نضالات الحركة الاسيرة الفلسطينية وتطور اساليبها 1967-2005 (ج1) بقلم:د. محمد عبد الجواد البطة
تاريخ النشر : 2017-04-19
نضالات الحركة الاسيرة الفلسطينية وتطور اساليبها 1967-2005 (ج1)
يعتبر الاضراب عن الطعام أول وأهم سلاح استخدمه المعتقلون الفلسطينيون ضد السجان الاسرائيلي ففور الإعلان عن تأسيس "إسرائيل"، في أواسط أيار/ مايو 1948، قامت سلطات الاحتلال بإنشاء العديد من المعتقلات زجت فيها آلاف الرجال الفلسطينيين ممن كان في وسعهم حمل السلاح من الفئة العمرية 15-65 عامًا، والذين اعتقلوا في أثناء عملية احتلال القرى والمدن في مختلف مناطق البلاد، تلك العملية التي بدأت تتسارع وتيرتها بعد انهيار خطوط الدفاع في المدن الفلسطينية الأساسية، وسقوطها في أيدي القوات اليهودية منذ أواسط نيسان/إبريل من نفس السنة(). وقد انشأت ثلاثة سجون كبيرة في اجليل وعتليت وصرفند وهي عبارة عن ساحة واسعة مقسمة الى اقفاص، كان يوضع في الواحد منها أكثر من 500 معتقل، وكانت المعاملة فيها سيئة للغاية وعنصرية، وقد قدرت اعداد المعتقلين انذاك ب 12000 معتقل، وتولى مهمة الاشراف على السجون في بداية الامر افراد من المنظمات الصهيونية المتطرفة مثل اتسيل المعروفة بالارغون ايضا ولحيي، وكان يتم تصفية بعض المعتقلين الذين يشتبه أنهم قاتلوا المنظمات الصهيوينة وذلك تحت مبدأ انتقامي بحت دون محاكمة، قاوم المعتقلون هذه السياسة منذ بداياتها ولم يرضخوا لها ونظموا مجموعة من الخطوات الاحتجاجية.
وجاءت أولى هذه الآليات الاحتجاجية على أثر مقتل معتقل فلسطيني من قبل سجان يدعي "جابي" حين أطلق عليه النار بدم بارد أمام الجميع في سجن عتليت وأيضًا قيام الجنود بعملية ضرب جماعية للمعتقلين فقام المعتقلون الفلسطينيون وعلى رأسهم الذين ينتمون الى الحزب الشيوعي بالخروج إلى الساحة مجموعة واحدة وأنشدوا نشيد الأممية() أمام الناس وفوجئ الجيش بهذا السلوك وتم إعلان الإضراب عن الطعام من قبلهم احتجاجًا على المعاملة السيئة وتم كتابة المنشورات بخط اليد بعدة لغات منها العربية والعبرية والانجليزية وتم توزيعها في السجن وتهريب نسخه منها إلي خارج السجن عن طريق سجناء يعملون خارج السجن وتم توزيعها في شوارع حيفا ونسخة أخرى أُرسلت إلي صحيفة "الاتحاد"()، تم تهريبها عن طريق جندي شيوعي يعمل في المعتقل وتم نشرها من قبل الصحيفة، واستمر الإضراب خمسة أيام ونصف؛ وشارك فيه 45 شخصًا ولكسر هذا الإضراب من قبل قوات الاحتلال قامت بتوزيع الشيوعيين على معتقلات أخرى ، وبالرغم من هذا الإجراء، حقق الإضراب نجاحًا ملحوظًا، حيث تم توزيع كميات كبيرة من المعدات اللوجستية على المعتقلين الشيوعيين والآخرين وتم تنظيف معتقل عتليت() من الشوك وأصبح المعتقلون يطهون طعامهم بأيديهم().
وبعد حزيران 1967 وحتي عام 1985 خاضت "الحركة الأسيرة" مجموعة من الإضرابات، قبل تكوين جسم اعتقالي وقبل بروز ظاهرة التنظيمات والأطر النضالية داخل السجون، منها:
إضراب سجن الرملة بتاريخ 18 شباط/ فبراير 1969 لمدة 11 يوماً، وإضراب معتقل كفار يونا بتاريخ 18 شباط /فبراير1969، لمدة ثمانية أيام، وإضراب الأسيرات الفلسطينيات في سجن نفي ترتسا بتاريخ 28 نيسان /إبريل1970 لمدة تسعة أيام()، وأيضًا إضراب سجن عسقلان بتاريخ 5 تموز /يوليو1970 لمدة سبعة أيام ، سقط فيه المعتقل "عبد القادر أبو الفحم" شهيدًا()، وإضراب المعتقلون في سجن عسقلان عام 1971، حيث كانت سياسة الإذلال والقهر تمارس بشكل منهجي ضدهم، فخاضوا إضراباً عن الطعام استمر أسبوعين متواصلين، استطاعوا من خلاله وقف تلك السياسة والتحكم في قسم من ممارسات إدارة السجون والسجانين ضدهم حيث: سُمح لهم بالنوم بعد عملية العد الصباحية، فقد كان من قبل يُفرض عليهم أن ينهضوا قبل العد في الساعة السادسة ويرتبوا أغطيتهم ويظلوا جالسين (حتى الاستلقاء كان ممنوع على المعتقلين). وسُمح لهم بعدم البقاء بملابس السجن حيث كان مفروضاً عليهم أن يظلوا طوال النهار بالملابس الرسمية الموحدة للسجن، وتم زيادة وجبة الإفطار من نصف بيضة إلى بيضة كاملة وزيادة شرحات الخبز والمربى وما شابه. وهذه الإنجازات على قلتها ظاهراً، لكن المعتقلين اعتبروها كبيرة بطريقة انتزاعها(). يتبع
د/ محمد عبدالجواد البطة
الباحث في التاريخ الحديث والمعاصر
[email protected]