إنّ دخول مجموعة من البشر إلى أرض ما واستعمارها لا يعني بالضرورة تملكهم لها أو أنها ستصبح في يوم ما أرضهم.. لذلك، إنّ قيام عصابات من اليهود المهاجرين من أوروبا باحتلال فلسطين سنة 1948 وارتكباها العديد من المجازر مدعية أن أرض فلسطين هي الوطن التاريخي لليهود؛ لن يعني في يوم ما أنّهم أصحاب هذه الأرض.
لقد روجت العصابات الصهيونية لهذه الفكرة دينيًا عندما ادّعت أنّ هيكل سليمان المزعوم تقع أنقاضه تحت مدينة القدس وأنّ حائط المبكى "البراق" هو بقايا هذا الهيكل. وقامت عائلة روتشيلد وهي عائلة يهودية ملكت نفوذًا كبيرًا، بنشر تلك الخرافات من أجل حثّ اليهود على اللجوء إلى فلسطين وتكوين وطن لهم، وكأنّ الوطن شيء يمكن تكوينه من خلال تجميع مجموعة من البشر في بقعة معينة من الأرض!
قامت عائلة روتشيلد بالترويج لتلك الفكرة بعدما استقرتْ على فلسطين كبلد من عدة بلدان كانت على قائمة الاختيار.
إذن لماذا اختار اليهود فلسطين عن دونها؟
قال ناحوم جولدمان -رئيس المؤتمر اليهودي العالمي-في خطاب ألقاه في مدينة مونتريال في كندا عام 1947 ما نصه: "كان ممكنا لليهود أن يحصلوا على أوغندا أو مدغشقر أو غيرهما، ليقيموا في أي منها وطنا يهوديا. ولكن اليهود لا يريدون سوى فلسطين، لا لاعتبارات دينية، أو بسبب إشارة التوراة إلى فلسطين، ولا لأن مياه البحر الميت تستطيع أن تعطِى عن طريق التبخير، ما قيمته خمسة آلاف مليون من الدولارات من المعادن والأملاح، ولا لأن تربة فلسطين الجوفية، تحتوي على كميات من البترول تبلغ عشرين ضعف احتياطي البترول في الأميركتين، بل لأن فلسطين هي ملتقى الطرق بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، ولأنَّها هي المركز الحقيقي للقوة السياسية العالمية، ولأنها المركز العسكري الاستراتيجي للسيطرة على العالم".
إذن هم اختاروا فلسطين من بين العديد من الدول التي كانت ضمن قائمة "تكوين وطن" وهذا ما سردناه في البداية. ونستنتج من ذلك أيضًا، كذبهم عندما ربطوا وجودهم في فلسطين بما يسمى بهيكل سليمان وهنا يُطرح سؤال جديد نفسه، هل وجد اليهودُ الهيكلَ الذي زعموا؟
بعد عمليات التنقيب المستمرة تحت المسجد الأقصى ومدينة القدس، لم يعثر اليهود على أيّ إثبات يدلّ على وجود الهيكل، ولكنهم وجدوا شيئًا أخر، هو قبر قديم جدًّا يقال بأنّه قبر هيرودوس وقطع نقدية تدلّ على فترة حكمه للقدس.
ويُقَال بأنّ هيرودوس هو الملك الذي كان يحكم القدس في الفترة التي ولد فيها السيد المسيح "عليه السلام" وهو الملك الذي سمى المدينة "إيليا" وتعني بيت المقدس أي بيت الرب. ويقال بأنّ هيرودوس استعبد اليهود من أجل بناء معبد القدس الكبير الذي لم يبق منه سوى حائط المبكى الذي قال عنه اليهود أنه ما تبقى من هيكل سليمان.
قال ديفيد بينجوريون عندما أعلن قيام ما يسمى بدولة إسرائيل " لا قيمة لإسرائيل بدون القدس، ولا قيمة للقدس بدون الهيكل".
ولا وجود للهيكل، إذن لا قيمة لدولة قامت على دماء الأبرياء ولم يربطها بأرض فلسطين شيء لا من قريب ولا من بعيد. كما أنّ الزعم بيهودية إسرائيل إلى النبي موسى هو باطل بكلّ الأشكال وعلى كلّ النواحي والممارسات، ووفق كلّ الروايات المؤرخة عن قصص الأنبياء فإنّ النبي موسى لم يدخل القدس بل ولم يدخل فلسطين كلّها وامتنع عن ذلك وبقي على حدودها زمنًا حتى توفاه الله.
لا يخفى على أحد ما قامتْ به بريطانيا خلال فترة استعمارها لفلسطين من تسهيلات لدخول اليهود إلى فلسطين كذلك تسليمهم الأسلحة وتدريبهم من أجل الهدف الذي نجح فيه الصهاينة وهو احتلال فلسطين وهنا يُطرح سؤال أخر مهم جدًّا، لماذا قامتْ بريطانيا بكلّ ذلك ؟!
سنة 1917 صدر وعد بلفور مُوجّهًا بالاسم لزعيم عائلة روتشيلد نفسها "ليونيل ورلتر دي روتشيلد" بعدما قدمت عائلة روتشيلد مساعدات مالية هائلة لإنجلترا التي كانت على وشك إعلان هزيمتها على يد الألمان في الحرب العالمية، إضافة لتأثير عائلة روتشيلد على الرأي العام الأمريكي لما كانت تملكه من وسائل إعلامية وما زالت. لذلك كان وعد بلفور هو بمثابة رد الجميل لعائلة روتشيلد ولم يكن أبدًا بسبب إقناع إنجلترا بحق اليهود في أرض فلسطين مثلًا.
إنّ ما نستنتجه بعد هذه الدلائل والكلمات أنّه لم يكن لليهود حقًّا في فلسطين في يومٍ من الأيام، ولن يكون.. وأنّ الدولة التي تقوم على كذب ودماء لابد أن تزول وينتصر الحقّ على الباطل في نهاية المطاف فقد قال الله تعالى: " وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا {4} فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً". صدق الله العظيم.
دماء تسيل على جدران الخرافة بقلم: عامر المصري
تاريخ النشر : 2017-02-17
