استضعفوك فأكلوك..؟؟ّ!!بقلم طلال قديح
تاريخ النشر : 2017-02-16
طلال قديح*
استضعفوك فأكلوك، من مأثورات أجدادنا العرب، التي كانت نتاج تجربة واسعة وخبرة عظيمة امتدت قرونا طوالا ووليدة معاناة تمخضت عن حكم تنير طريق الأجيال. للوصول إلى الأفضل.
لكن وبكل تأكيد فإن عالمنا اليوم تسيره القوة وتبطش به سياسة الغاب وفق الأهواء ، ويتحكم فيه الأقوياء بصلف وغرور وكبرياء، بعيدا عن الحق والقانون،
فلا مكان فيه للضعفاء ولو كانوا أصحاب حق واضح وضوح الشمس في رابعة النهار.
الضعيف لا يسمع أحد صراخه مهما علا، ولا يعير انتباهاً له مهما اشتكى..
وللأسف فإن عالمنا العربي، اليوم صاحب علامة فارقة في الضعف والخنوع جعلته مطمعاً للأعداء تكالبوا عليه من كل الأنحاء، يتنافس الأقوياء عليه في الظفر بأكبر قدر ممكن من المكاسب من الأرض والثروات التي يسيل لها لعاب الأعداء، فيكيدون لنا كيداً شديداً ينال من وطننا العربي من الخليج إلى المحيط، فأصبح مرتعا للإرهاب والفتن التي طالت معظم أقطاره، فحرمها الأمن والاستقرار والبناء والإعمار ..
وهذا ما شجع الخصوم والأعداء الظاهرمنهم والباطن على البطش والقتل والتدمير ، لنظل ندور في حلقة مفرغة لا وقت لنا معها لمقاومة العدو الغاصب الذي هو اليوم أسعد ما يكون ضارباً عرض الحائط بقوانين السيادة وحقوق الإنسان .
اهتبل العدو الفرصة، فانطلق بسرعة لتثبيت جذوره وتعميقها في الأرض، يسنّ القوانين ويشرع وفق هواه وكما يشاء من باب، خلا لك الجو فبيضي واصفري ..
توسع في بناء المستوطنات في الضفة الغربية، وشرع القوانين التي تجيز له سرقة الأراضي وبناء المستوطنات هنا وهناك كيفما يحلو له ويخدم مصالحه التي لا تقف عند حدود..
فهي تتوسع وتتمدد بلا قيود، مهتبلة فرصة القياده الأمريكية الجديدة التي أعطتها الضوء الأخضر للبناء أينما تشاء بل بلغ الأمر أنها تقفز قفزات واسعة في سرقة الأراضي وإجلاء أهلها ومالكيها منها لبناء مستعمرات وفد سكانها المستوطنون من كافة أقطار العالم دون أن يكون لهم حق مشروع مطلقا ..وبلغ البطش منتهاه بتحريم منع الأذان..!! يا للهول، ويا للعار..!!
كل هذا يجري وتتصدر أخباره نشرات وسائل الإعلام صباح مساء، لكن كأننا نعيش في عالم آخر، لايهمنا ما يدور فيه من قريب أو بعيد .
آن الأوان أن نصحو من غفلتنا، وأن نجدد عزيمتنا ونشحذ قوتنا، ونلتف جميعاً حول قيادة واحدة مخلصة تتصدى لسياسة العدو الغاصب بكل الوسائل ..
ولندرك دائماً مقولة أجدادنا: إذا لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب.. قبل ذلك ما أمرنا الله به أن نظل دوما أقوياء لنرهب الأعداء فقال تعالى :" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم". وما أكثر الأعداء الذين لا نعلمهم يتلونون كبفما يشاؤون وفق مصالحهم وخططهم التي لا تنتهي.
وفي هذا السياق، حنر الشعراء من الضعف والتخاذل في زمن لا مكان فيه إلا للأقوياء..وفي ذلك قال الشاعر محمود غنيم مخاطبا العرب:
أبناء يعرب لا حياة لأمة بالذكريات بل الحياة مساعي
فثبوا إلى الأهداف وثب مغامر لا واجف قلبا ولا ملتاع
ولا تطلبوا بالضعف حقا ضائعا ما للضعيف الحول من أشياع
لكن-يا للهول!- هذه الصرخات في واد والعرب في واد فلا أذن سمعت ولا قلب وعى، فغدت أرضهم صيدا للأعداء وملتقى للجبناء..
كفى..كفى ، يجب علينا أن نواجه الأعداء متحدين متكاتفين فلا نسمح لهم أن يخترقوا صفوفنا، ويلعبوا بخلافاتنا كيفما يريدون ، خدمة لمصالحهم التى لا تنتهي بل تزداد وتتضاعف بفرقتنا وضعفنا.
أمتنا عظيمة وشامخة مهما كانت العثرات والكبوات، فلها من تاريخها ما يشهد لها فقد بنت حضارة ودولة امتدت من الصين شرقا وحتى وسط أوروبا غربا،وكانت دوما منارة علم خلصت العالم من الجهل والعبودية ليعيش حرا سعيدا، بمنأى عن الظلم واليطش والاستبداد.
إننا لن نيأس أبدا، ولن نفقد الأمل في عودة أمتنا العربية إلى طريق العزة والكرامة والأنفة والشموخ مستمدة الحافز من تاريخ مشرق أضاء للعالم طريق العزة والكرامة حقبة طويلة من الزمن..فهل سيعيد التاريخ نفسه، ونعود أحرارا أباة، بناة حضارة ومنارات علم؟؟
لا تيأسوا أن تستردوا مجدكم فلرب مغلوب هوى ثم ارتقى
* كاتب ومفكر عربي
14/2/2017م