"لا تسألونني عن ملياري الأول" ..بقلم:حمدان العربي
تاريخ النشر : 2017-08-19
"لا تسألونني عن ملياري الأول" ..بقلم:حمدان العربي


أحد الأثرياء سألوه يوما عن مصدر ثرواته الطائلة ومن أي أكتسبها ، بمعنى المبسط من أين له هذا. أجابهم ذلك الثري بكل صراحة ووضوح ، قائلا : "لا تسألونني عن مصدر ملياري الأول ، أما باقي الثروة على استعداد لتوضيح مصادرها"...
بمعنى ، ملياره الأول تحصل عليه بطريقة غير قانونية ، قد يكون عن طريق سرقة أو غش أو الاستفادة من شيء ليس به حق ،لإعادة "رسكلته" و"تبييضه" ، ليصبح ثريا بشكل لما هو عليه ، لكن أسس ثروته غير سليمة ...
وباستعمال قاعدة القانونية ، كل شيء مبني على باطل فهو باطل . مما يعني أن ذلك الثري كل إمبراطوريته الثرائية ( الثراء) ، بينت على باطل وضلال ...
لأن الثراء لن يكون بين ليلة و ضحاها و لا حتى خلال أعوام و لا بد من حلقات عمل و استثمار قد تكون هذه الحلقات أجيال عديدة...
أتذكر دائما هذه القاعدة كلما رأيت شخصا بالأمس المنظور كانت حالته المادية معروفة للخاص و العام مجرد موظف أو حتى عامل بسيط راتبه لا يكفيه حتى نهاية الشهر لتجده فجأة يتعامل بالمليارات و لا يكتفي بمسكن واحد بل في كل جهة تراه يبني ليس مسكنا بل فيلات قل حتى قصور...
قلت عاملا أو موظفا ، أو حتى تاجرا تراه في وقت قياسي جدا انتفخت ثروته كأنها بالون تم نفخه بواسطة آلات النفخ الكهربائية ...
لان التجارة ، قواعدها القانونية و الشرعية معروفة عدم إتباعها و تجاوزها يعتبر اختلاس وتصبح ثروته التي جمعها مبنية أيضا على باطل ...
كأحد التجار ، أثناء مناقشة دارت بيننا سألته عن كيفية تحديد نسب أرباحه في المواد و السلع التي يبيعها. أجابني ، بتعجب أي نسب تقصد ؟ مواصلا حديثه قائلا أن السوق هو من يحدد تلك النسب ...
بمعنى ، إذا اشترى شيئا بثمن معين و كان في السوق يُباع بعشرات المرات أضعافه فهو يبيعه بذلك الثمن . رغم أن نسب الربح محددة شرعا و قانونا تجاوزها يسمى احتكارا و نصبا و احتيالا ...
تماما كذلك الموظف أو العامل الذي استغل منصبه أو وظيفته للاحتيال و الاختلاس لتكون انطلاقته في عالم الثراء...
هؤلاء ، تجارا أو موظفون أو عمالا ، أو غيرهم ... الذين دخلوا الثراء على طريقة ذلك الثري صاحب مقولة المذكورة في عنوان الموضوع، أول شيء يفعلونه هو تزيين مداخل وواجهات ممتلكاتهم المترامية بلوحات رخامية مكتوب عليها بخط جميل جدا "هذا من فضل ربي"...
كأن الله لا يعلم و لا يرى أو كأنه يشجع ويبارك الكسب الغير شرعي بأكل والاستيلاء على حقوق الآخرين عام أو خاص...
قلت لوحة "هذا من فضل ربي" ، التي تذكرني بمشهد من إحدى المسلسلات العربية الهادفة ،في ذلك المشهد ، شُوهد الشيطان يبكي على الرصيف وهو ينظر في الجهة المقابلة إلى فيلا ضخمة. سألوه، ما أبكاك يا شيطان أهو الندم أم قلة الحال ...
أجاب الشيطان وهو يشير إلى لوحة مثبتة على باب ذلك البنيان ، وهو يقول " بكائي من نكران الجميل"...
مضيفا ، هذا كان من فضلي وصاحب هذا البنيان من تلاميذي المخلصين لكنه تبين في الأخير أنه ناكر الجميل...
فبدل أن يضع اسمي على تلك اللوحة عرفانا لي بما قدمته له من مساعدة و نصائح في النصب و الاحتيال لتكوين ثروته الطائلة ، وضع اسم الله . قلت ، مشهد من مسلسل لكنه بالقياس هو مشهد حقيقي ملموس...

بلقسام حمدان العربي الإدريسي
19.08.2017