أقوى من إرادةِ الشّبابِ بقلم د. يحيى محمود التلولي
تاريخ النشر : 2017-09-05
أقوى من إرادةِ الشّبابِ بقلم د. يحيى محمود التلولي


أقوى من إرادةِ الشّبابِ

(قصة قصيرة)

بقلم/ د. يحيى محمود التلولي

بلغتْ من الكِبَرِ عِتِيّاً، بانتْ عليها أماراتٌ تنذرُ بالخطرِ الداهمِ، وقربِ الأجلِ، فقد برزتْ تجاعيدُ الوجهِ، واشتعلَ الرأسُ شيباً، ووهنَ العظمُ، وانحنى الظهرُ تقوساً، تعتمدُ في حركتِها على عصى، تدخنُ السجائرَ الذي أصبحَ جزءاً منها، يسري فيها كمسرى الدمِ في العروقِ، لم تفكرْ يوماً من الأيامِ، ولم يَجُلْ في خاطرِها أن بالإمكانِ الاقلاعَ عنهُ، ولكنْ تأتي الرياحُ بما لا تشتهي السفنُ، فقد تمنتْ أن تزورَ بيتَ اللهِ الحرامَ ملبيةً بالحجِّ والعمرةِ، فشاءتْ الأقدارُ أن تكونَ واحدةً ممن شملتْهم القرعةُ للحجِّ في ذلكَ العامِ، فرحتْ فرحاً شديداً؛ لاستجابةِ اللهِ –عزّ وجلّ- لأمنيتِها، ولكنْ قيلَ لها: لا يجوزُ لك الحجُّ، وأنتِ مدخنةٌ، فلا بد أن تقلعي عنهُ. هنا بدأَ شبحُ الصراعِ يسيطرُ عليها، كيفَ أقلعُ عن التدخينِ بعدَ هذهِ السنواتِ؟! لا يمكنُ، ليسَ من السهلِ عليّ ذلكَ، ولكنْ لها أمنيةً عاشتْ معها ذكرياتٍ جميلةً على مرِّ سنواتٍ طويلةٍ، أمنيةٌ لطالما حَلمَتْ بها مراتٍ ومراتٍ، فلم يكنْ أمامها كي تتخلصَ من هذا الصراع ِالمؤرقِ أن تتنازلَ، وتضحيَ بأحدهِما، فقررتْ بإرادةٍ قويةٍ هزمتْ إرادةَ الشبابِ، وعزيمةٍ صادقةٍ فاقتْ عزيمةَ الرجالِ- تلبيةَ نداءِ ربِّها.