ليلي تبحث عن حمار بقلم ابراهيم شواهنة
تاريخ النشر : 2017-06-15
ليلي تبحث عن حمار بقلم ابراهيم شواهنة


مضى العمر ... وليلى ...... تركب حمار عنادها .....المجنون ...كل عريس كان يتقدم لخطبتها .. كانت تضع فيه عيبا .... احيانا تتهمه بأنه قصير ..... واحيانا تتهمه بأنه غير مثقف ....."دقة قديمة " وربما لانه يلبس نظارات طبية ولا يرى ابعدمن أقدامه ..... واحيانا .... لانه لايجيد لغة الغزل التي تطرب الفتيات وتدغدغ مشاعرهن .... وربما لانه لايملك هاتف نقال ... وربما بنطاله " خصر ساحل " أى مائع ... و يطيل شعره كالبنات .والخنافس. ربما لانه يدخن السجائر..ويعلق سلسلة ذهبية في رقبته... وهي تكره المدخنين ...والمائعين .... وربما لانه فقير الحال وربما لانه من عائلة نسبها ضعيف...او ربما لانه لايشبه "ألن ديلون" او ترفولتا ..... او شامي كابور .... او جميس دين ..... فلم تكن عاجزة عن ايجاد المبررات للرفض ..لقد انتشر خبرها وانتقل للقرى المجاورة لقريتها ..فلم تكن موفقة في اختيار شريك العمر .... وكنا نتسأل بيننا وبين انفسنا ..... هل صحيح ان كل الشبان .. " عاهات" وليلى ....التي تتخيل نفسها .... مثل فرح فاوست ...أو بروك شيلدز........ فتاة تستحق فارس احلام ليس له مثيل في الكون ..... ويمضى العمر ... رويدا رويدا .... وليلى ..... تخطب في الشهر .... من أكثر من ثلاتين عريسا ... ولا زالت ليلى .... تعتلي صهوة حمار العناد..............

 واخير ... وحين نفذ صبرها ... عادت تقلب الدفاتر القديمة ..... وتستعرض بمخيلتها .... قائمة العرسان الذين ..... تقدموا لخطبتها 

 تحسست شعرها الابيض ..... وتجاعيد وجهها التي مر عليها الزمن .... فترك اخاديدا ووديان وسهول .. تنهدت بعمق .. فانسابت من عينها دمعتان ساخنتان .. 

 حسن .ما عيبه ؟؟.. الم يكن مناسبا .؟؟.. ومحمد ... مابه هو الاخر ... وفلان وفلان .....إبراهيم   ما به .والله  أنه وردة ..حتى وهو في عمرة الخمسين ..و.. ما أكثرهم ... ولكن .... ما الفائدة .... فبعضهم قد انتقل للدار الاخرة والبعض منهم لا زال حيا يرزق ... ولا زالت ليلى ..... تقلب دفاتر الذكريات .... تأكلها الحسرة .. ويمزقها الندم .. 

 سعيد ... طبيب الجراحة , في مشفى المدينة .. صاحب القامة الفارعة .. والشعر الاسود .. كانه الليل .. ما أجملك .. يا سعيد

 لقد كنت مجنونه ... يوم رفضتك .. وقلت .. انك ثرثار .. ومغرور بنفسك ... وانت يا فريد ...ايها المهندس العبقري .. يامن صممت كل العمارات والبنايات والمراكز التجارية في المدينة ... انت الاخر 

قلت عنك .. ان أمك " قوية " وانك ابن امك .. لا تخطو خطوة دون

أمرها .. أرملة .. ربتك حتى اصبحت مهندسا يشار لك..... بالبنان ..

 لقد ماتت يرحمها الله .لقد تحررت من جبروتها . وها انت تعمل بكل جد واخلاص ... متزوج من سعاد .. التي انجبت لك خمسة أطفال كالورود المتفتحة في حدائق الحياة .

مستحيل ... ما فعلت .. ربما كان العيب بي أنا .. ولكن الم أدرك ذلك

الا بعد فوات الاوان .. 

 وصل بها الضجر .. حد ارنبة انفها ... ها هي تكره حياتها .. بكل صدق وأمانه ...أين كان عقلها .. في ذلك الوقت ؟؟ الم تفكر بتلك الساعة العصيبة التي تحياها الان .

 تبا .... وتبا لي ... فقد كنت مجنونة ولا زلت .. أفكر بعقلية الحمير ... ولا ... زلت أعتلي .. صهوة العناد .. وها ...أنا .... اجني ثمار عنادي البائس .. 

 ومثلي الكثيرات ... ممن لا يفكرن بعقلانية .. ولا يزن الامور بميزان الواقع ..وهل حان الوقت لكي ..أترجل .. عن صهوة العناد

 وأركب .. حمارا ... قد يصدفني في الطريق ... وهل انقطعت الحمير من الوجود ...؟؟ وهي الوسيلة الوحيدة .. للتنقل في زمن الجاهلية الاولى .. 

 نعم .. أريد ..حمارا .... من أي نوع .. لا يهم ... فقد فاتني القطار .. وعلى أن أصل الى المحطة ... التي تحلم بالوصول اليها كل الفتيات ... ما همنى لو ركبت حمارا ... أجرب .. أو أشعث أو أغبر .. اسودا كان أم ابيض .. مخططا كان أو سادة .. المهم الوصول حتى لا يقال عني .. العانس ...