الميراث حق للمرأة وفريضة شرعية بقلم المحامية رهام ظاهر
تاريخ النشر : 2017-06-19
الميراث حق للمرأة وفريضة شرعية ... بقلم المحامية رهام ظاهر

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اسْتَوْصُوا بالنساء خيرا، فإن المرأةَ خُلقت من ضِلَع، وإن أعوجَ ما في الضِّلَع أعلاه، فإِن ذهبتَ تُقيمُهُ كسرتَهُ، وإِن تركتَهُ لم يزلْ أعوجَ، فاستوصوا بالنساء)).

التركة هي مجموع ما يتركه الإنسان بعد وفاته من مال أو حقوق مالية.

والميراث هو علم حسابي يبين حصص الورثة من مورثهم من أموال منقولة وغير منقولة، فيبين من يرث ومن لا يرث وطريقة قسمة المال الذي يتركه الميت على ورثته.

والمرأة تستحق الميراث في (6) حالات:

1.      الزوجة: وتكون حصتها من الميراث ربع حصة في حال عدم وجود فرع وارث للزوج أي أولاد وقد تكون حصتها الثمن في حال وجود الفرع الوارث.

2.      الأم: وترث الثلث إذا لم يكن للمتوفى أولاد ولم يكن له أكثر من اثنين من الإخوة فإذا وجد أي منهما ترث السدس

3.      الجدة: وترث السدس في حال عدم وجود الأب بالنسبة لجدة لأب وفي حال عدم وجود الأم بالنسبة لجدة لأم.

4.      البنت: وترث نصف حصة في حال وجود أخ أو إخوة، وترث نصف التركة في حال وجودها لوحدها كفرع وارث، أما إذا كانت أكثر من واحدة فيرثن ثلثا التركة.

5.      بنت الابن: وتعامل معاملة البنت في حال كانت الوارثة الوحيدة.

6.      الأخت: سواء الأخت الشقيقة، أو الاخت لاب، أو الاخت لأم فجميعهن يرثون.

   (مبدأ للذكر مثل حظ الانثيين مبدأ لا ينطبق في جميع الحالات الإرثية للمرأة –ليس مبدأ مطلق-وفي أحوال ترث كالرجل)

يقول الله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ، فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ، وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ...) [11: النساء [

ومن المخالفات والمحرمات التي ترتكب في حق الورثة بشكل عام وفي حق المرأة بشكل خاص بقصـد حرمانهم من الميراث -من آثار وشوائب الجاهلية لابتعادهم عن أحكام الإسلام-:

1.      تقسيم المورث ثروته في حياته إلى الذكور من أولاده دون الإناث، وذلك بقصد حرمانهن من الميراث بعد وفاته، عن طريق الهبة أو التمليك بالبيع الصوري أو التسجيل، وهذا العمل مخالف لقواعد المواريث العامة التي تعتبر قانونا من النظام العام الذي لا يجوز مخالفته أو الاتفاق على ما يخالفه.

وقد سبق وفسخ القضاء الفلسطيني العشرات من هذه البيوعات الصورية، بعد ان يثبت له ان هذا البيع صوري أي لم يدفع فيه ثمن حقيقي، وانما كان هدفه حرمان الاناث من الميراث؛ لان البيع بدون عوض "الثمن" هو بحكم الهبة، والهبة في حكم الوصية، ولا وصية لوارث.

كما ان هناك قرينه قانونية ان على الوارث المشتري الذي يدعى ضده انه اشترى التركة كليا أو جزئيا شراء صوريا بلا ثمن ان يثبت عكس ذلك، حيث ينقل عبء الاثبات بانه اشترى التركة بشكل كلي أو جزئي على عاتقه "الوارث المشتري"، وذلك لأنه لا مصلحة لأي شخص -عقلا ومنطقا-ان يشتري ما سيؤول له ارثا بلا ثمن بشكل كلي أو جزئي، بمعنى آخر لماذا يدفع شخص ثمن تركه أو جزء من تركة سيرثها أو يرثه بشكل مجاني!!

2.      استحواذ بعض الأبناء (كالابن الأكبر) على الميراث بحجة أنه هو الذي ساهم في تكوين ثروة والده، أو بحجة أن تبقى التركة على حالها لأنّها تراث من الوالد لتخليد ذكراه!! –يبرر سرقته لميراثها-

3.      التزوير بالوثائق المتعلقة بحصر الورثة باستبعاد بعض الورثة (الإناث غالبا) أي كتم بعض بالأشخاص.

4.      ادعاء وجود وصية لبعض الأقارب لحيازة جزء من التركة، كأن يدعي أحد الأبناء بان والده كان قد أوصى لأحفاده (أولاد المدعي) ليضمن نصيباً من التركة بالإضافة لنصيبه -بقصد تقليل حصص باقي الورثة-.


5.      تهديد المرأة من قبل الوارثين بالتنازل لهم عن نصيبها من الميراث، ويتم ذلك عن طريق التخارج أو البيع بواسطة وكالة دورية.

والتهديد قد لا يكون بإلحاق ضرر جسدي فغالبا ما يكون بتهديد المرأة بانها ستخسر أهلها ان هي طالبت أو أخذت ميراثها، وحيث ان المرأة بمجتمعنا تبقى تخشى الطلاق وغالبا ما تكون غير عاملة -وليس للشاذ حكما-فإنها تحجم عن أخذ ميراثها من اخوتها كاحتياط مستقبلي منها في حال وقوع الطلاق، حيث ستعود إلى بيت أهلها واخوتها، فهي لا تستطيع ان تعيش لوحدها في هذا المجتمع.

وقد يتم الاعتداء على ميراثها عن طريق الخداع بمبلغ مالي وهي ما يسمى "بالترضية"، وهذا شائع جدا في الآونة الأخيرة، وفي هذا النوع يعطون المرأة مبلغ زهيد أو قطعة ارض قليلة الثمن لا تساوي حقها في الميراث، بل تساوي اعشار هذا الحق ويطلب منها البيع أو التخارج في مقابل هذا المبلغ الزهيد الذي هو في حقيقته لا يمثل ميراثها.

6.      حرمان الزوجة من حقها في المهر المؤجل عند وفاة زوجها، أو اعتباره جزءًا من التركة فيقسم من ضمنها.


7.      حرمان المرأة من الميراث بسبب الأعراف والعادات والتقاليد القبلية السائدة في بعض القرى والأرياف، لاعتقادهم أن الأموال ستذهب إلى الأصهار، ورفضهم أن تملك المرأة ذمة مالية خاصة بها.

ان حرمان المرأة من الميراث هو لمعصية الله ورسوله حيث قال تعالى (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ). وقال عليه الصلاة والسلام "حارم وارثه من أهل النار"، وفي حديث آخر "من حرم وارثا ميراثه حرمه الله الجنة"، وحرمان المرأة ما هو إلا من طرق القطيعة لصلة الأرحام، وفيها تعريض للمرأة للفقر والعوز، واعتداء وظلم على الحقوق.

والشرع والقانون قد حددا وحصرا "موانع الميراث" للرجل أو للمرأة: بقتل المورث "فمن استعجل الشيء قبل اوانه عوقب بحرمانه"، وبالردة فلا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم.

وعلى الرغم من زيادة الوعي لدى المرأة، والصرامة في أحكام القضاء وتفهم القضاء لهذه الظاهرة، إلا ان مجموعة كبيرة من النساء لا تتوجه للمطالبة وذلك لعجزها عن دفع تكاليف المطالبة ورسوم ومصاريف واتعاب محاماة، وقد درج لدى بعض المحامين على أخذ اتعابهم كنسبة مئوية عند التحصيل النهائي لحصتها، مما يحل من مشكلة المرأة بالجانب المالي.

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ).

المحامية رهام ظاهر – رام الله

Reham Dahir