لسرد حكايات المخيم ألوان قوس قزح بقلم:يحيى عزام
تاريخ النشر : 2017-08-12
لسرد حكايات المخيم ألوان قوس قزح
ذكريات طفولتي المبكرة في المخيم
الحلقة التاسعة
لم أذكر الكثير من التفاصيل في طفولتي المبكرة، بعض الأمور و الأشياء أذكرها كصور علقت في ذهني و لم تفارقني، منها ما طلبت تفاصيلها من والدي أو ممن يكبرني سنا.. لكني لست مقتنعا تماما بما سمعته.
و كما قال خِداش بن بِشر التميمي (البعيث) و بايعت لَيْلى بالخلاء ولم يكن شهودي على لَيْلى ...
رغم أن تلك الصور لم تعد ضبابية ألا أني لست راض تماما عما رواه لي الآخرون ، شئ في داخلي يحك ذاكرتي كي أرى الصورة كما عايشتها، هناك بالتاكيد أمورا حصلت معي و مشاعر أحسستها شخصيا دون شاهد آخر... و خاصة حين يكون السرد حكايات المخيم بالوان قوس قزح.
سأسرد لكم أحدى هذه الحكايات بعد أن تيقنت من تفاصيلها!!!
قبل أن أبدا بالصورة الأولى لا بد أن أنوه أن عائلتي و منذ طفولتي كما المئات من عائلات اللاجئين الفلسطينيين الذين سكنوا في مخيم عنجر قد هجروا قسرا من هناك بسبب شجار بينهم و الأرمن ...... "هاي لحالها حكاية"
فمنذ ولادتي حتى دخولي إلى المدرسة انتقلنا من عنجر إلى مخيم عين الحلوة ثم إلى مخيم برج الشمالي ( مخيم الشهداء ).كما أنتقلت داخل المخيم من الخيمة، إلى حي الحكمة، إلى حي مدرسة الصرفند (الساحة).
و ألحكاية تبدأ في مخيم الشهداء........ تحديدا في حي ما يعرف الآن حي الحكمة على الطرف الشرقي للمخيم.
الصورة الأولى :
كان بيتنا ملاصقا لبيت دار عمي المرحوم أبو فياض هدروس، يفصل بيننا حاكورة.
البيت الذي سكنا فيه لاحقا و هو مكان الخيمة وهي الصورة الأولى العالقة في ذاكرتي كما ترون في الرسم الملحق و الذي صممته على الكمبيوتر.
أتذكر موقع خيمتنا، حيث كانت تقع في آخر صف في المخيم ناحية بستان الليمون ( لاحقا ) يقابلها صف آخر من ألخَيْمات بينهما شارع ترابي، الصورة العالقة في ذهني هي فقط في فصل الشتاء، حين تسربت المياه إلى داخل الخيام، كان والدي رحمة الله عليه قد بدا منذ صباح ذلك اليوم بالحفر حول خيمتنا، حيث توقع أن الأمطار ستكون غزيرة و أنه أن لم يكن هناك مصرفا لمياه الأمطار ستتسرب إلى الخيمة. و بهذا وفر والدي بحكمته و حسن تصرفه علينا تدفق مياه الأمطار إلى خيمتنا ونامت عائلتنا مطمئنة......
علمت في صباح اليوم التالي كيف كانت هطول الأمطار غزيرة حيث كانت الرياح كذلك قوية جدا مما تسببت في اقتلاع بعض الخيم، و أن والدي أبى أن ينم تلك الليلة دون أن يساعد ممن تضرروا من أبناء جلدته و خاصة الذين لا يقوون على رفع الخيام ثانية أو حفر مصارف للمياه، و في صباح اليوم التالي بدا أهالي المخيم يتناقلون أخبار ما حدث تلك الليلة وجميعهم يثني على شهامة أبو يحي وكيف كان يتنقل من خيمة إلى أخرى يتفقد المتضررين و يساعدهم .
كانت هذه المرة الأولى في حياتي التي عرفت فيها معنى الفخر و الاعتزاز و خاصة بمن هو أعز الناس على قلبي.
كان الشارع الترابي يصل المخيم بقرية البرج الشمالي و كان يتحول في فصل الشتاء إلى أوحال، قلة قليلة من الناس كان عندها جزم شتوية ممكن أنهم حصلوا عليها بالبقج التي كانت توزعها الأونروا.
أما الصورة الثانية هي في نفس المكان لكن في مرحلة استبدال الخيمة ببيوت الطين.
تابعوني على صفحتي .......................
في الحلقة القادمة سأحدثكم عن بيوت الطين و حكاية ثليجة التي أثلجت صدور الصغار بالأمل في العودة إلى الديار مهما بها غدر الزمان ومهما عليها جار.
ربما تتسع الحلقة القادمة لحكاية "الكر" أصغر حمار تاه في أوحال المخيم و ألذي أطعمته بيدي الصغيرتين التبولة أحتفالا بانتهاء بناء البيت الجديد.
ألقاكم على خير في الحلقة القادمة لسرد حكاية جديدة من حكايات المخيم بلون من الوان قوس القزح.
يحيى عزام (أبن لوبية)