الهَنديَّة..بقلم:ياسين لمقدم
تاريخ النشر : 2017-08-10
في باكرة يوم جديد، وكالعادة، وقف حارس السيارات "الجبْلي" أمام صاحب العربة الخشبية الثنائية العجلات. نظر مليا في ما تحمله من تين شوكي وقد صففه صاحبه على شكل تَلَّتين صغيرتين.

"هنديَّة" التلة الأولى السمينة والشهية المقتناه من الأقاليم الصحراوية في وسط البلاد، بدرهم ونصف للواحدة.

بينما الهندية الأخرى في التلة الثانية، فأقل جودة بسبب نموها في المناطق الساحلية، ويبيعها بدرهم واحد.
تناولَ "الجبلي" سكين الخضر، وأخذ بتقشير "الهندية بيمناه، ثم فصَل جزءً مهما من الثمرة الحلوة والسمينة عن معظم قشرتها بظهر إبهاميه، وازدردها بقضمتين متتاليتين.

واستمر في الأكل إلى أن امتلأ جانب العربة بقشور "الهندية" فكادت أن تفقد توازنها لولا تدخل البائع.
قلب "الجَّبلي" جيبه وعدَّ عدد نقوده فوجدها تناسب ثمن ما أكله.

انتقل نظر صاحب العربة بين عيني "الجبلي" الشرهتين وكفه التي تقرقع فيها القطع النقدية. ودعاه إلى أن يستمر في الأكل، وعليه دفع فارق الحساب في وقت لاحق بعد أن يتحصل الدراهم من أصحاب السيارات المركونة على جانب الطريق.

ولم يفهم صاحب العربة لماذا عليه تكرار نفس الدعوة وفي كل يوم منذ ظهور الهندية في الأسواق. وممازحا سأله عن عدد ثمار "الهندية" التي يكون قد أكلها في موسمها الجديد.

بعد حساب ذهني، قال الجبلي أنه، والعلم لله، يتناول يوميا أكثر من ستين "هندية" في الشارع، وبعضا منها عند عودته إلى بيته في كل مساء، تشتريها زوجته وتتركها في سطل الماء لتبرد. وبعملية حسابية بسيطة، اتفق الإثنان على أن "الجبلي" يكون قد أكل، خلال شهر منذ ظهور التين الشوكي، ربما أكثر من ألْفَي "هندية".