الـعــلـمـاء والرئـيـــس بقلم:حسن زايد
تاريخ النشر : 2017-02-06
الـعــلـمـاء والرئـيـــس بقلم:حسن زايد


حــســـن زايـــــــد .. يـكـتـب :
الـعــلـمـاء والرئـيـــس

من غير المنطقي إلباس العلماء لباس السياسة ، حين يفتوننا في الدين . وإلقاء تهم علماء السلطان علي من يخالفوننا في أهوائنا ، وميل نفوسنا . وليس بالضرورة العالم الثائر ، هو حامل لواء معارضة النظام ، والهجوم عليه ، وهو بذلك من العلماء العاملين ، الذين يؤخذ منهم دون غيرهم . فالقدح في العلماء ، والهجوم عليهم ، والشغب علي علمهم ، والتجرؤ عليهم ، وتجريء الناس عليهم ، ليس بالتصرف السوي الذي يستقيم مع العقل والمنطق ، ويفضي في النهاية إلي التجرؤ علي الدين ، وعلي المنظومة الأخلاقية الحاكمة .
أقول ذلك بمناسبة البيان الذي أصدرته هيئة كبار العلماء إلي الأمة ، وأقرت فيه الطلاق الشفهي ، حاسمة الجدل الإجتماعي الذي دار حول هذه القضية ، ووصل الجدل إلي حد طلب رئيس الجمهورية من شيخ الأزهر حسم هذه القضية ، وإصدار بيان في الأمر . وقد كان كلام الرئيس يميل في فحواه واتجاهه إلي عدم وقوع الطلاق الشفهي ، ويبحث عن استئناس برأي الأزهر في ذلك ، فصدر البيان علي قد يخالف ما كان يأمله الرئيس ، علي ما فهمته من كلامه . وقد أكد البيان علي أن من حق ولى الأمر ـ رئيس الجمهورية ـ شرعا أن يتخذ ما يلزم من إجراءات ؛ لسن تشريع ، يكفل توقيع عقوبة تعزيرية رادعة ، على من امتنع عن التوثيق أو ماطل فيه ، وهذه الصلاحية مخولة له شرعاً ، وليس خوفاً من السلطان ، نفاقاً له .
وقضية وقوع الطلاق الشفهي تسبب العديد من المآسي الإجتماعية والنفسية ، فضلاً عن أثرها علي السلم الإجتماعي ، إلا أنها حلال شرعاً ، وإن كانت أبغض الحلال .
وأنا هنا لست بصدد مناقشة القضية ، لأنني غير أهل لذلك بحال من الأحوال ، لأن هناك أهل اختصاص في كل القضايا ذات الصلة بهذا الموضوع . كما أنني لست بصدد مناقشة رأي الهيئة ، أو الإدلاء برأيي فيما ذهبت إليه لا قبولاً ، ولا رفضاً . ولكن ما أود قوله هنا تحديداً يتعلق بعلاقة السلطة بالعلماء ، وقد أبان هذا الموقف ، وأفصح عن ماهية تلك العلاقة .
فرغم وجود مشروع قانون الطلاق الشفهي ، جاهزاً للإصدار ، في لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب ، في انتظار رد هيئة كبار علماء الأزهر ، عن رأيها الفقهي والشرعي ، في مسألة توثيق الطلاق الشفهي . رغم أنه من حق مجلس النواب ، إصدار التشريعات اللازمة ؛ لمواجهة ظواهر إجتماعية ، من بينها قضية الطلاق ، مع مراعاة فقه الواقع .
ورغم وجود دعوي مرفوعة أمام القضاء الإداري ، يُلزم بموجبها وزير العدل علي إصدار قرار بإجراء تعديل تشريعي ، علي قانون الأحوال الشخصية المصري ، بأن يثبت فى وثائق الزواج الرسمية، ليعلمه الزوجان عند إبرام عقد زواجهما، بأنه لا يعتبر طلاقًا شرعيًا للمتزوجين بوثائق رسمية إلا ما يتم إثباته بوثيقة . فقد جري تأجيل إصدار حكم في الدعوي لحين صدور فتوي هيئة كبار العلماء .
ورغم ضغوط وسائل الميديا في اتجاه عدم اعتبار الطلاق الشفهي واقعاً ، وكذا المناقشات التي تجري من خلال هذه الوثائق .
ورغم ضغوط الواقع المأساوي الذي تسبب فيه وقوع الطلاق الشفهي .
ورغم إشارة رئيس الجمهورية إلي ضرورة حل هذه المعضلة .
رغم كل ذلك ، ذهبت هيئة كبار العلماء إلي اعتبار الطلاق الشفهي طلاقاً شرعياً واقعاً ، أعطاه الله للرجل ، فلا يتعين أن يسلبه بشر . ولنبحث عن حلول أخري للمشكلة ، بخلاف أن نحرم ما أحل الله .
حــســـــن زايـــــــــــد