اللاجئون في أوروبا / تساؤلات و مصير يلفّه الغموص
بقلم : عبد السلام فايز
لماذا غلّقَتْ الدول العربيّةُ أبوابَها أمام اللّاجئين في حين أنّ عويلَها عليهم أقلقَ الأفق؟
و ماهي النتائج المنتظَرة بعد وصول ملايين المُهَجّرين إلى القارّة العجوز؟
بعد وصول الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب إلى سدّة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية ، و قراره اللافت بمنع وصول اللاجئين المسلمين إلى بلاده، راحَ كثيرون من أصحاب الرأي و السياسة في الوطن العربي يُدلون بدلائهم في بحر الانتقاد و التنديد بهذا القرار الظالم كما وصفوه، بل إنّ من منهم من حاول التصعيد أكثر فدعا إلى نزع الشرعية عن ترامب و الخروج بمظاهرات تطالب باستقالته و إعادة الانتخابات إلى مربّعها الأول..
نعم، نتّفق معهم في كل ما سبق، ولكنّ السؤال المتداول الآن هو ما الفرق بين سياسة دونالد ترامب و سياسة الأنظمة العربية في القضيّة ذاتِها؟
دُلّني على دولةٍ عربيّة تعاملت مع ملف اللاجئين تعاملاً سليماً من حيث الاستقبال أو من حيث الزيارة أو من حيث اللجوء..
ألا تُعتبَر فضائح و فظائع مخيمات اللجوء في الدول العربية دليلاً واضحاً على عدم رغبة هذه الدول باللاجئين؟
ألا تتشابه إذاً السياسات الأمريكية مع سياساتهم في منع تدفّق اللاجئين إلى بلادهم بيدَ أنّها تختلف في نقطة جوهرية هي أنّ ترامب صرّحَ بذلك علناً بلا تردّد ، بينما هم لم يصرّحوا و فعلوا مافعله ترامب خُفيةً عن منابر المؤتمرات الصحفية ؟
مَنْ أَحَقُّ بملايين اللاجئين العابرين و الجاهزين للعبور، أوروبا التي لا ناقةَ لنا فيها ولا جمل، أم دولنا العربيّة التي تعجّ أجواؤها برائحة النفط و الغاز ؟!
ألم يشاهدوا بعدسةِ عينهم كيف نالَ البحرُ حُصّته من لحوم الأطفال و النساء و الشباب الغرقى الذين امتطوا قواربَ المطّاط في رحلةٍ تزداد فيها احتمالات الموت و تقلّ فيها آمال الوصول؟
لم أجد جواباً لكل هذه الأسئلة إلّا على لسان شيخٍ هَرِم صاحبني خلال أسابيعِ الزحفِ إلى أوروبا حيث قال : إنها سياسةٌ مُمنهجة تتّبعها الدول العربية و بالاتفاق و من وراء الكواليس، لإفراغ الشرق الأوسط من ساكنيه ، و خاصة البلاد المحاذية لإسرائيل كي تتخلّص إسرائيل من أكبر قدر ممكن من الشباب و أصحاب الفكر الثوري و المثقفين..
و هذا ما يجري الآن حيث تحوّلت بلادنا إلى قارة عجوز لاوجودَ للفتوّة فيها، ولا للفكر المعادي لإسرائيل خاصّةً بعد ظهور النزاع السّنّي الشّيعي في الآونة الأخيرة..
ثمّ بعد ذلك ما هو مصير ملايين اللاجئين الواصلين إلى أوروبا؟
فالطامة الكبرى لن تباغتَنا الآن فحسب، بل بعد عقود، حين ينشأ الجيل العربي الجديد في بلاد القانون الأوروبي التي تفرض القوانين المحلية على مواطنها و على ضيفها ..
الأمر الذي سيجعل المواطن العربي مدفوعاً لِأَنْ يجدَ نفسه تحت المطرقة الأوروبية الطّريّة..
و المتنقّل بين أفراد الجاليات العربية المقيمة في أوروبا منذ عقود يَعِي هذا الكلام تماماً ، و ذلك حين يرى جيلاً عربياً لا يعرف عن العربية سوى الخريطة التي ربّما تصادفه في منهاجه الدراسي في حين أنّ لَكْنَتَهُ الأوروبية و حلمه الأوروبي واضح للعيان..
هذا، و إنّ المعضلة تتفاقم كذلك بالنسبة للاجئ الفلسطيني الواصل إلى أوروبا، فأضِفْ إلى كل ماسبق ملحوظةً هامة هي أنهم مهروا تذكرة إقامته بخاتمٍ عنوانه (بلا وطن) ، فكأنه لا يملك شبراً واحداً من الربع اليابس للكرة الأرضية ، أو ربما يكون جلموداً غريباً سقط من الشمس فوق أوروبا، ثم راح يعيش بين حلمين اثنين : حُلم العودة إلى أطلال مخيّمات الشتات، و حلم العودة الأكبر إلى فلسطين..
فإلى أين؟
ولماذا؟
و حَتّامَ ؟
و متى؟
اللاجئون في أوروبا / تساؤلات و غموض بقلم : عبد السلام فايز
تاريخ النشر : 2017-03-20