الكورد بين الادارتين الامريكيتين بقلم:عماد علي
تاريخ النشر : 2017-08-22
الكورد بين الادارتين الامريكيتين بقلم:عماد علي


الكورد بين الادارتين الامريكيتين

عماد علي

لقد ذهب اوباما و جاء ترامب، و على الرغم من ما نراه من تغيير في اسلوب ترامب و ما نلمسه من توجهات مغايرة مظهريا ازاء قضايا الشرق الاوسط و تعامله مع الموجود، و كما الظاهر من ما وصلت اليه العلاقات الامريكية العربية و التركية و الفارسية و من بين كل تلك المتغيرات اننا لم نلمس بشكل واضح اي تغيير في بعض القضايا التفصيلية و ما تهم الشعوب و المكونات وليس الحكومات، و به يمكن ان نقول انه لم یتغیر موقف امریكا من القضية الكوردیة بشكل ملحوظ، الا انه يمكن ان نجد ما لا يشبه التعامل السابق مع دول المنطقة وفق ما كان، اي تركيا و ايران و دول الخليج و سوريا  لهم من الستراتيجيات المتقاطعة و اتخذ ترامب خطوة سريعة في اتجاه معين في لحظته كما كان عند ترويجه في الانتحابات يدعيه؛ و من ثم المؤسساتية الامريكية اتخذت زمام الامور و لم تدع ترامب ان يجني شخصيا كما يشتهي الا في حدود المصلحة الامريكية ، و هذا هو عمق الدولة الذي يضع حدا لنوازع القادة الفردية و هذه هي الديموقراطية الراسمالية التي يمكن ان تخدع الاخر و تفيد الذات و هي تستند على مقومات لم نجدها في الدول النامية .

الثوابت التي لم تتغير هي النظرة العامة و ستراتيجية امريكا للمنطقة بما تفيد من خلال قراءتنا الرؤى الاقتصادية الامريكية و الصراع المتعدد الجوانب الذي تبني عليه معادلاتها مع روسيا الصاعدة الى حدما و الصين المشاركة الفعالة و الثقل الاهم و التحرك الجديد ضمن اطار ما يفيدها في المستقبل القريب في المنطقة، و تنوع الاجراءات التي تتخذه الصين في هذه المنطقة من جهة و اهتماماتها المتميزة في افريقيا و ما تعتقد بانها القارة الاهم التي تبعدها عن الاحتكاك المباشر مع القوى الاخرى الاكثر تعقيدا في منطقة الشرق الاسوط في جهة اخرى .

عند ملاحظة الخطوات الاولية لترامب و ما اتخذه من نزع الكثير من الارباح بحركة بهلوانية من اصحاب البترودولار دون ان يعطي بالمقابل شيئا اكثر من اوباما دليل على ان السلطة الامريكية الجديدة هي تجارية بامتياز و تحسب للربح و الخسارة اكثر من اي مقوم او مصلحة اخرى، و هذا يدل على ان المراكز الستراتيجية الامريكية التي تؤثر على الراي العام و تخطط و تبرمج بشكل علمي دقيق و تحدد الحكومة و راسها الذي يكون ملائما للمرحلة التي تمر بها امريكا من اجل بقائها دون منازع قد نجحت في وضع اليد على ما يهم السياسية الخارجية الامريكية جيدا .

اننا يجب ان نحسب ما يهم الكورد من زوايا عديدة، منها مصلحة امريكا و تعاملها مع الحكومات من خلال الابقاء على ممثل الرئيس الامريكي ماككَورك في المنطقة كدليل على الاستمرارية في نهجها و سياساتها في المنطقة، التناور و المراوغة في التعامل مع ايران و تركيا كدولة و الكورد في كوردستان الغربية بشكل مغاير مع اخوانهم في كوردستان الجنوبية و الشمالية دليل على النهج المعروف لدى امريكا منذ حكومة اوباما . و هذا دليل على تفاصيل و ثنايا ما تفكر به امريكا تجاه كل جهة فعالة في المنطقة من الدول و الكورد كقوة حديثة صاعدة لهم وزنهم الذي لا يمكن تحاشيهم من قبل اية جهة و في مقدمة الجميع امريكا نفسها، و هي تستخدم كل جزء في الوجهة المفيدة لها .

قراءتنا لموقف امريكا من القضايا اليومية التي تبرز و تحليلنا لما نجدها احيانا في حيرة امرها ويتوضح هذا من تصريحاتهم التي يحاولون الخروج بموقف دقيق ازاء كل تفصيل كما نشهد ما يدلون به ازاء الاستفتاء في كوردستان الجنوبية يبين لنا بشكل جلي ما يخططون و يفكرون و ما هي اولويتهم و كيف يسيرون و ما هي اهم اهدافهم و اي هو في مقدمة اهتماماتهم،  والاكثر اهمية ما يمكن ان نحصل عليه مستقبلا بتغيير اوضاع المنطقة سياسيا و اقتصاديا و ربما ديموغرافيا و جغرافيا .

تعامل امركيا مع الكورد في الادارتين لم يكن وفق اهمية قضيتهم الخاصة الحقة، و انما كان وفق اي موقع له اهميته الخاصة لهم من زاوية صراعهم السلمي العلني و الخفي مع روسيا و شيئا ما مع الصين سياسيا  و كذلك من الناحية الاقتصادية، وتعاملهم مع ايران و دول الخليج دون ان يبرز من الادراة الجديدة شيئا لم يحسب له ترامب كما حسب له اوباما دليل على ان الادارة الامريكية  اظهرت الكثير من المواقف المظهرية العلنية لحين استحصالها على ما تريد اقتصاديا و هي تتلاعب مع الاجزاء كما فعلت مع السعودية و التسييس مع قضيتهم التي برزت، و حذرهم من الموقف المطلوب من ايران و الاتفاق النووي الذي ابرم في عهد اوباما الذي لم يتغير لحد اليوم بقيد انملة .

من هنا لابد ان نعلم بان موقف امركيا المتردد احيانا من القضايا و التلون بالوان مختلفة شيئا ما في تعاملهم للقضية الواحدة ليس دليل على ضعفهم بقدر ما تتحمل القضية من تفرعات في التعامل معها و ما يمكن ان يفرز منها و تداعياتها المحتملة من كل كلمة تطلق من واشنطن ازاءها .

عند قراءة تفصيلات مواقف امريكا خلال السنين المنصرمة يعطينا توجهات امريكا و ما تغير خلال مجيء الادارة الجديدة يوضح ما تكون امريكا عليه بتغيير طفيف او دون تغيير يُذكر، و من هذا المنطلق يمكننا ان نستدل ما يمكن ان تسير عليه امريكا في قضيتنا الكوردية بشكل عام، و من ثم يمكن استيضاح نظرته و موقفها ازاء الاستفتاء كموضوع مفاجيء برز من وسط طريق شائك، و ما يمكن ان يحصل في حال عدم اخذنا بنصحيتها و كيف يكون موقفها و تعاملها و ما يمكن ان تثبت عليه حسب ما يحصل و ما نكون نحن الكورد من يمكن يفرض موقفها في النهاية و ليس هي اي ليس امريكا و ما تظهر عليه من الاعتراض العلني الاعلامي في اكثر اهادفه، اي بمعنى ان امريكا تتعامل جزئيا مع القضية و تعتمد على النتائج اكثر من اهتمامها بمسار القضية او العملية التي يمكن اجراءها، و لا يمكن ان نعتقد بانها يمكن ان تدعمنا في حال وقعنا في الاسوا ، او انها قد تؤذينا و تمنعنا او تعرقلنا ان نجحنا و سيطرنا على الموقف بما يمكن ان لا تؤثر النتيجة على المسار الهادي المطلوب منها اي من العملية و الاحتمال من ان تنتج تفاعلات في غير توقعات امريكا و يمكن ان تتقاطع مع طريقهاا، اي انها يمكن ان تتعامل بسهولة مع النتيجة و الافرزات و التداعيات و ما يحصل خلال التفاعلات جراء الاحتكاكات بين بيادق اللعبة المثبتين في المنطقة و كيف يستقر الوضع، فالادراة الامريكية هي كما كانت و التعامل نفسه و النظرة هي هي و لكن الكورد لم يفقهوا ما يجدونه و يصطدمون به الا بعد وقوعه، و عليه اننا على منعطف طريق ربما يحتاج لمغامرة قوية  سوف نكون في مفترق طرق اما ننجح و نعبر بسلام او نبقى كما نحن دون ان يكون موقفنا اضعف من الان و ما نحن فيه داخليا .