الخليج العربي أم الفارسي؟ صراع يتجاوز الاسم
بقلم الباحثة : رجاء حسن الميناوي
التاريخ:15 /2/ 2017م
في أحد الأيام، وأثناء مطالعتي لإحدى الصحف المحلية الفلسطينية الإلكترونية، وتحديدا بتاريخ 11 /1/ 2017م، قرأت موضوعاً لفت انتباهي ، وكان بعنوان " الخليج العربي أم الفارسي؟ صراع يتجاوز الاسم ".
وقد ورد في المقال أن شركة "غوغل" – ولا أعرف لمصلحة من ؟– أجرت إستفتاء ً بهذا الخصوص، وجاءت نتيجة التصويت على تسمية "الخليج الفارسي" (56.8% )، وأما اسم "الخليج العربي" فحصل على ما نسبته ( 43.2% ) من الأصوات والذي شارك فيه أكثر من مليون ومئتا ألف شخص، على حد زعم غوغل!..
فرأيت أنه من واجبي كباحثة، التنويه حول ما جاء في متن المقال، و ذُكر فيه: " تقع ضمنه عدد من الجزر بينها البحرين، وقشم، وبوبيان الكويتيتين." ؟؟؟.
والصحيح، أن الخليج العربي يحتوي على أكثر من 130 جزيرة، أكبرها جزيرة "قشم " الإيرانية التي يستوطنها عرب إيران، ثم جزيرة بوبيان الكويتية وتبلغ مساحتها 863 كيلو متراً مربعاً، ثم تأتي بعدها جزيرة البحرين وتبلغ مساحتها 620 كيلو متراً مربعاً، والصحيح أن "جزيرة قشم هي إيرانية، بينما جزيرة بوبيان هي كويتية".
كما ورد في المقال خطا آخر: " من جهة هناك الدول العربية التي تحيط به، وهناك الأهواز (والأصح الأحواز أي الأملاك) أو عربستان (وهي تسمية العهد الصفوي للمنطقة) وتسكنها قبائل عربية مثل إياد وأنمار وربيعة وبكر بن وائل وتميم وتغلب". ومن وجهة نظري الشخصية أعتبر هذا مغالطة تاريخية وقانونية. وبدوري كباحثة أود أن أوضح المعلومات التالية:
لقد كان سكان الخليج، وغيرهم من الأمم القديمة المجاورة، كالسومريين، والأكاديين، والبابليين، والأشوريين، يسمون "الخليج" باسم: "البحر الأسفل" أو "البحر الأدنى" آخذين بعين الإعتبار أن البحر الأبيض المتوسط هو "البحر الأعلى".
وأول من أطلق التسمية الفارسية على الخليج هو " الإسكندر الأكبر" منذ إرسال الحملة المشهورة إلى الهند في عام 326 ق.م، إذ كانت عودة القائد الإغريقي " نيرخوس Nearchus " مع جنوده من الهند عن طريق الساحل الشرقي للخليج. وبقيت التسمية الفارسية متداولة في العصور اليونانية ، والرومانية. واستمر الوضع كذلك حتى العهد الإسلامي، فكان العرب يطلقون عليه إسم الخليج الفارسي أو خليج العجم، كما أطلق عليه كل من: العثمانيين، والبرتغاليين، والهولنديين، والفرنسيين، والإنجليز اسم خليج البصرة.
على الرغم من سيطرة الفرس على أجزاء من الخليج، إلا أنه بقي، واستمر محتفظاً بصفته العربية، وعندما زار الرحالة الدانماركي " كارستن نيبور Carsten Nibhur" منطقة الخليج في سنة 1765م ذكر:" بأن الخليج عربي بشاطئيه، وأن جميع البلدان الواقعة على ساحليه عربية وسكانها وحكامها من العرب وهم جميعاً يتكلمون اللغة العربية". وقد عُرف عن الفرس من قديم الزمان أنهم يخافون البحار، ولا يألفون حياة البحر حتى قال بعض المؤرخين العرب: " أنه ليس من الخليج شيئاً فارسياً". (أنظر: نيبور، ص 1765).
وحاولت إيران إستغلال الاسم الفارسي للخليج من الناحية السياسية، وادعت ملكيتَها لبعض أراضيه العربية، مثل: "عربستان ، والجزر الثلاث: أبو موسى، وطنب الكبرى، وطنب الصغرى ، وشجعت رعاياها على الهجرة إلى إمارات الخليج، إلا أنه تم الإنتباه ومقاومة هذه الهجرة المنظمة غير المشروعة والحد منها، كما أطلق على الخليج اسم " الخليج العربي ". دولة الكويت كانت هي الرائدة في هذه التسمية فأعلنتها رسمياً، واحتجّت "إيران" على ذلك بمذكرة رسمية، لكن رفضتها الكويت. وذاع ، وانتشر اسم "الخليج العربي" ، واعترف العالم بهذه التسمية. هذه هي الحقيقة لأن السكان الذين يحيطون به، والذين يسكنون شواطئه، وجزره معظمهم عرب.(أنظر: دراسات عن الكويت والخليج العربي، عبدالمجيد مصطفى وعثمان فيظ الله).
تطلق تسمية الخليج العربي في جميع البلدان العربية والمنظمات العربية، وتستعمل الأمم المتحدة في محاضر مؤتمراتها، ومراسلاتها باللغة العربية اسم الخليج العربي. (أنظر: محاضر الجمعية العمومية للأمم المتحدة).
في تركيا، وقبلها الدولة العثمانية كان يطلق عليه اسم خليج البصرة، وتستعمل باقي دول العالم نقلاً عن المصادر الغربية تسمية الخليج الفارسي التي تخلط أحياناً مع تسمية الخليج العربي (أنظر: محاضر وزارة الدفاع الأمريكية التي تذكر بالإنجليزية Arabian Gulf (، وكذلك محاضر وزارة الدفاع البريطانية تذكر بالإنجليزية تسمية (Arabian Gulf. وهناك خارطة نشرت في الأطلس الصغير في عام 1634 لرسامي الخرائط "ميركاتور وهندويس" يظهر فيها الخليج، وقد كتب عليه باللاتينية اسم «sinus arabicus» أي الخليج العربي.
الأحواز / عربستان
لا بد من الرجوع إلى التاريخ لإثراء التوضيح، وجلاء الحقيقة، لأقول أن الأحواز / عربستان:
يحدها من الشمال، والشرق، والجنوب الشرقي، جبال زاغروس شاهقة الإرتفاع والفاصل الطبيعي بين الأحواز وإيران. ومن الغرب، العراق، ومن الجنوب الغربي، الخليج العربي والجزيرة العربية.
"عربستان" هو اسم أطلقه الفرس أنفسهم، وهذا إعترافاً منهم على الأحواز في عهد " الشاه إسماعيل الصفوي" ، وفي عهد الحكم الفارسي في إيران. إن أرض الأحواز هي أرض عربية، بالإضافة إلى شعبها عربي أيضا. وقد استعمل هذه التسمية أيضاً، العثمانيون، والإنجليز، والبرتغاليون، والهولنديون، ودول غربية أخرى في وثائقهم قبل الإحتلال الفارسي للأحواز في عام 1925م، ومعنى عربستان بلغة العجم "بلاد العرب".
يعود تاريخ الأحواز إلى العهد العيلامي 4000 ق.م. حيث كان العيلاميون الساميون أول من استوطن في الأحواز، واستطاع العيلاميون في عام 2320 ق.م. اكتساح المملكة الأكادية واحتلال عاصمتها "أور"، ثم خضعت للبابليين، ثم الأشوريين، وبعدها اقتسمها الكلدانيون والميديون. ثم غزاها الأخمينيون بقيادة قورش في عام 539 ق.م. حيث قام بشن حملة إبادة ضد العرب، وعبر الخليج إلى الإحساء، والقطيف، وبقية شبه الجزيرة العربية ونفذ مذابح هائلة فيها، وتوغل في جزيرة العرب، وامتد نفوذه حتى اليمن، وقتل من وجده من العرب، وبأعداد كبيرة، ومثّل بهم بقطع أكتافهم، وكان لشناعة ذلك الأثر السيء في نفوسهم أن لقبوه بذي الأكتاف. وقام بتهجير القبائل وفرض عليها الإقامة الجبرية، وعمد إلى طمر المياه وردم الآبار، وقد عانت المنطقة من أولئك الولاة ألواناً من الإضطهاد والتنكيل وكان أشهرهم " أزاد فيروز بن جشنش" وما زال الفرس يفتخرون بجرائمه حتى وقتنا الحاضر.
سكن " عربستان" أرض الأحواز قبل الإسلام، جزء من قبيلة إياد العراقية، وبنو أنمار، وربيعة وبنو ثعل، وبكر بن وائل، وبنو حنظفة، وبنو العم، وبنو مالك، وبنو تميم، وبنو لخم ، وتغلب.
تاريخ الأحواز السياسي
بنيت على أرض الأحواز أقدم الحضارات العيلامية، أسوة بالحضارات: البابلية، والأشورية، والسومرية، وميسان العربية التي تقع في بلاد ما بين النهرين، وبعد ظهور الإسلام تحررت الأحواز على أيدي الجيوش العربية الإسلامية واستمرت سيادة الأحواز عربية. وحكم الأحواز القائد " أبو موسى الأشعري" في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. "17هـ/638م" وبعد تلك الحقبة، حكم الأحواز "المشعشعين" وأسسوا دولة الحويزة واستمرت تلك الدولة ما يقارب خمسمائة عام، ثم حكمها الكعبيين "بني كعب" وكانت عاصمتهم مدينة
" الفلاحية" ومن ثم مدينة "المحمرة" التي تقع عند مصب نهر الكارون في شط العرب وتبعد عن مدينة الأحواز 120 كيلو متر، والذي شيد المحمرة هو "يوسف بن مرداو" أحد شيوخ البوكاسب الكعبيين في سنة 1812م، ثم غيّر الفرس اسمها بعد الإحتلال مباشرة إلى "خرّم شهر" ، ومدينة "عبادان" هي نسبة إلى عبّاد بن الحصين وهو أول من رابط بها وتسمى جزيرة الخضر، وجزيرة المحرزي وهي مدينة هامة.
الحويزة، هي تصغير الحوزة وهي موضع حازة " دبيس بن عفيف الأسدي أيام الطائع لله "، من المدن العربية، اتخذتها دولة المشعشعين العربية عاصمة لها سنة 1441م، وخضعت منطقة البصرة إلى نفوذ إمارة الحويزة خلال 169 – 1700 وتقع شمال غربي المحمرة تجاه محافظة ميسان على نهر الكرخة.
واستمر حكم الكعبيين مع كل الهجمات الموجة إليهم من قبل الإمبراطوريات آنذاك مثل، البرتغاليين، والهولنديين في منطقة الخليج العربي.
يبلغ تعداد الشعب العربي الأحوازي ثمانية ملايين أحوازي عربي، يدينون بالإسلام، وتبلغ مساحة الأحواز 375,000 " ثلاثمائة وخمسة وسبعون ألف كيلو متر مربع". عمل الحكم الفارسي على تغيير جميع أسماء المدن والقرى العربية، وأجبر العرب على إضافة أسماء فارسية لألقابهم، وعملت " إيران " على تشويه الحقائق التاريخية لهذا الجزء العربي المحتل منذ 1925م، وسلبت هويته العربية. فالأحواز أو عربستان هي درع العرب في المشرق العربي وجناحه الشرقي للوطن العربي.
[email protected]
الخليج العربي أم الفارسي؟ صراع يتجاوز الاسم بقلم: رجاء حسن الميناوي
تاريخ النشر : 2017-02-16