حُمى الأحلاف تجتاح المنطقة..!بقلم محمود سلامة سعد الريفي
تاريخ النشر : 2017-08-21
حُمى الأحلاف تجتاح المنطقة..!
قلم / محمود سلامة سعد الريفي

مع ما تشهده المنطقة من اقتتال داخلي ونزاعات صبغتها طائفية للوهلة الاولي تبدو محصورة في اطارها اي داخل بلدان الاقليم التي تشهد ساحاتها تناحر وصراع علي السلطة يحاول كل طرف فرض هيمنته ونفوذه..! لكن بحقيقة الامر الواقع يتخطى حدود دول الاقليم الي خارجه حيث دول النفوذ التي لها مصالح استراتيجية تشارك وبفاعلية في دعم طرف ضد طرف اخر تبعاً لمصالحها ويبدو الواقع السائد انعكاساً لحرب بالوكالة بين تلك الدول جبهته منطقة الاقليم العربي وتبوح بها علانية حجم القوة العسكرية لتلك القوي المشاركة في الاقتتال الدائر في العراق وسوريا واليمن وليبيا بكل تأكيد الامر لا يتوقف عند مصالح الدول الكبرى وانما دول اقليمية ومحورية عربية لها باع ومصالح هي الأخرى تتقاسم كل من السعودية والامارات وقطر وايران نتائج ما الت الية الاوضاع الاقليمية الحالية من خلال مواقفها وما تقدمه من دعم مالي وعسكري خدمة لمصالحها ونفوذها يحاول كل طرف ان يحافظ علي نفوذ بمواجهة الاخرين..! ما يحدث في منطقة الاقليم جاء نتاج اتفاقية سايكس بيكو في العام 1916م بين انجلترا وفرنسا ولازلت المنطقة ترزح تحت تداعياته الموغلة حتى وقتنا الحالي دون فكاك او افق لاستقرار المنطقة في المستقبل المنظور..! جاء سايكس وبيكو الي الشرق وبجعبتهما خطة تقسيم المنطقة العربية بين نفوذهما وفق مصالح بلديهما وعلي ضوء ذلك تقاسمت انجلترا وفرنسا وايطاليا التي احتلت ليبيا فقط من الدول العربية واحتلال سائر الدول العربية من قبلهما ومنذ ذلك قامت الحدود بين دول الاقليم العربي ولازالت محددة بتحديد المخطط الاستعماري الذي جاءت به الاتفاقية القذرة وفشل العرب في مواجهة تداعيات المخطط يستمر حتي وقتنا الحالي ويأخذ اشكالاً عدة تستفيد منه ذات الدول واخري من ارباب القوة والنفوذ تحقيقاً لمصالحها في منطقة تعتبر الاغنى بالموارد الطبيعية وبقاءها تراوح مكانها بين اقتتال داخلي وصراع علي السلطة تغذيه الدول الاستعمارية..! ووفق المخطط الاستعماري ومبدأ تفتيت الجغرافيا العربية جاء وعد بلفور المشؤوم يوم 2/11/1917 م بمنح اليهود حق بكيان لقيط علي أرض فلسطين التاريخية ومهد ذلك في حينه الطريق امام هجرة اليهود الي فلسطين التي كانت تحت الانتداب الانجليزي..! وهذا ما تم علي مدار 31 عاماً حتى قيام دولة الاحتلال علي انقاض المدن والبلدات والقري الفلسطينية بعد مسلسل دامي من القتل والذبح نفذته الجماعات الصهيونية التي استمدت قوتها وكينونتها من مؤتمر بازل في سويسرا الذي عقد عام 1897م المؤتمر الذي وضع اللبنة الاولي لتجمع الصهيونية العالمية حول هدف واحد تم تنفيذه لاحقاً استفاد اليهود من دعم انجلترا وضعف الدول العربية وغياب اي موقف اسلامي فاعل ومؤثر..! وبذلك قامت دولة الابرتهايد العنصرية كنتيجة لإتفاقية التقسيم المجحف والعنصري والفاشي الذي توافق علية سايكس وبيكو ومهد لتقسيم كل دول الاقليم العربي بحالته الحالية التي تتجه نحو مزيد من التقسيم لدول بعينها استكمالاً لمشروع ومخطط استعماري يشمل المنطقة العربية وفق نفوذ وهيمنة ومصالح القوي الاستعمارية القديمة والجديدة التي تتلاقي مصالحها مع تقسيم المقسم واعادة توزيع عادل للمنطقة وفق نفوذهم..!! ومصالحهم..!! ما يمهد الطريق ويفسح المجال الي قيام دويلات جديدة علي انقاض دول بالأمس القريب كانت تشهد استقراراً وباتت اليوم علي اعتاب التقسيم الفعلي تزيد فرص نشوؤه واقعاً الاقتتال الطاحن بين الخصوم وفرقاء السياسة والطائفية والحزبية الضيقة يتضح معالم ذلك في العراق الذي يهدده شبح تقسيم الدولة العراقية وتقسيمها وفق النسيج المجتمعي والمكون الديمغرافي فلا غرابة أن يُقسم العراق الي دويلة للأكراد شمالاً رغم تحفظ تركيا.! وأخري سنية وسط و شيعية جنوباً ، والتقسيم لن يقف هنا ويمد ذراعه نحو اليمن وتقسيمه الي شمال وجنوب والعودة به الي ما قبل الوحدة ويصبح بذلك اليمن يمنين شمالي وجنوبي..! ووصولاً الي سوريا وما ترسمه الوقائع علي الارض مع وجود نسيج مجتمعي من الأكراد شمالاً وطوائف أخري علوية وشيعية وسنية جميعها تتناحر فيما بينها وتقتل بعضها بعضاً ما يعكس الواقع السيء والمستقبل القاتم الذي ينتظر الدولة السورية ان لم يتوافق فرقاء السياسة يحافظ علي الوحدة الجغرافية للدولة من شبح تقسيم سيدخل حيز التنفيذ بالقوة الجبرية..! وبعيدا علي البحر المتوسط ترزح ليبيا تحت نار الاقتتال وشبح تقسيم الدولة الليبية الي دويلات ثلاثة احداها شرقاً وأخري غرباً وثالثة جنوباً لكل دويلة حدود معلومة..! وشبح التقسيم ان اصبح واقعاً لن يقف عند الدول التي تشهد اقتتالاً وعدم استقرار بل سيطال دول أخري تعتبر نفسها قوية ومؤثرة ولا يمكن ان تتأثر بما يحدث وترتكز علي حلفاءها في الشرق والغرب يثبت الواقع أن حلفاء اليوم اعداء الغد لطالما موازين القوة بين الحلفاء غير متكافئة ويتفوق طرف علي اخر سيسعي وراء مصالحه الذاتية..! وينكث عهوده ومواثيقه وينقلب وفق رغباته واهدافه.
في خبايا السياسة وعلاقاتها المحورية كل شيء متاح ومباح ولا ثابت الا العلاقات المبنية علي المصالح المشتركة التي تنتجها الاتفاقات والاحلاف السياسة والاقتصادية والعسكرية والامنية وهي الأهم في محددات وتكوين وبناء وارساء احلاف استراتيجية بين الدول تعتمد في بُنيتها علي علاقات اقتصادية وتجارية وتطوير القدرات العسكرية وتبادل الخبرات والاستفادة القصوى من شروط ومزايا ترسيخ العلاقات الاستراتيجية الناتجة لحماية منظومة العلاقات الاقتصادية والتجارية والعسكرية بما يخدم التحالفات علي المدي البعيد بما يحقق لها النتائج المرجوة وفق رؤيتها ومصالحها ..! هذا الواقع بدأت ملامحه تظهر بشكل شديد الوضوح اكثر من ذي قبل خلال العقد الأخير والحديث عن منطقة الاقليم باستثناء عديد الاحلاف الاستراتيجية القائمة بين بلدان عدة وعلى سبيل الحصر نجد الحلف الروسي الايراني السوري قائماً وقوياً ويتمتع بعلاقات راسخة تشرح بوضوح ما ألت الية الاوضاع الامنية يظهر ذلك من خلال ما يقوم به الحلف الروسي الايراني مع النظام الحاكم في سوريا يترجمه وقع قنابله وجنازير دباباته وازيز طائراته ودوي صواريخه ومشاهد الدماء والاشلاء والتهجير والترحيل والنزوح القسري ترسم ملامحها بوضوح علي ارض المعركة دعماً واسناداً لنظام الأسد الحليف التقليدي بمواجهة المعارضة السورية المسلحة والجماعات السلفية في مقدمتها "تنظيم داعش" منذ بدأت الازمة السورية فعلياً تتحول لاقتتال داخلي دامي في لحظات فارقة تدخلت قوات الحلفاء لتوفير الدعم للنظام الحاكم الذي بدت علية علامات التعب والارهاق بفعل الاستنزاف الذي مارسته جماعات المعارضة المسلحة من المؤكد ان تدخلهم في الوقت المناسب وفر غطاء سياسي وعسكري كان سبباً رئيساً ليعيد النظام قدرته على الامساك بزمام الاوضاع مرة اخري والصمود في وجه معارضيه بعدما امتدت وتعاظم نفوذهم و سيطرة جماعات المعارضة على اجزاء كبيرة من سوريا خاصة الواقعة شمالها وشرقها ويحسب للحلف القائم الان انه حال دون سقوط العاصمة "دمشق" في قبضة المعارضة ورحيل نظام حكم حليف برحيله ستتعرض مصالح كل من ايران وروسيا للتهديد الفعلي حيث أنه للحليفين مصالح استراتيجية مشتركة في سوريا لا يقبل بخسارتها او التنازل عنها حيث تشكل الشواطئ السورية شمالاً اهمية قصوي لروسيا مع تواجد قاعدة عسكرية علي سواحل اللاذقية المطلة علي البحر الابيض المتوسط تشكل بعداً استراتيجياً عسكرياً لروسيا في شرق المتوسط ووجود تلك القطع الحربية يمنح روسيا قدرة علي التحرك والأهم انها قائمة وفاعلة يدخل ذلك في اطار طموحها باستعادة دورها واثبات حضورها كقوة دولية لا يستهان بها لها نفوذها ولها احلافها في منطقة الشرق الاوسط تحديدا ايران الحليف الذي لطالما مده الاتحاد السوفيتي السابق بالسلاح والعتاد الحربي والخبرات الفنية والعسكرية كانت سبباً في تنامي قوة ايران الذاتية لاحقاً حتى وصلت الي ما وصلت الية الان من قوة عسكرية اقليمية فاعلة تمتلك قدرات فائقة تستفيد منها و تحاول ان تلعب دور الدولة العميقة والمؤثرة في قضايا المنطقة معتمدة علي نفوذها العسكري والاقتصادي والاهم ما تقوم به من دعم لحركات ومنظمات تنتمي للمذهب الشيعي كحزب الله في لبنان والذي يقاتل مع قوات النظام ضد المعارضة المسلحة وجماعة الحوثين في اليمن التي تقاتل ضد نظام الرئيس اليمني "عبدربه منصور هادي"، وليس بعيدا عن العراق والقتال الدائر بين الحشد الشعبي الذي تدعمه ايران من جهة و"تنظيم داعش" الذي انتهي بهزيمة التنظيم في معركة الموصل الاخيرة لن تتحقق الا بفعل تدخل أمريكي حاول أن يكن محدوداً..! ولكن التدخل الأبرز كان ايرانياً مباشراً بالقوة والعتاد والتخطيط و يعكس التدخل العسكري الايراني محاولات الاخيرة المتواصلة للاستفادة من نفوذها في منطقة الخليج ودول مجلس التعاون بما يخدم مصالحها الاستراتيجية أولاً واحكام هيمنتها من خلال تعزيز المد الشيعي في المنطقة وهذا ما يواجه برفض شديد تتصدر مشهده المملكة العربية السعودية القوة العربية الرئيسة في منطقة الخليج العربي ومحور الاسلام السني الذي تقوده بدأت ملامحه تظهر علانية بعد القمة الاسلامية التي استضافتها السعودية بحضور 55 دولة عربية واسلامية سنية بحضور الرئيس الامريكي "ترامب" نهاية مايو المنصرم من العام الحالي 2017م..! حلف جديد تقوده السعودية وتباركه وتدعمه أمريكا يتناغم مع مواقفها وسياساتها الخارجية ورؤيتها الجديدة و علاقاتها مع الدول العربية والاسلامية جاءت منسجمة وفق الخطاب السياسي الذي تتبناه الادارة الامريكية ومواقفها من الارهاب..! في المنطقة وفي خلفيته توجيه رسائل عدة ينال تركيا و ايران وروسيا جزء منها كونها ترتبط بملفات الصراع الدائر في المنطقة.
الرهان الراسخ والحقيقي والمتين والقوي والعميق علي وحدة الشعب الفلسطيني بكافة اطيافه السياسية وانتماءاته الحزبية فقط..!!وأي رهانات أخري علي تحالفات اقليمية لن تخدمنا كفلسطينيين بالدرجة الأولي ..!!في لعبة السياسة كل الاحلاف والتكتلات مبنية علي المصالح المشتركة..!! ولا يمكن لأي طرف ان دخل معترك الاحلاف السياسة والعسكرية ان ينأ بنفسه او يكن متوازناً يمسك العصا من المنتصف ..! أو يقف متفرجاً..! في مثل هذه المعادلة لا تصلح الحيادية بدلاً من النِدية ..!! ما يهمنا كفلسطينيين أن نحافظ على علاقات متوازنة وراسخة مع كل دول الاقليم وسائر دول العالم والا نندفع الي لعبة الاحلاف الخاسرة نحسب أنفسنا على حلف فلان او علان ونساق كما تساق الابل مهما كلف الأمر في نهاية المطاف لا طائل لنا ولا فائدة او منفعة يمكن ان نجنيها من اصطفافنا مع ذاك الحلف او التكتل بمعاداة او تنافس حلف اخر سوي مزيداً من الاشكاليات التي تنعكس سلباً على نضال شعبنا الفلسطيني التحرري وقضيته الوطنية التي شهدت تراجعاً لافتاً كان من ابرز اسباب تراجعها استخدامها من بعض الانظمة العربية المهيمنة كورقة ضغط رابحة كلما احتاجت اليها استدعتها ولوحت لتدعيم مواقفها اي كانت لتحقيق مكاسب سياسة على فرض أنها تمتلك مفاتيح الحل..!! كل ما تسعي الية الاستحواذ والهيمنة على القرار الوطني الفلسطيني واحكام قبضتها علية وهناك الشواهد كثيرة وعديدة علي ذلك علي مدار سبع عقود من الصراع العربي الاسرائيلي علينا كفلسطينيين ان نصطف جانباً والا نقحم انفسنا في صراعات واقتتال داخلي عربي وتبنى موقف واضح يكون علي مسافة واحدة من كل الاطراف يكتسب ذلك اهمية قصوي بسبب طبيعة النضال الوطني الفلسطيني التحرري الذي يسعي بدأب الي توحيد كل المواقف بما يخدم القضية الفلسطينية ولا يؤثر علي مسيرة النضال ويوجه كل المواقف نحو توحيد الصف بما يدعم انتزاع الحقوق الوطنية بالحرية والاستقلال متجاوز كل الخلافات والاختلافات والتباينات والتناقضات القائمة بفعل ما تموج به العلاقات العربية فيما بينها والعربية الاقليمية والدولية..! والأهم لنا كفلسطينيين توحيد كل الجهد الوطني بأدواته وطاقاته وامكاناته بموقف وطني موحد بمواجهة الاحتلال الاسرائيلي المستفيد الحصري من بقاء حالة الانقسام والمناكفات والتجاذبات والخلافات الفلسطينية الداخلية وتصويب العلاقات الوطنية بموقف واحد بعيداً عن تفاهمات اللحظة بين فرقاء الأمس يحاول كل طرف الاستفادة من موازين القوة لمصلحته الخاصة ما يصيب المشروع الوطني التحرري في مقتل ويؤثر علي الموقف الوطني العام يتجسد ذلك من خلال التفاهمات الاخيرة بين تيار القيادي المفصول من حركة فتح وحركة حماس برعاية مصرية جاءت بتقارب بين خصوم السياسة علي قاعدة المصالح المشتركة بين الفرقاء..! لنا أن نقف قليلاً عند الاختراق الكبير في جدار العلاقة بين مصر وحركة حماس من ناحية والتقارب بين تيار دحلان والأخيرة يبوح ما حدث بالتقاء المصالح المشتركة عند نقطة فاصلة بالنسبة مصر يهمها أمنها القومي واستقرار الاوضاع مع قطاع غزة وفرض الامن بما يعرقل ومنع قيام اي نشاطات تتمحور حول ضبط الحدود ومنع التهريب و التسلل من والي غزة وتضيق الخناق علي الجماعات التكفيرية العاملة في سيناء التي ترتبط بحدود مع غزة المعطيات علي الارض تقول ان مصر نجحت بذلك وهذا ما يهمها ..! مقابل تخفيف الحصار المفروض علي غزة من قبل الاحتلال الاسرائيلي وفتح معبر رفح البري بشكل منتظم وادخال السولار لمحطة توليد الكهرباء والسلع والبضائع التي يحتاجها القطاع المحاصر كل ذلك يتبع التفاهمات التي رعتها القاهرة بين حركة حماس وتيار دحلان وافضت الي توافق بين الطرفين معطيات كثيرة تؤكد علي ان ما حدث بموافقة اماراتية وبرعاية مصرية ما يحدث يعكس صورة من صور الاحلاف المصلحية الجديدة التي تقوم علي المصالح بين الدول والجماعات والحركات والافراد من ذوي النفوذ والأصل ان تتم كل هذا التفاهمات بتوافق فلسطيني تشارك فيه كل القوي الفصائل الفلسطينية تحديداً طرفي الانقسام والقوتين الابرز والمؤثرة علي الساحة الفلسطينية وترعاه مصر وتدعمه الجامعة العربية..! ويمر عبر بوابة الشرعيات ان تم ذلك سيشكل قوة للتوافق وضمانة لاستمراره بعيداً عن استغلال كل طرف للواقع القائم ليحقق مكاسب ذاتية وآنية لن تدم مطولاً وتبقي علي الواقع المأساوي علي حالته لأن المستفيد من أي تفاهمات خارج نطاق الأصول والتفاهمات واتفاقيات انهاء الانقسام هما من توافقا دون اعتبار وطني تظله المصالح العليا للشعب الفلسطيني من المؤكد ان هناك ايجابيات علي المدي القريب ولكن لا يمكننا أن نتغافل عن تداعيات ونتائج ما يتم تمريره الان علي العلاقات الفلسطينية الوطنية وعلي طبيعة المواجهة المفتوحة والمتواصلة مع دولة الاحتلال وعلي مشروعنا الوطني التحرري بكليته وشموليته وعمقه..! ما يتم الحديث عنه من اتفاق او تفاهم ترعاه مصر وتدعمه الامارات المتحدة مالياً لا ينفصل عن
الاحلاف الجديدة التي تتبلور في المنطقة وأفرزتها التقاء المصالح المشتركة بين اقطابها افسحت الطريق امام تقارب حركة حماس والقاهرة و يأتي في ذات الاطار تقارب الامارات مع حركة حماس من خلال الدور الذي لعبه القيادي المفصول من حركة فتح "محمد دحلان" من المؤكد يصب في ذات الخانة خاصة بعد تحييد الدعم والدور القطري للحركة وفرض حصار اقتصادي علي الدولة المضيفة ومغادرة قيادة الحركة الأراضي القطرية بسبب الازمة التي تفجرت بين السعودية والامارات والبحرين ومصر من جانب وقطر من جانب اخر..! اوائل شهر يونيو المنصرم اثر ذلك علي الدعم السياسي والمالي للحركة التي تبسط قوتها علي قطاع غزة ووضعها امام خيارات صعبة وقاسية بعد توقف الدعم السخي الذي كانت تتلقاه الحركة من داعمها الرئيس..! وفي جانب اخر استفادت الحركة من سيطرتها علي قطاع غزة كورقة رابحة مع القاهرة التي تسعي الي تأمين حدودها بالاتفاق مع حكومة الامر الواقع حيث جاءت التفاهمات الاخيرة ترجمة لذلك..! وتحقيقاً لمعادلة جديدة تنشأ أفضت الي تقديم القاهرة تسهيلات في جوانب انسانية وخدماتية مقدمة لقطاع غزة الذي يعاني اوضاعاً اقتصادية وانسانية معقدة وكارثية بفعل الحصار الاسرائيلي المطبق وفق ما تم التوافق علية بين قيادة حركة حماس والجانب المصري.
خلاصة القول ان العلاقات الحالية والتقارب بين الخصوم والفرقاء يأتي في اطار سياسات متبعة لا ناظم اخلاقي لها وما يحكمها المصالح المشتركة فقط وتحقيق كل طرف الاستفادة القصوى وتحقيق المكاسب بعيداً عن القيم والمبادئ بكل تأكيد لا مكان لها في منظومة العلاقات المبنية علي الأحلاف الاستراتيجية التي تعترف بالقوة ..! ويمكنها أن تحدث تقدماً ملحوظاً او اختراقاً مهماً وهذا ما يهمنا ويعنينا كفلسطينيين حال توفرت الإرادة الجادة والحقيقة ان نبنى علاقاتنا الوطنية اولاً من خلال النظام السياسي الفلسطيني وعلي أساس الهم والامل والمستقبل الواحد من خلال نبذ الخلافات وتوحيد طاقات الكل الفلسطيني ما يسهم في تمتين الجبهة الداخلية وصولاً الي اجماع وطني توافقي حول برنامج وطني موحد يقدم نفسه بديلاً عملياً لتفاهمات هنا وهناك لن يطول امدها طالما ارتهنت لأحلاف تتضح شيئاً فشيئاً في المنطقة لخصوصية موقعنا ولقضيتنا يتوجب التعامل بحذر شديد مع المخاض العسير والازمات والاشكاليات التي تعج فيها المنطقة..! والاستعاضة عن الدخول في دوامة الأحلاف بتبني الفلسطينيون موقفاً واضحاً من كافة القضايا والمشاكل التي تعصف بالمنظومة العربية ولا يؤثر علي مسيرة النصال الوطني التحرري و بما لا يخدم مخططات دولة الاحتلال العنصرية ويحقق المصالح العليا للشعب الفلسطيني وأهدافه وطموحاته بالحربة الاستقلال والدولة كاملة السيادة علي جزء من ترابه الوطني التاريخي لن يكن ذلك ممكناً ما لم تتوافق القوي والفصائل الفلسطينية علي الهدف المشروع..