الإخـــوان أمـريــكياً بقلم:حسن زايد
تاريخ النشر : 2017-02-15
الإخـــوان أمـريــكياً بقلم:حسن زايد


حــســــن زايـــــــد .. يكتب :
الإخـــوان أمـريــكياً

بعد أن حملت إدارة أوباما عصاها ورحلت عن البيت الأبيض ، كان لابد للإدارة الجديدة ، التي تبوأت مقعهدها من هذا البيت ، أن تحدد موقفها من رأس الحربة ـ الإخوان ـ التي خلفتها وراء ظهرها . وقد كانت ارهاصات هذا الموقف قد تبدت علي نحو مبكر ، أثناء الحملة الإنتخابية ، وتمثلت في الهجوم الضاري الذي شنه دونالد ترامب علي أوباما وإدارته ، بسبب سعي هذه الإدارة للتواصل مع هذه الجماعة ، وخطب ودها .
وقد كان ذلك الود والتقارب ، معروفاً لنا ، والهدف منه واضحاً أمام أعيننا ، وهو أن الجماعة كانت بمثابة رأس الحربة في المشروع الأمريكي للشرق الأوسط الجديد ، والأداة الفاعلة لصناعة الفوضي الخلاقة فيه . وذلك بخلاف الهجوم المباشر الذي كان يشنه ترامب ، علي الجماعة من خلال تغريداته علي مواقع التواصل . بل إنه قد ذهب إلي حد وصف ما تسرب بشأن تصرف إدارة أوباما ، بشأن عزمها علي إمداد مصر / مرسي بعشرين مقاتلة طراز F16 ، بأنه كارثة حقيقية .
وبالقطع فإن موقف الإدارة الأمريكية الجديدة المعلن من جماعة الإخوان ، ليس مرده أسباباً متعلقة بجوانب خارجية ، أو مجاملة لأحلاف قائمة أو محتملة ، أو من أجل سواد عيون العرب والمسلمين ، وإنما مرده أسباب داخلية متعلقة بمصالح الأمريكيين من وجهة نظر إدارتهم القائمة .
والواقع أنه ليس هناك إجماعاً أمريكياً ، حول إصدار قرار تنفيذي ، باعتبار جماعة الإخوان المسلمين ، منظمة إرهابية أجنبية . وقد انقسم الأمريكان حيال هذه القضية إلي فريقين :
الأول ـ وهو الفريق المؤيد لاعتبار الجماعة منظمة إرهابية . ويذهب هذا الفريق إلي القول بأن فلسفة الجماعة تقوم علي أسس إرهابية ، وأهدافها مماثلة لأهداف تنظيم القاعدة ، وحركة طالبان ، وداعش ، وبوكوحرام ، وجبهة النصرة . وهي تسعي للهيمنة الإسلامية ، أو التمكين ، بجعل الإسلام البديل الحضاري للحضارة الغربية ، والسعي نحو إقامة دولة الإسلام العالمية . وقد بدأت الجماعة بالفعل بالتسلل إلي داخل المجتمع الأمريكي ، وغزو مؤسساته ، بما في ذلك مؤسسة الرئاسة . وتلك مخاوف أمريكية مشروعة ، في ظل صعود إدارة أمريكية بروتستانتية ، تميل إلي العنصرية . ويتوافق اتجاه هذا الفريق ، مع ما تصبو إليه ، الدول التي أصابها الخريف العربي في مقتل ، وتلك التي لا زالت تقاوم آثاره وتداعياته . وقد عانت من انحياز الإدارة السابقة ، ومن تبعها من الأنظمة الغربية ، إلي جانب الجماعة الإرهابية ، في مواجهة الأنظمة العربية .
وهذه الأنظمة تمارس ضغطاً في اتجاه استصدار قرار إرهابية الجماعة .
الثاني ـ وهو الفريق الذي يري أن اعتبار الجماعة إرهابية لا سند له من القانون ، وأنه القرار الخطأ ، وأن الرغبة في إدراجها ، في هذه القائمة ، من جانب ترامب وفريقه ، هي مجرد حيلة تستهدف الحقوق المدنية لمسلمي أمريكا . والقرار هنا سيكون مجرد مسوغ قانوني للإدارة الأمريكية ، للتضييق علي الجمعيات الخيرية الإسلامية ، والمساجد ، والجماعات الأخري . لأن مجرد اعتبار الجماعة إرهابية ، سيعني تجميد أصول ، ومنع تأشيرات دخول ، وحظر التعاملات المالية . مع الأخذ في الإعتبار أن كل مسلمي أمريكا ليسوا إخوان ، ومع ذلك قد يشملهم مثل هذا القرار علي نحو أو آخر . وهذا الفريق يري أن إصدار مثل هذا القرار سيؤثر سلباً علي حلفاء أمريكا في محاربة الإرهاب .
ولابد من الإقرار بأن هناك مسلمين أمريكيين يؤيدون صدور مثل هذا القرار ، باعتبار أن الجماعة فعلاً جماعة إرهابية ، منشأً ، ووجوداً ، وفلسفة ، ووسائلاً ، وأهدافاً . وأن وجودها يضر بالإسلام والمسلمين .
وهنا يتبادر إلي الذهن تساؤل مشروع مفاده : ما هي الأهمية التي ينطوي عليها مثل هذا القرار ؟ . وإجابة هذا السؤال تكمن فيما سيرتبه من نتائج ، وهي من قبيل : تجريم تمويل الأمريكيين للجماعة ، والحظر علي البنوك الأمريكية من التعامل مع أعضائها ، وحظر قدوم من ينتمون إليها إلي الولايات المتحدة الأمريكية ، وتسهيل إجراءات ترحيل المهاجرين الذين ينتمون إليها ، أو يعملون معها .
وعما ما يمثله هذا القرار بالنسبة لمصر ، يمكن الذهاب إلي القول ، بأنه سيكون عاملاً حاسماً في معركتها ضد الإرهاب . فالجماعة بهذا القرار تكون قد فقدت أهم حليف استراتيجي لها ، وإحداث حالة من التراجعات من جانب حلفاء آخرين ، خوفاً من العقاب ، أو شراءًا للود . وكل ذلك يصب في اتجاه تقويض أركان الجماعة ، وضربها من القواعد ، واستئصال شأفتها ، وتعافي المجتمع من أدرانها ، لذا ـ فإننا ننتظر صدور القرار .
حـــســـــــن زايـــــــــــــد