عندما تغضب السماء من نانا بقلم: كامل خالد الشامي
تاريخ النشر : 2017-06-17
عندما تغضب السماء من نانا بقلم: كامل خالد الشامي


قصة قصيرة/ عندما تغضب السماء من نانا
بقلم: كامل خالد الشامي
عندما تضرب القدر بقسوة, تتلاشي الخيارات, ويموت الحلم, وتختنق الكلمات,فيصبح كل شيء مثل الخط المستقيم , تختفي منه كل تفاصيل الحياة, لا تظهر له بداية ولا نهاية, فينكسر كل شيء, تتجمد الأحاسيس والمشاعر , وتختفي الصورة الجميلة والابتسامة الرقيقة, ويسود بحر الصدمة, وتصبح النفس مسكونة بالحزن والألم, فلا الصبر علاج , ولا العلاج يفيد,ولا الزمن يداوي الجروح, تموت الروح وتعيش, وتتجرع الحسرة بألوانها, وتقبلها وترفضها, تنحني وتستسلم لها بالكامل .
رافقها خطيبها الي الجامعة, تريد التسجيل للفصل الأخير قبل التخرج, في الطريق الي هناك, كانت نانا الحسناء العشرينية تظهر في حلة بهية, تشعر بدفء المحبة, تنظر إليه بفخر, وتتناقش معه بهدوء العشاق بعض تفاصيل الزفاف بعد إن تتخرج من الكلية مباشرة فالوقت يداهم.
دخلت برفقته الي الحرم الجامعي, والتقت ببعض صديقاتها اللواتي استوقفنها للتحية والتهنئة بمناسبة الخطوبة, ابتسامتها لا تفارقها. فهذه هي المرة الأولي التي تخرج فيها مع خطيبها الي الجامعة.
بعد استكمال إجراءات التسجيل واستيفاء الرسوم, وانجاز بعض المعاملات المتأخرة اقترح عليها خطيبها احمد المهندس الشاب إن يذهبا للتنزه قليلا علي شاطئ البحر قبل أن يعودا الي بيت أسرتها.
وسط زحام السيارات وأصوت أبواقها لم يكن للوقت وللخطوات أهمية, نانا تعيش بين رومانسية الحب تنهل منه ومسئولية الحياة المشتركة القادمة, لكنها لم تكن خائفة كانت تشعر معه بالأمان.
نظرت إليه وقالت له مبتسمة: أريد منك طفلة تشبه ابنه أختي أنا أحب الأطفال, فرد أحمد: أريد منك طفلا يشبهني,وبعدها طفلة تشبهك.تكون بسحر عينيك ولونها, وجمال وجهك ورشاقتك وأناقتك. فرحت نانا كثيرا بكلام احمد ,فزاد الشوق اشتياقا وزاد الحب حبا.
واصلا السير باتجاه شاطئ البحر, شعرت بالعطش, فطلبت من أحمد أن يأتي لها بزجاجة ماء , فقال لها: انتظري هنا تحت ظل هذه الشجرة, وأنا سأقطع الطريق الي الجهة الأخرى , هناك أري كشكا يبيع الماء,نظرت إليه ثانية ,همست له بصوت تختلط فيه الرومانسية مع الخجل: احبك.
نظر إليها والفرحة تملا عينيه: وإنا احبك أكثر.
قطع احمد الطريق علي عجالة واشتري زجاجة ماء وبينما هو يقطع الطريق ثانية الي نانا ,إذ بسيارة مسرعة تصدمه ويفر السائق من المكان.
خر احمد علي الأرض, وأغمي علي نانا التي كانت ترقب الموقف فالمسافة بينهما لم تتعدي المترين , تدخل المارة , وحضرت سيارات الإسعاف ونقلت المصابين الي المستشفي.
كانت حالته صعبة للغاية, ادخل الاثنان الي قسم العناية الفائقة, ولكن بعد دقائق معدودة فارق احمد الحياة, وتم تشيعه في نفس اليوم.
بعد محاولات متكررة استمرت عدة أيام تمكن الأطباء من إيقاظ نانا, وعندما فتحت عينيها بصعوبة أخذت تتفحص المكان ثم نادت :احمد, لكن أحدا لم يجيب, كان الطبيب المختص يشاهد ملفها الطبي ويضيف إليه بعض الملاحظات. نظر إليها بحزن وقال لها بعد تردد: للأسف أحمد توفي فغاصت مرة أخري في غيبوبة.
بقيت نانا في المستشفي تصارع نوبات الغيبوبة. وتعيش علي التغذية الصناعية,كانت قليلة الكلام كثيرة البكاء,وتشرد اغلب الوقت بذهنها الي شخص أحبته, لكن الأجل لم يمهله, وبقيت عدة أشهر علي هذا المنوال, تشعر بتأنيب ضمير وتحمل نفسها مسئولية وفاته.
مع مرور الوقت أخذت في التعافي ببطء, وعندما تأكد الأطباء من استقرار حالتها, أذنوا لها بالخروج.
عادت الي بيت أسرتها وهي ما زالت مكسورة وهزيلة , فقدت نصف وزنها,
تنتابها بعض الأحيان حالات من هستيريا البكاء والشعور بالذنب, تعطلت مشاريع حياتها وتلاشي الأمل وغابت عنها الفرحة.أصبحت تتعامل مع الأمور بعصبية وتغير مزاجها, وأصبحت تحب الانعزال.
قررت أن تعود الي الجامعة لتكمل متطلبات التخرج, بخطي متثاقلة وجرح في القلب, لكنها واصلت, ومع الوقت انشغلت مرة أخري بدراستها الجامعية, واستطاعت أن تنهي دراستها, لكن طيفه لم يفارقها فقد كان معها في كل الأماكن.
استيقظت مبكرا , وخرجت الي رياض الأطفال حيث كانت تعمل,فهي تحب الأطفال, وكان لها يوما حلما, وزجاجة عطر وبينما كانت تسير علي جانب الطريق صدمتها سيارة مسرعة فنقلت الي المستشفي للعلاج من بعض الرضوض والكسور.
[email protected]