وضع الاطفال القانوني في فلسطين بين الواقع و المأمول بقلم:شادي جبارين
تاريخ النشر : 2017-08-13
وضع الاطفال القانوني في فلسطين بين الواقع و المأمول

في فلسطين يحمل الاطفال هموم الجبال فمن اعتقال واحتلال واجتياحات من قبل الاحتلال الى من يحاول احيانا استغلالهم بعيدا عن الأنظار  والأفكار  لبث فكر قد يكون لهذا وذاك واكثر من واقعنا غير المراقب لوسائل التواصل الاجتماعي التي تعصف بأطفالنا من غير مراقبة الأهل.

 اطفال فلسطين هم جزء من اطفال العالم لهم خصوصية الوضع بما تمر به فلسطين من ازمات ولهم عمومية الشراكة بما يمر به العالم اجمع , ولذا كان لزاما علينا ان نحمل هم اطفالنا قانونيا واجتماعيا ليصل  بنا فكر الرقي والتطور الى صياغة قانونية تتفق مع توجيهات العالم الحديث لينعم اطفالنا بحماية قانونية متوافقة مع ما يصبو له المجتمع .

واذ ينظر القارئ الى التدرج الفكري في القانون والى مزيج القوانين التي سيطرت على فلسطين بحكم الحقبات الزمنية المتعاقبة  يرى ان فلسطين في طيات قوانينها خليطا لمدارس فكرية متعددة واتجاهات قد يتضارب بعضها في الأساس القانوني التي صدرت فيها تلك القوانين.

ان الحديث في محضر هذا المقال لا يطال الا الاطفال الاحداث والذين عرفهم القرار بقانون رقم (4) لسنة 2016بشأن حماية الأحداث بأنهم "الاطفال الذين لم يتجاوزوا سن الثماني عشر سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب فعلا مجرما , او عند وجوده في احدى حالات التعرض للانحراف , ويحدد سن الحدث بوثيقة رسمية  ان وجدت او بواسطة خبير تعينه المحكمة او نيابة الأحداث حــســب مقتضى الحال , وذلك بصريح نص المادة 1 من القرار بقانون الانف الذكر.

 ان الناظر الى القرار بقانون بشــــأن حماية الاحداث موضع الحديث يرى ان سياسة المشرع تتجه و الاتفاق مع ما يصبو اليه العالم في حماية الاطفال واعتبارهم ضحايا ليس الا , فالتدرج في المسميات القانونية من قانون المجرمين الاحداث رقم (2) لسنة 1937 والذي كان يطبق في المحافظات الجنوبـــــــــــــية او قانون اصلاح الجانحين رقم (16) لسنة 1954 والذي كان يطبق في اراضي الضفة الغربية يظهر بما لا يوحي  مجالا للشك ان السياسة الجنائية لدى المشروع كانت تنظر الى الطفل بانه مجرم يحتاج الى رعاية معينة واجراءات خاصة ليس الا , وانما الاتجاه الحديث يسير نحو اعتبار الحدث ضحية المجتمع او الاسرة حتى وان كان جانياً مرتكبا لما يخالف القانون , وعليه فإن نصوص القرار بقانون محل الحديث يتجه الى اليات الحماية الكاملة لهذا الطفل وإن كان لها مالها وعليها ما عليها .

  احاطـــــت  القوانين الفلسطينيــــة الطفل بالكثير اليات الحماية فصدر قانون الطفل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2004 واتبع بكثير من التعديلات حدد في بنوده الحقوق

والحريات سواء المدينة الاجتماعية و الصحية وغيرها ومن ثم حددت  في بنوده تلك الفئات التي شملها القانون والتي تعتبر معرضة لخطر الانحراف وكل ذلك تنفيذا وتماشيا مع بنود القانون الاساسي  المعدل لسنة 2003 وتعديلاته وخاصة ما نصت عليه مادة رقم (43) .

وان كان قانون الطفل قد تعامل مع الحقوق والحريات فان اطفالنا وفقا لظروف الحال قد يكونوا جناة في بعض الاوقات مما جعلنا ننظر ان من أوقعهم في براثن الجريمة  هو المجتمع ما دمنا قد سلمنا بانه انسان لم يكتمل نموه الجسدي و العقلي مما يجعله غير ملم بالقانون والاجراءات وما يترتب عليه نتيجة فعله .

ووفقا لهذا التوجيه كان لزما على مؤسسات الدولة كافة ان تعمل لتنفيذ القرار بقانون بحلته الجديدة وان كانت الشرطة الفلسطينية قد قامت بتشكيل شرطة متخصصة بقضايا الاحداث منذ عام 2010 ومن ثم شملتها ضمن دائرة حماية الاسرة في الشرطة الفلسطينية في نهاية العام 2013 ومنذ ذلك الحين كانت الشرطة الفلسطينية من اولى المؤسسات الحكومية التي نظرت الى الاطفال وتعاملت معهم كضحايا بحاجة الى حماية .

و يصدور القرار بقانون بشان حماية الاطفال واستجابة لنص المادة (15) منة والتي قضت بان تتولى اعمال الاستدلال في كل ما يتعلق بالاحداث او الاطفال المعرضين لخطر الانحراف شرطة متخصصة في كل محافظة حسب مقتضى الحال ويصدر بتخصيصها قرار من وزير الداخلية فقد صدر قرار وزير الدا خلية رقم(80) لسنة 2016 بشأن تخصيص شرطة لحماية الاحداث تتولى اعمال الاستدلالات في كل ما يتعلق بالأسرة والاحداث او الاطفال المعرضين لخطر الانحراف ويعتبر هذا القرار كاشفا لشرطة متخصصة تم انشاؤها قبل صدوره وانما اخذت به قوة قانونية خولتها التواصل والتنسيق والتعاون مع كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية والاهلية والجهات ذات العلاقات بحماية الاسرة والاحداث لتعزيز حماية الاسرة والاحداث.

وتعتبر الحلقة من حلقات التعامل مع الاطفال المعرضين لخطر الانحراف والاحداث وحلقة التواصل الرئيسية مع نيابة الأحداث ومرشد حماية الطفولة التي سوف نسلط الضوء على عملهم في مقالات لاحقة والية التكامل بالعمل بين كل من شرطة الأحداث وباقي المؤسسات الشريكة والأصلية في العمل لحماية الأطفال.

ما نأمله في المستقبل ان الى تغيير فكر المجتمع ووعيه بتضافر جهود المؤسسات الحكومية والاهلية للنظر الى اطفالنا ضحايا وليسوا مجرمين وذلك تماشيا مع يتجه اليه العالم اجمع , فأطفال فلسطين هم الاولى بالحماية لما عانوه من قهر واستبداد .

 
   شادي جبارين

كاتب وباحث قانوني