عراقيون في المتاهة بقلم:ا.د. عبد الكاظم العبودي
تاريخ النشر : 2017-02-19
عراقيون

صم بكم عمي

بحالهم لمن سيترجمون

 ا.د. عبدالكاظم العبودي

 في يوم الجمعة 17/2/2017  الأسود حصدت التفجيرات الإجرامية  وقبلها أمس الخميس في حي الحبيبية وساحة وهران أرواحمئات الشهداء والجرحى وسط صمت وذهول العراقيين والعالم المتفرج على فصول المذبحة.

وفي نفس هذه الجمعة السوداء  تقاطعت وانقطعت السبل بعراقيين آخرين، فتواجدوافي مؤتمرات التيه والضياع الوطني، بعد أن تشردوا وتقاتلوا ثم ذهبوا صاغرين وهم متفرقينتحت راياتهم الطائفية والاثنية ليجتمعوا أذلاء ومُهانون يستمعون إلى وصايابتراريوس ولافروف في  قاعات مؤتمرات مدفوعةالأجر في جنيف وموسكو ، أما التعساء فلم يجدوا قاعة تجمعهم ، لكنهم تجمعوا في ساحةالتحرير تحت شعار " الصمت يكفي"  وبتطبيق كفاح الصمت التكتيكي كما نصحهم ساحرهم الأكبر،تقابلهم حراب وبنادق المليشيات الوقحة من نفس تحالفهم الوثني الطائفي .

عراقيون ضائعون في التيه ، كل يغنيويندب حظه على ليلاه العراقية، يعبر عن حاله بطريق ما باتت تثير سخرية العالم ودهشته من هذه التصرفات الخرقاء.

ذهب " سنة المالكي" وتُبعَهم إلى محفل بجنيف بمال وتمويل خميس الخنجروسعد البزاز ، وذهب الكرد إلى موسكو يسعون إلى دولة وانفصال،  وظل أتباع مقتدى الصدر ببغداد وكربلاء والمثنىومدن أخرى صامتين حيارى، وعلى أفواههم وضعوا الأشرطة اللاصقة محتجين بطريقة لا صخببها بما سمي "الصمت التكتيكي"  بعد أحداث مجزرة السبت الفائت 11 شباط 2011ومسيرة التشييع الرمزي لتوابيت بدون جثامين للشهداء يوم الثلاثاء 14 شباط 2017بينما وقفة ثلة من رجال الداخلية والأمن الحكومي في إحدى المحافظات بأداء التحيةالعسكرية ويطلقون الرصاص أمام رتل يحمل توابيت فارغة يسير أمامهم في تشييع رمزيآخر.

رطانة بعض العراقيين في التيه المخزيلم تجد من يترجم شعاراتها لهم كي يفهمهم العالم، فالصمت والصراخ وتمثيل المشاهدالممجوجة باتت ممسرحة ولغتها وشعاراتها أضحت تشبه لغة الصم البكم في حوارهم معسلطة العملية السياسية والمشرفين عليها من ساسة العالم.

تذكرني حالتهم بما كنا نتسلى به ونحنصغار في حل اللغز التالي في حكاية ظريفة كانت تقول:

(...   هناك صديقان أحدهما أعمى والآخر أصم أبكم ،وصادف ان الأصم الأبكم  رأى في الحلم منامابأن صديقه الأعمى قد مات ساقطا من علو شاهق... فكيف سيخبره قصة هذا الحلم؟  ويزعج مزاجه بمثل هذا الخبر المشئوم؟؟ ).

 وبطبيعة الحال استعصى على ذكائنا في الصغر حل ذلكاللغز لإخبار الأعمى بأنه مات في طيف صديقه الأبكم الأصم ، والجواب كما يعرفه الأذكياءلإيجاد طريقة عملية لحل اللغز هو اللجوء إلى وسيط ثالث يرى ويتكلم ويفهم لغةالإشارة، ليشاهد حركة الصم الأبكم ويترجمها  صوتا بكلام فصيح يخبر به ذلك الأعمى ...الخ.

العراقيون المنقسمون شيعا وأحزابا ،اسلامويون بين سنة وشيعة وكرد ذهبوا بلغة الإشارة والنواح لشرح مظلومياتهم فيعواصم  مثل طهران وموسكو وجنيف، أما مقتدىالصدر وخصومه ببغداد فتوزعوا على متراسين للفتنة، رغب مقتدى الصدر ان يكون الأبكمفي ساحة التحرير وجلس غريمه حيدر ألعبادي ونوري المالكي في المنطقة الخضراء يملئونآذانهم صمما ويتلذذون بسماع ورؤية صلي الرصاص وقتل المتظاهرين السلميين وتفجيراتالسيارات المفخخة توزع الجحيم على أحياء الفقراء ببغداد.

كم هي حاجتنا للتأمل بما جاء في آياتمن القرآن الكريم،  وفي صور حال ليست بعيدةعن أحوال النفاق الجاري على ارض العراق. هل من حقنا أن نتساءل هنا:

*مادلالة تكرار صفة (صم بكم عمي) بنفس الترتيب في آيات القرآن الكريم؟.

 ولماذا اختلاف الخاتمة (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌفَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18) و( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ (171)في سورة البقرة؟؟. 

هل هذا الترتيب ( صم بكم عمي )، حيث لا يوجد حرف عطف في آيتي سورة البقرة(صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ) يعني هذه حالهم، أما في سورة الإسراءورد نفس الترتيب (عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا) على نية تكرار العامل، يعني نحشرهمعمياً، ونحشرهم صماً ، ونحشرهم بكماً، فيكون فيها نوع من التمييز للتنبيه أوللتركيز.

وعسى ان يفهم لاعبوا السيرك الأحمق في المضبعة الخضراء أخطار ماإليه ذاهبون ضد إرادة العراق والعراقيين.

وان غدا لناظره قريب، وأي منقلب سينقلبون