نعش الديمقراطية الدولية في الإسكوا بقلم:أ. سلوى محمد ساق الله
تاريخ النشر : 2017-03-20
نعش الديمقراطية الدولية في الإسكوا  بقلم:أ. سلوى محمد ساق الله


نعش الديمقراطية الدولية في الإسكوا

بقلم:  أ. سلوى محمد ساق الله

تتوالى كشف الممارسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين وتوثيقها في تقارير دولية، إلا أن الضغوطات لا تنفك أن تمارس هي أيضاً لمنع النشر أو الإدانة. تتجدد البطولات الداعمة للفلسطينيين في التقرير الدولي للأمينة العامة للجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغرب آسيا (إسكوا) الدكتورة ريما خلف، والذي يتهم إسرائيل بممارسة اضطهاد للشعب الفلسطيني، والممارسات اليومية التي يقوم بها بحق الفلسطينيين، كما تضمن وصفاً لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يجب محاسبة إسرائيل عليها.

سمعنا جميعاً عن الضجة التي أثارتها استقالة الدكتورة ريما خلف مؤخراً إثر سحب التقرير من الأمم المتحدة، تلك المنظمة التي يفترض أن تكون راعية ومدافعية عن حقوق الإنسان حول العالم.  إن المطلع على نص استقالة ريما خلف، يرى أنه من الفخر أن تدرّس لجميع السياسيين وأن يخلّد التاريخ الشخصيات التي تناصر الشعب الفلسطيني بالموقف والفعل المشرّف قبل الكلمة، بالضمير الحي وليس أشباه الضمائر.

يعد هذا الموقف المشرف انتصار جديد لفلسطين أمام العنجهية الإسرائيلية، وتستر قيادة المنظمة الدولية المنحازة للإسرائيليين، وعلى الاحتلال العنصري.  وبهذه الاستقالة؛ خسرت الأمم المتحدة شخصية من أفضل الشخصيات الاجتماعية المتخصصة في التنمية المستدامة ومحاربة الفقر في المجتمعات النامية حول العالم.

إن سحب التقرير هو جريمة دولية بحق الفلسطينيين، ولا شك أنه دلالة على فضح العنصرية الإسرائيلية، ويحتوي على شواهد قيمة وثوابت جديدة لكل الجرائم التي يرتكبها الاحتلال من أجل قمع الفلسطينيين يومياً على أراضيهم، وتفتيت وحدتهم في الهوية، والأرض سياسياً وجغرافياً ومسح تاريخهم، وحرمانهم من حقهم في العودة والحرية في ظل تواطؤ الأمم المتحدة من أجل التغطية على جرائم الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني.

جاء التقرير موثقاً لنظام " الأبارتايد" - أسسته إسرائيل - ويعني جريمة الفصل العنصري، وهو مصطلح غير متداول في منطقتنا، ولكنه شاع استخدامه لمتتبعي التاريخ في جنوب القرن الأفريقي في العقود الماضية، حيث حكمت من خلاله الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا بعد تقسيم الأفراد إلى أصول عرقية، وبدأ التمييز في الحقوق والخدمات المقدمة في ظل إطار قانوني ابتدع من أجل الهيمنة السياسية والاقتصادية والعرقية أيضاً، ويعتقد أنه قد انتهى. إلا أنه أصبح الأبارتايد يطلق على الجرائم ضد الإنسانية بموجب القوانين الدولية العرفية ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وبأنه أي فعل يرتكب ضد الإنسانية، وهو ما يمكن اعتباره نظام قائم على منهجية الاضطهاد من جانب جماعة عرقية واحدة إزاء أخرى بهدف الهيمنة العرقية، وفي هذا السياق أسست إسرائيل هذا النظام من أجل تفتيت استراتيجي للشعب الفلسطيني في غزة والضفة والداخل المحتل من الناحية الجغرافية والقانونية من أجل هيمنة أكبر.

تركت السيدة ريم خلف إرثاً عربياً ودولياً ثرياً بالموقف الداعم والمناصر لحقوق الشعب الفلسطيني المغتصبة، وأن موقفها مشرف من القضية الفلسطينية سيبقى تاجاً على رأس كل فلسطيني غيور على أرضه ووطنه، وسيبقى موقفها عنوان العزة والكرامة والشجاعة في الدفاع عن الحق ولكل من يؤمن بالعدالة والمعنى السامي للإنسانية، حين غابت مثل هذه المواقف المشرفة عن كثير من الساسة العرب.

لم يكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس هو الذي يكرم ريم خلف بأعلى وسام فلسطيني، بل هو كل فلسطيني وذلك تقديرا لشجاعتها ودعمها للقضية الفلسطينية، وإننا جميعا نرفع القبعات احتراماً لمثل هذه المواقف الجليلة والتي دقت مساميرها في نعش الديمقراطية الدولية، وعلينا ألا نيأس من جميع محاولات فضح الممارسات اللإنسانية ضد الفلسطينيين في كل زمان ومكان حتى زوال الاحتلال عن أرض فلسطين وتحرير كامل أرضها.