّ البُحور الشِّعريَّة والبالغة ستَّة عَشر بحراً وفي موضوعاتٍ شعريَّةٍ مختلفة، الأمر الَّذي يَعكس مقدرتهُ الفنَّية من جهة، ويجسِّد ثقافته العميقة في عِلم العروض والقافية بوصفهما رُكني الشِّعر الأساسيين من جهة أخرى.

ويشيد الشَّاعر الفلسطيني حسام إبراهيم هرشة بالشَّاعر حَرْبي المصـري، قائلا، إنه شاعِر بارِع يُحسِن الإمساك بتلابيب الحروف، ونواصي الكلمات، تمتطي حروفه صهوة القوافي بفروسيّة لا يُشقّ غبارها، شعْره عذْب رصْين رَقيق يعتمِد على الهمْس؛ مما يجعل النّفْس تتشـرّب المعاني بهدوء وسَكينة، فتتسـرّب إلى أعماق الوجدان كما يتسرّب الماء في جذوع الأشجار. لِكلِماته أعماق لا يسْبُر غَورها إلا خبير لُغويّ ماهِر خِرّيت، وشاعِر فحْل مِن رُماة الحدَق في ميادين الشِّعر. ولِشاعرنا د. حربي قُدرة فائقة على التّجوّل بين أغراض الشِّعر المتنوّعة، حيث تجد في شِعره حدائق غنّاء لكلّ غرَض، تقطِف مِن جَناها ما طاب لك. وسيظلّ حرفه سَيفاً يذبّ عن حياض الشِّعر واللّغة. وكذلك الشَّاعر السوري محمد طكو ، الذي كتب يقول: لا يمكن أن تقرأ د.حربي المصري من خلال نصٍّ أو من خلال سمرته أو من خلال نبرته الرِّيفية الرِّبداوية إنه مزيج من كلِّ هذا مع كادح وابن أرملة وكيميائي كلّ هذه المكونات ربّما عندما نخلطها معاً في درجة حبٍّ معينة وعلى مقدار معياري بين المنطق واللّامنطق وفي لحظة انصهارها جميعاً في بوتقة فلسفة الوجود ووجود اللّامعقول ينتج لدينا مركب كيميائي خطير لمن لا يدرك لغة الجمال وماتع لمن يعرف معنى الجمال هذا المرّكب هو الشَّاعر د.حربي المصري.

ومن قصيدة "فتق ورتق" نختار:

مَدَّتْ بِكَ الأَوْجاعُ ما اخْتَصَـرَتْ

رَبَّاهُ ما بَرِئَتْ ولا احْتَضـَرَتْ

فِيْ قَلْبِكَ الواهيْ حَبائِلُها

فَتَقَتْ غِشاءَ الرَّتْقِ وانْبَتَرَتْ

نَثَرَتْكَ بُرْكاناً عُصارَتُهُ

مِنْ جَمْرَةِ الوَقْتِ الَّتي اسْتَعَرَتْ

ما بَالُها فَقَأَتْ بِمِخْرَزِها

عَيْناً لِجَفْنِ الحَرْفِ وانْتَثَرَتْ؟

خانَتْكَ مَوْجُوْعاً على عَطَشٍ

وَوَشَت بِسِـرِّ الماءِ فاعْتَكَرَتْ

أَسْقَتْكَ مِنْ كأْسٍ مَرارَتُهُ

مِنْ حَنْظَلِ الرِّيْقِ الَّذي اعْتَصَـرَتْ

أَغْوَتكَ تَلْويْناً بِريْشَتِها

فاقَتْ على الحِرْباءِ وافْتَخَرَتْ

هلْ كُنْتَ مَعْصوْماً بِرِفْقَتِها؟

أَوْ طالِباً لِلْصَفْحِ واغْتَفَرَتْ؟

ماجَتْ بِكَ الأُوْلى بِآخِرِها

وَطَوَتْكَ بِاليُمنى إِذِ انْحَسَـرَتْ

خَذَلَتْكَ أَسْوارٌ بِمِعْصَمِها

شَدَّتْ على الأَقْفالِ فانْكَسـرتْ

ضاقَتْ بِكَ الأَحْلامُ تَجْمَعُها

لوْ كُنْتَ فيْ الأَجْزاءِ لانْجَبَرَتْ

 


ومن قصيدة "ابن أرملة":

وأَرْمَلَةٍ كَما الصُّوَّانِ ما انَّتْ

فَلا واللهِ ما هانَتْ ولا مَنَّتْ

وكَمْ حَزَّتْ نِصالُ الفَقْرِ فاقَتَها

عَجِيْبٌ ما سَمِعْتُ الآهَ لَوْ سُنَّتْ

حَدائِقُها مُرُوجُ الكَدْحِ مِنْ عَرَقٍ

يُنوِّرُ مِلْحُها تِيْهاً إِذا غَنَّتْ

خَرائِطُها على الكَفَّيْنِ بُوْصَلَتي

ونَقْشُ حُدودِها بالنَّارِ لَوْ عَنَّتْ

هِيَ التَّاريْخُ والأَشْعارُ والمَعْنى

وكُلُّ شـرائِعي دُستُوْرَها سَنَّتْ

حَباها اللهُ مِنْ أَنْوارِهِ شَمْساً

تَدلَّى نُوْرُها الضَّافي وما جَنَّتْ



 

يُذكر أن الشاعر د. حربي المصري من مواليد عام 1968م في بلدة النُّعَيْمة ، حاصل على شَهادة الدُّكتوراه في الكيمْياء غير العضْويّة مِن جامِعة ليبزج في أَلمانيا  عام 2003م. عَملَ مُحاضـراً في جامِعة العُلوم والتِّكنولوجيا الأردنيّة (1993-2000م)، ثمّ في جامعة ليبزج (2000-2003م)، و في جامعة كارديف في بريطانيا (2003/2004م)، ثم في جامعة طَيْبَة في السّعودية (2004-2014م)، ثمّ في جامِعة البلْقاء التَّطبيقية في الأُرْدن (2014م)، ويعمل حاليا في جامعة آل البيت مُنذ عام 2015م . وهو عضو رابطة الكتّاب الأردنيين وعضو اتحاد الكتّاب العرب.

نشـر العديد من قصائده وما زال في الكثير من الصُّحف والمواقع الإلكترونية المتعددة. شارَكَ منذ عام 1986م وما زال في أُمْسِـيات ومَهرَجانات واحتفالات أَدَبيّة وشِعريّة وبَرامِج تِلِفِزْيونِيَّة وإذاعِيَّة داخِل الأردنّ وخارِجَه وحديثاً مثل: مهرجان جرش للثّقافة والفنون، ومهرجان عرار الشّعري، ومهرجان الشِّعر العربي (الرّمثا)، ومهرجان الجياد للشّعر الفصيح، ومهرجان بيت الشُّعراء العالمي، وغيرها.

حائز على العديد من الدّروع والأوسمة والشّهادات التّكريمية والتّقديرية من العديد من الملْتقيات والمنتدَيات الثّقافيّة والأندية الرّياضية والجمعيات الخيرية

أصَدَرَ مَجموعَتان شعريتان هما: «مَزج على رأْس دبّوس»، 1995م، و «بيوت الطين»، 2015م.