الحرب على الإسلام وليس على الإرهاب!!بقلم:ياسين عبد الله السعدي
تاريخ النشر : 2017-08-20
الحرب على الإسلام وليس على الإرهاب!!بقلم:ياسين عبد الله السعدي


هدير الضمير
الحرب على الإسلام وليس على الإرهاب!!
ياسين عبد الله السعدي
هذا العنوان هو إجابة واضحة على تساؤل طرحته قبل ثلاث سنين وفي مثل هذه الأيام مما يوافق التاريخ الهجري ونشرته في جريدة القدس يوم الأحد بتاريخ 3102014م؛ صفحة 15- في يوم وقفة عيد الأضحى المبارك، وكان عنوان المقال: (الحرب على الإرهاب أم الحرب على الإسلام)؟!
وذكرت في ذلك المقال تدرج مراحل هذا الشعار حتى وصل إلى مرحلة التنفيذ الذي دمر بعض البلدان العربية وليس المدن لوحدها كما حدث ويحدث في سوريا والعراق واليمن وليبيا وتدخل القوى الأجنبية في الصراع بحيث لم تعد تلك الدول كيانات موحدة بل مزقتها الحرب ودمرت المدن وجعلت الناس يهربون طلباً للنجاة بأرواحهم وصيرتهم لاجئين ينتظرون ما تجود به الدول المانحة التي هي نفسها الدول المتحالفة تحت اسم تضليلي وهو: (التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب) ولكنه ليس له حضور في الدول التي تضطهد المسلمين وتحرقهم وهم أحياء وتمثل بهم كما يحدث في بورما وفي الصين وروسيا نفسها التي دمرت غروزني عاصمة الشيشان وأبادت الآلاف من السكان وفعلت بغيرها ما فعلته في غروزني.
تشير الأرقام المختلفة إلى أن عدد القتلى المدنيين من الشيشان بين 50000 - 100000, وأكثر من 200000 مصاب. وقد هاجر أكثر من 500000 شخصا بسبب الصراع حيث أصبحت القرى والمدن على الحدود في دمار هائل. واليوم تحتل روسيا سوريا احتلالاً مباشرا وتفعل ما قامت به في غروزني وتدمر ما لم تستطعه مدفعية النظام وصواريخه وطائراته، كما حدث في حلب التي لم تعد حلبا ذات التاريخ العريق وغيرها من المدن والبلدات السورية المختلفة.
التحالف الدولي يحتل سوريا ويقيم القواعد العسكرية على الأراضي السورية دون موافقة الحكومة الشرعية المزعومة أو استشارتها حتى بلغ العدد حسب إحصاءات رسمية 16 قاعدة عسكرية للدول التي تشارك في الحرب على الإرهاب وهي بريطانيا وفرنسا وتركيا وغيرها بالإضافة إلى روسيا وأمريكا.
تم تدمير العراق كله اقتصاديا واجتماعياً وعمرانيا بحيث صارت الموصل بالذات غروزني العراق وصار سكانها مثل سكان غروزني الشيشانية أو حلب السورية؛ وكل ذلك بحجة محاربة الإرهاب، مع إنهم اسقطوا صفة (الإسلام المتطرف) للتمويه بأن الحرب هي على (الإرهاب) وليس على الإسلام.
يحدث الشيء نفسه في ليبيا إلى درجة تدخل القوى المعادية دون استدعاء الحكومة الشرعية، كما يزعم النظام السوري بأنه استدعى القوات الروسية بموجب معاهدات سابقة. ليس في اليمن تحالف دولي معلن وإن كانوا يقومون بالدور نفسه بتزويد الأطراف المتصارعة على الساحة اليمنية ومشاركة ما يسمى (التحالف العربي) الذي لم يكن له حضور (التحالف الدولي) في العراق أو سوريا.
لقد كان التحالف الدولي موجودا خلال الحرب التي حدثت في البوسنة في التسعينات من القرن الماضي ولكنه لم يقم بحماية المدنيين من هجمات الصرب العدوانية وكيف تم تدمير سربنيتشا واغتصاب أكثر من عشرين ألفا من نسائها واحتجازهن لمدة 9 أشهر حتى يضعن ما في بطونهن على أنهم صربيون ولم تقم قوات (التحالف الدولي) المزعوم بحماية المدنيين البوسنيين مما أدى إلى مقتل 300000 من المدنيين البوسنيين حسب تقرير الأمم المتحدة، بل اتهمت بعض قطع قوات التحالف الدولي بأنها كانت تتواطأ مع الصرب وتسهل لهم هجماتهم.
اغتصب الصرب حتى الأطفال. اغتصبت طفلة عمرها 4 سنوات ونشرت الغارديان تقريراً عنها بعنوان: الطفلة التي ذنبها أنها مسلمة.
دعا الجزار رانكو ملاديتش القائد العسكري للصرب قائد المسلمين في (زيبا) إلى اجتماع ثم انقض عليه وذبحه كما تذبح النعاج وفعلوا الأفاعيل بزيبا وأهلها. ولكن الجريمة المروعة كانت حصار (سربرنتيشا). كان الجنود الدوليون يسهرون مع الصرب ويرقصون وكان بعضهم يساوم المسلمة على شرفها مقابل لقمة طعام. حاصر الصرب (سربنتيشا) سنتين لم يتوقف القصف خلالهما لحظة واحدة ثم قرر الغرب تسليمها للذئاب البشرية المسعورة. الكتيبة الهولندية التي تحمي (سربرنتيشا) تآمرت مع الصرب ضغطوا على المسلمين لتسليم أسلحتهم مقابل الأمان. رضخ المسلمون بعد هول العذاب والحصار والجوع وبعد أن أطمأن الصرب انقضوا على سربنيتشا وجمعوا 12,000 من الذكور( صبياناً ورجالاً) فذبحوهم جميعاً طعنا بالسكاكين ومثلوا بهم أبشع أشكال التمثيل. كان الصربي يقف على الرجل المسلم فيحفر على وجهه وهو حي صورة الصليب الأرثوذكسي.
إنها الحرب على الإسلام وليس على الإرهاب لأن أهالي سربنيتشا لم يمارسوا الإرهاب ضد أحد وإنما كانوا ضحية الإرهاب الصربي الذي قام بأبشع أنواع الإرهاب مما حدا بمحكمة العدل الدولية بتوجيه الاتهام إلى ملاديتش قائد الصرب العسكري ورادوفان كراديتش بالقيام بجرائم الحرب وتمت محاكمتهما.
تم تدمير حلب تحت شعار محاربة الإرهاب، وتم تدمير الموصل بذريعة محاربة داعش، وارتكب الإيرانيون من الجرائم ما لا يقل عن جرائم الصرب في البوسنة ويتم الفعل نفسه في ليبيا بحجة محاربة الإرهاب، فلماذا لم يتحرك المجتمع الدولي الذي ينشئ التحالفات الدولية لمحاربة الإرهاب بتكوين تحالف دولي لمحاربة بورما التي من الواضح لكل ضمير حي أنها أخطر من داعش وأكثر خطرا من تنظيمات المقاومة السورية التي صنفتها أمريكا بتنظيمات معتدلة وتنظيمات متطرفة ولكن عندما تقصف تعتبرها تنظيمات إسلامية كلها.
يقتل المسلمون في بورما ويلقى بهم في الخنادق الملتهبة بالنيران ويدفنون وهم أحياء ولا يتم التعامل مع بورما معاملة الإرهابيين. ويضطهد المسلمون في الصين ويقتلون ولم نسمع أن جهة ما تتحدث عن الإرهاب الصيني ضد المسلمين الصينيين. وتفعل روسيا الأمر نفسه في الشيشان المسلمة، ولم تتحرك أمريكا ولا مجلس الأمن لوقف الإرهاب الروسي، بينما تدخلت أوروبا وأمريكا ممثلة بحلف الناتو لصالح أوكرانيا وفرضت العقوبات على روسيا.
ارتكبت إسرائيل وترتكب جرائم تصل إلى درجة (جرائم حرب) ولكن الفيتو الأمريكي يحميها من الإدانة الدولية. قام المستوطنون بحرق الأطفال الفلسطينيين وهو نائمون آمنين في بيوتهم، ويقتل الفلسطينيون في الطرقات وعلى الحواجز بتهمة محاولة الطعن ولكن العالم يصمت عندما يتعلق الأمر بإدانة إسرائيل ويزعمون أن ذلك دفاع عن النفس أمام الإرهاب الفلسطيني.
في الثاني من تموز سنة 2014م تم حرق الشاب الفلسطيني محمد أبو خضير من شعفاط وهو حي ولم توصف إسرائيل بالإرهاب. وشنت إسرائيل عدوانا مدمرا على غزة في الثامن من الشهر نفسه واستمرت الحرب خمسين يوماً متواصلاً وقتلت أكثر من 2147 شهيداً وجرحت أكثر عشرة آلاف وثمانمائة جريح ولم تقم الأمم المتحدة بوصف العدوان بالإرهاب. وأخيرا نصبت البوابات الإليكترونية على مداخل المسجد الأقصى في تموز الماضي في محاولة للتحكم بدخول المصلين بحجة محاربة الإرهاب. أليس هذا هو الحرب على الإسلام؟
أطلق الرئيس الأمريكي جورج بوش شعار الحرب على الإرهاب، وبنى التحالفات التي تدور في فلك الولايات الأمريكية المتحدة على أساس ضرب جذور الإرهاب وتجفيف منابعه واستغل حادثة تدمير مبنى برجي التجارة العالمي في نيويورك كنقطة انطلاق في حملته لمحاربة أفغانستان والقضاء على تنظيم القاعدة ومعه حركة طالبان (المتشددة أو المتطرفة) حسب التصنيفات الأمريكية.
أعلنت أمريكا أن هدف التحالف الدولي هو ضرب (داعش) والقضاء على الإرهاب في العراق، وإذا بالقصف الجوي يستهدف غيرها من التنظيمات التي تتبنى الفكر الإسلامي في سوريا أيضاً بينما لم تقم بمحاربة (كبير الإرهابيين)، (دراكولا) المعاصر القابع في دمشق، والذي سفك دماء عشرات الآلاف وشرد الملايين ودمر نصف سوريا ويعرض الانضمام إلى التحالف لمحاربة الإرهاب.
(... وشهد شاهد من أهلها...). يوسف:26
الجنرال الأمريكي ويسلي كلارك يكشف سبب الحرب على الإرهاب والإسلام:
(من كان يظن أننا خرجنا لأفغانستان انتقاماً لأحداث 11 سبتمبر فليصحح خطأه. نحن خرجنا لقضية اسمها الإسلام. لا نريد أن يبقى الإسلام مشروعاً حراً يقرر فيه المسلمون ما هو الإسلام. نحن نقرر لهم ما هو الإسلام)!!
نشر في جريدة القدس يوم الأحد بتاريخ 2082017م؛ صفحة 16
[email protected]