جراح الضحايا فم بقلم:اسراء الزاملي
تاريخ النشر : 2017-07-22
جراح الضحايا فم*

اسراء الزاملي

مخطئ و ساذج من يتصور بأن الاوساط السياسية في الجمهورية الاسلامية الايرانية لاتأبه ولاتهتم لما قد بات يثار على خلفية مجزرة صيف عام 1988، والتي راح ضحيتها أکثر من 30 ألف سجين سياسي من أعضاء و أنصار منظمة مجاهدي خلق، وإنها لاتأبه ولاتکترث للمواقف المختلفة المثارة على الصعيد الدولي ولاسيما في أوساط القرار الدولي، ذلك إن طهران تعلم علم اليقين بأن تلك المجزرة کانت واحدة من أکبر الاخطاء السياسية و الانسانية بشاعة في تأريخ الجمهورية الاسلامية الايرانية کما وصف آية الله المنتظري"نائب الخميني"، ذلك في الشريط الصوتي الذي تم إعلانه قبل أشهر، وهذا الامر من شأنه أن يسحب المتورطين في هذه المجزرة أمام المحاکم الدولية خصوصا مع توفر الظروف المناسبة و التي تهيأ لذلك.

هذه الجريمة البشعة التي تعتبر فريدة من نوعها في تأريخ السجناء السياسيين و التي إعتبرتها منظمة العفو الدولية جريمة ضد الانسانية و طالبت بمحاسبة المسٶولين الايرانيين المتورطين بها، لا يستطيع المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية، علي خامنئي من الفکاك و التخلص منها على الرغم من کل الاوامر و التعليمات الصارمة التي يصدرها بخصوص عدم التطرق لها بأي شکل من الاشکال، غير إن الجريمة وبعدما صارت تحت الاضواء و صارت حقيقة و أمرا واقعا ليس بالمقدور تجاهله أو نفي حدوثه، فإنها صارت ليس کسيف ديموقليس مسلط على رأس القادة و المسٶولين الايرانيين فقط وانما أصبحت أيضا بمثابة سوط يلهب ظهورهم بين الفترة و الاخرى و يجعلهم في وضع لايحسدون عليه أبدا.

إرتفاع أصوات و نداءات المطالبة الدولية من جانب مراکز قرار دولية وأوساط سياسية و منظمات و هيئات حقوقية في مجال حقوق الانسان، والتي تدعو لمحاسبة القادة و المسٶولين الايرانيين المتورطين في تلك المجزرة و سحبهم أمام المحکمة الجنائية الدولية حتى ينالوا جزاءهم العادل، مستمرة على قدم و ساق، والذي يثير قلق و خوف الاوساط الايرانية الحاکمة هو إنه ليس بمقدورها أن تفعل شيئا ازاء ذلك بل إنها تقف منتظرة ماستتداعى عنها الاحداث و التطورات، وهو موقف لم يسبق لطهران أن کانت قد جربت نظيرا له من قبل.

يوم الثلاثاء الماضي، المصادف 18 تموز2017، وفي خضم مٶتمر أقيم في مجلس العموم البريطاني، طالب العشرات من النواب بمجلسي العموم والأعيان البريطانيين ومحامين بارزين، بإدانة مجزرة إعدام آلاف السجناء السياسيين في إيران في عام 1988، و تشکيل لجنة لتقصي الحقائق و إحالة المتورطين في الجريمة الى العدالة، هذا الموقف الذي يحرج طهران کثيرا، يلفت النظر أکثر عندما تصدر تصريحات من قبل شخصيات رفيعة المستوى نظير وزير الاستخبارات السابق فلاحيان، تٶکد بأن تنفيذ تلك المجزرة قد تم دونما أي غطاء او مسوغ قانوني، حيث أکد فلاحيان و في لقاء تلفزيوني له خلال الايام الماضية من إن تلك المجزرة الدامية قد تمت دونما محاکمات في الثمانينيات وإن ذلك قد تم بأمر مٶسس الجمهورية الاسلامية الايرانية، الخميني ذاته.

فلاحيان الذي إستطرد في تلك المقابلة ليعلن و بمنتهى الوضوح من إن"آية الله موسوي تبريزي الذي كان المدعي العام لمحكمة الثورة آنذاك قال إنه لا حاجة إلى المحاكمة لا معنى أن نحاكمهم. وكان الإمام الخميني يؤكد دوما أنه يجب أن تحرصوا دوما على أن هؤلاء يجب ألا يفلتوا من بين أيديكم".!

اليوم، وبعد أن صارت هذه المجزرة حديثا و موضوعا و قضية تلسع و تخيف طهران أکثر من أية قضية أخرى، فإن ذلك يوضح مدى الظلم و الجور الکبير الذي لحق بهٶلاء السجناء السياسيين الذين تم إعدامهم لمجرد کونهم يحملون فکرا مختلفا عن فکر النظام القائم فهذه القضية صارت أشبه بجرح لايمکن أن يندمل و أن حاملي الجرح يعرضونه للعالم کله، لکن و کما قال الشاعر محمد مهدي الجواهري:

أتعلم أن جراح الشهيد                                   تظل عن الثأر تستفهم

فإن قضية مجزرة صيف 1988، ستظل ککابوس على رأس القادة و المسٶولين الايرانيين حتى يتم الاقتصاص منهم واحدا واحدا، وإن صبر المناضلين في منظمة مجاهدي خلق طويل و فريد من نوعه بهذا الصدد، فهو صبر من يفتح في الجبال نفقا بأبرة، والذي لاشك فيه هو إن ذلك النفق سيتم فتحه عن قريب و قريب جدا!

*عنوان المقالة مقتبس من قصيدة للشاعر العراقي الکبير محمد مهدي الجواهري بعنوان"أخي جعفر".