كُن أنتَ وحدك ! بقلم : داليا العروج
تاريخ النشر : 2017-03-18
غالباً ما تَرتمي بأحضَانِك رسائل قد هربت منها كثيراً ، ابتعدْت واختفيت حتى ﻻ تقرأَها فتكون بواقع مُر .. ماذا لو قبضتْ علَيها بكلتا يديك وأَريْت من حولك عظيم همتك ، ودحرت كل نزف بداخلها ¸ماذا لو قرأتها وداخلك يقين بأن كل شيء من حولك حقيقي , ماذا لو عزَمت أنك ستغمض عينيك بعدها وقد تغلبت على سطورها المؤلمة .. فداخلك روح تأبى الهزيمة وتعظّم الوعود ....
كنت صلبًا من الداخل والخارج ، باردًا، هيئتك تُوحي بالموت الحيّ، أو الحياة الميّتة، لستُ أدري، هكذا بدوتُ لي، ولصوتك يا لبطأه بالزحف خارج حنجرتك مثل طفلٍ يأبى أن ينضج فوقَ نار الحياة وكُلُّ صدًى ليس إلا محاولات صوتك للعودة إلى الحياة بدأ الأمر وكأنك متواجد في أفكار مختلفة عن الآخرين، وأنك تعايش زمنيْن في ذات الوقت،. الأوّل كان مصنوعًا من طين، والآخر منسوبًا إلى الماء. وهكذا كُنت تتنقل ما بينهما، بآلة زمنيّة تُسمّى: الليل. لم يكن فارق البشر ما يؤرقك، بل ما يقبع خلف صلابتك هذه من أنهار لاذعة في داخلك. فكُل شقّ صغير يُخلّفه المارّة على جُدرانك كفيل بتسريب بعض ما جاهدتُ طويلًا لاحتوائه بداخلك . الشقوق الصغيرة لن تبقى صغيرة للأبد، ستكبر هي الأخرى، مثل الطفل، ومثل صلابتك ، عندها حتمًا ستتدفّق من داخلك خارجًا دون تردّد، للمرّة الأولى ! اندفاع كهذا، من شيم القاتلين لا الأنهار، لأنّ الأنهار إذا ما اندفعت دون دافع ستجف كأنك ستمر عن نهر الحياة إلى نهر أشبه بالحياة , و كُن ممتنًّا لِكُل المرات التي تخطيْت فيها نوبَة الفزع وحدَك، واستطعت تنظيم أنفاسِكَ وطرد كُل الأفكارِ التي تخنُق قصَبَتك الهوائية وحدك. كُن ممتنًّا لِكُل المرات التي احتجت فيها رفقةً أو رأيًا أو مُساندة لكنّك استطعتَ التغلّب على ذلك الشعور والاستمرار وحدك، كُن ممتنًّا لِكُل الخيارات الكبيرة والصغيرة التي اتخذتها وحدك، وكل الطرق التي خطوتها بِغَيْرِ ونيس. كُن ممتنًّا أنَّكَ تعلّمتَ أخيرًا كيف تستقبلُ الصدمات وتقاوم السقوط، وتتوقّف عن البُكاء وتستعيدُ التوازن وحدك. كُن ممتنًّا أيضًا أنَّكَ لازلتَ لا تُحِبُّ الوحدة، ولازلتَ تؤمن بالونَس وتُقدّسُ الصلابة. كُن ممتنًّا أنَّكَ عرفت كيف تسيرُ الطرق وحدك , "