الـرســول فـي عـصــر الـعــلـم بقلم:حسن زايد
تاريخ النشر : 2017-02-17
الـرســول فـي عـصــر الـعــلـم بقلم:حسن زايد


:
الـرســول فـي عـصــر الـعــلـم

المقصود بالرسول هنا ، نبي الإسلام محمد ، صلي الله عليه وسلم . في هذا العصر ـ عصر العلم ـ هناك من يؤمن به نبياً رسولاً ، وهناك من لا يؤمن به . وهو في اعتقاد من يؤمن به ، خاتم الأنبياء والمرسلين ، وحجر الزاوية الذي استكمل بناء النبوة والرسالة . يؤمن به وهو لديه من المؤيدات والمعجزات الدالة ، التي اقـتـنـع بها ، وارتاح لها . إلا أن من يؤمن به ، يواجه في هذا العصر بحملة تشويه ، لا تكل ولا تمل ، في سبيل النيل من دينه ، والنيل من رسوله ، والتشكيك فيهما . ونظراً لتهافت مستوي التعليم الشرعي في بلادنا الإسلامية ، فإننا نجد أنفسنا مدفوعين للبحث فيما ينتجه العقل غير المسلم ، علي دليل نستأنس به في صحة معتقداتنا من ناحية ، ونجابه حالة التشكيك والطعن التي نتعرض لها ، بأدلة توصلوا هم إليها ، تقدح في مبررات عدم إيمانهم بديننا ، من ناحية أخري . وهذه حالة توهم ناتجة عن التهافت المعرفي الذي نعانيه .
وقد انتشرت علي مواقع التواصل الإجتماعي ، مقالات تناولت نتائج أبحاث ، جري الربط بينها ، وبين أحاديث نبوية ، للتدليل علي وقوع دلائل النبوة ، في سيدنا محمد ـ صلي الله عليه وسلم ـ ودلائل صدقه ، في البلاغ عن ربه ، من واقع نتائج هذه الأبحاث .
من هذه الأبحاث بحث يزعم وجود علاقة قوية ، بين السلوك العدواني ، والنزوع إلي الإنحراف الإجرامي ، والميل لإدمان الكحول ، وارتكاب الحوادث ، وعدم الإستقرار العقلي والعاطفي لدي الإنسان ، والدورة القمرية للقمر . والعلة وراء وجود هذا الرابط بين الجسد البشري والقمر هي الماء وقوة جاذبية القمر . وقد بدأ من فرضية أن سطح الأرض يتكون من 71 % من الماء ، والباقي مواد صلبة ، وأنه أثناء اكتمال القمر بدراً تحدث ظاهرة المد والجزر في البحار والمحيطات ، بفعل قوة جاذبية القمر .
ولما كان جسم الإنسان أقرب شبهاً إلي الأرض من حيث نسبة الماء ـ قرابة الـ 70 % إلي المواد الصلبة فيه ، فإنه هو الآخر وأثناء اكتمال القمر بدراً ، تحدث بداخله ظاهرة المد والجزر ، الناتجة بفعل قوة جاذبية القمر خلال هذه الفترة ، ومدتها ثلاثة أيام .
وينتج عن ذلك كل المظاهر السلوكية وحالة عدم الإستقرارالتي أشرنا إليها آنفاً . فما السبيل إلي الخلاص من كل ذلك ؟ .
هنا إلتقط المتهافتون طرف الخيط ، للربط بين هذه الظواهر ـ إن صحت ـ وبين صيام ثلاثة أيام من كل شهر قمري ، يكون القمر فيها بدراً . فمن المعروف أن الصوم يقلل نسبة السوائل في الجسم ، وتقليل هذه النسبة ، يعني التقليل من حالة المد والجزر داخل جسم الإنسان ، لضعف تأثير قوة الجاذبية القمرية .
والإضعاف من هذه العلاقة التلازمية يعني التخفيف من حدة الظواهر السلوكية المشار إليها ، ومن ثم يصبح الصيام نوعاً من العلاج النفسي والسلوكي للإنسان . وقد ورد في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه : " أوصاني خليلي بثلاث : صيام ثلاثة أيام من كل شهر ، وركعتي الضحى ، وأن أوتر قبل أن أنام " ـ رواه البخاري ـ .
والواقع أن ذاك الربط ، وهذا الإستنتاج يخالفان الحقيقة والواقع ، فالحديث النبوي لم يشر إلي وجود علاقة بين الصوم والقمر . ولو أن الأمر مرتبط بوجود علاج لحالة الخلل النفسي والسلوكي تلك ، لحمل صيام هذه الأيام علي الوجوب لا الندب . ولو كان الأمر كذلك لأوجب صيام الليل الذي يظهر فيه القمر ، بدلا من صوم النهار . كما أن صيام الأيام الثلاثة غير محددة بوقت ، سواء أول الشهر ، أو آخره ، أو أوسطه ، كما لم يشترط فيها التتابع ، وإنما يجوز صيامها متفرقات . وذلك كما ورد في حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ الذي رواه مسلم في صحيحه .
كما أنه ثبت علمياً ثبات تأثير قوة جاذبية القمر علي مدار الشهر القمري ، ولا يتأتي الإختلاف إلا بقرب المسافة أو بعدها .
وثبت علمياً كذلك أن تأثير قوة جاذبية القمر مداً وجزراً يكون علي البحار والمحيطات المفتوحة ـ المتصلة ـ وتمثل كتلة كبيرة . أما المياه الموجودة داخل الجسم البشري ، فهي مياه مغلقة غير متصلة ، لوجودها داخل خلايا ، ولا تمثل كتلة كبيرة . ومن ثم يصبح تأثير الجاذبية القمرية ـ إن صح ذلك ـ ضعيفاً للغاية .
ومن هنا يمكننا القول بأن الربط بين صيام الثلاثة أيام ، وقوة تأثير جاذبية القمر هو من باب الخرافة والوهـــم . ولا يعني ذلك إنكار الإعجاز العلمي للكتاب والسنة ، وإنما فقط ننكر مالا يثبت من حقائق علمية ، حتي لا نضر بالكتاب والسنة . ومن لا يؤمن بمحمد نبيا رسولاً ، لن يجعله هذا الربط مؤمناً ، والمؤمن به ليس في حاجة إلي هذا الربط بين الآيات االقرآنية والأحاديث النبوية ، والأوهام اللاعلمية ، التي لم يستقر علي ثبات حقيقة علميتها بعد . وذلك دون الإستعانة بهذه الخرافات . والله من وراء القصد ،،،
حــســــــن زايــــــــــد