قراءة في الكلمة الأثيرية للسفير الفلسطيني في ذكرى البيعة السعودية
د.عادل علي جوده
كاتب فلسطيني ـ الرياض
عضو تجمع الأدباء والكتاب الفلسطينيين في المملكة العربية السعودية
[email protected]
حينما تطيب النفس، ويسمو الفكر، وتصدق السريرة، وتأتي لحظة الترجمة، حتماً تكون هنالك بصمة تتجلى فيها الشفافية وهي تفصح عن معالم الوفاء، وحينئذ يرسم المرء لنفسه في سجل الإنسانية الحقة صورة شامخة مضيئة تعكس أصالة معدنه، وسلامة معتقده، ونبل أخلاقه، وبالتالي يكون لمن حوله، ولمن خلفه، نسمة رقيقة ترفرف على الوجنات، وتدغدغ المشاعر، وتداعب شغاف القلوب، فطوبى لمن يمتلك هكذا ناصية.
بهذا الاستهلال أشير إلى كلمة فلسطينية أثيرية في مناسبة سعودية.
أما المناسبة، فهي غالية على قلوبنا جميعاً، إنها الذكرى الثانية للبيعة السعودية التي ارتفعت فيها الأيادي عالياً مجددة البيعة على الولاء والوفاء لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ حفظه الله ورعاه، ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز؛ ولي العهد، وزير الداخلية، ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز؛ ولي ولي العهد، وزير الدفاع.
وأما الكلمة، فقد استمعت إليها بمشاعر تفيض اعتزازاً، إنها كلمة سفير دولة فلسطين لدى المملكة العربية السعودية سعادة الأستاذ باسم الأغا، التي بُثت عبر إذاعة القرآن الكريم عصر يوم الثلاثاء 3/1/2017م، والتي عبر فيها عما تجيش به صدورنا من مشاعر الحب والشكر والامتنان لهذا البلد العظيم بقدسيته وبأهله.
لقد استهل سعادة السفير حديثه بالآية الأولى من سورة الإسراء {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير}، وهو بهذا الاستهلال يستشعر الصلة الروحانية التي تجمع المسجد الحرام بالمسجد الأقصى، ثم راح يستشهد بمقولة الملك سلمان التي لطالما أكد فيها أن القدس، ومكة، والمدينة المنورة، شقيقات.
ثم توقف سعادته مع مكانة خادم الحرمين الشريفين واصفاً إياه بأنه حبيب الفلسطينيين، وأنه رجل بحجم أمة لما اتسم به من روح صافية صادقة.
ثم راح يستنشق بوجدانه معاني الشهامة والعزة والإباء من مواقف سلمان الحزم والعزم والحسم، مشيراً إلى هبّته الأصيلة التي قادها لنصرة اليمن وأهله، وإلى وقفته الشامخة في وجه أؤلئك الذين ماانفكوا يحاولون السطو على مقدرات أمتنا العربية، والتمدد على أراضيها، والهيمنة على شعوبها.
ثم رفع التحية عالية للأبطال البواسل المرابطين على الحد الجنوبي واضعين أرواحهم على أكفهم دفاعاً عن الأمن القومي العربي.
ومباشرة رجع بذاكرته، فسجل التحية معظمة لشهداء الواجب في فلسطين من أبناء الشعب السعودي العظيم الذين رووا بدمائهم الزكية تراب الأرض المباركة في فلسطين.
وفي إطار مواقف المملكة العربية السعودية تجاه فلسطين، وقضية فلسطين، وشعب فلسطين، أوضح سعادته أنها مواقف ثابتة رسمها الملك عبدالعزيز؛ طيب الله ثراه، بنبض عروبته وإسلامه، وسار على دربه أبناؤه الكرام البررة، وصولاً إلى هذه اللحظة التي نحتفل فيها بذكرى البيعة الثانية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي احتضن كافة القضايا العربية والإسلامية بما فيها القضية الفلسطينية منذ كان أميراً لمنطقة الرياض؛ فهو رئيس صندوق البر منذ عام 1955م، وهو رئيس كافة لجان الدعم والصمود.
وأشار سعادته بالبنان إلى سياسة المملكة الراسخة تجاه الشعب الفلسطيني، مثمناً عالياً الدعم المادي الذي لم يتوقف على الإطلاق، ومعبراً عن مشاعر العزة والكرامة التي تملأ وجدان الفلسطينيين المقيمين على أرض المملكة وبين أهلها.
وكم كان رائعاً سعادته في قوله: "أكرر التهنئة من الوجدان وأقول لخادم الحرمين الشريفين كلنا نبايعك أيها الحبيب الغالي".
وفي ختام كلمته، ألقى سعادته على أسماعنا مشهداً يختص بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ حفظه الله، حينما كان أميراً لمنطقة الرياض، ذكر سعادته أن الأمير سلمان كان في الجزائر للاحتفال بافتتاح السفارة السعودية هناك، وأثناء الاحتفال تقدم منه السفراء مهنئين مباركين، وكان كل سفير يعرف نفسه باسمه واسم بلده، فلما حان دور السفير الفلسطيني ـ وكان وقتئذٍ أحد رموز النضال الفلسطيني السياسي الفذ منذر الدجاني؛ (أبوالعز) ـ مدّ يده مصافحاً ومعرفاً بقوله: "(أبو العز)؛ سفير دولة فلسطين في الجزائر"، فرد عليه الأمير سلمان رداً يحبس أنفاس كل فلسطيني وأنفاس كل غيور على فلسطين، قال: "وأنا سلمان بن عبدالعزيز؛ سفير دولة فلسطين في الرياض".
وبدوري أقول:
لله درك يا سلمان،
لله درك وأنت تمتلك القلوب وتتربع في سويدائها،
لله درك وأنت تلقن أعداء الأمة درساً يعيد إلى الأذهان قول المبعوث رحمة للعالمين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: "مثل أمتي مثل المطر، لا يُدرى، الخير في أوله أم في آخره" وقوله صلوات ربي وسلامه عليه: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة".
لله درك أميراً، ولله درك ملكاً، ولله درك قائداً إذا نادته الحمية لبى وانتصر!
وتحية لك يا سفيرنا الغالي
لقد حركتم فينا مشاعر الانتماء والحب والوفاء لهذه الديار ولأهلها،
وإني إذ أقف بكل جوارحي مثمنا عاليا كل حرف من حروفكم، لأؤكد أنكم - بهذه الكلمة المباركة - ترجمتم بدقة متناهية مشاعر الجالية الفلسطينية تجاه المملكة العربية السعودية ومليكها وشعبها.
لقد صدحتم بالحق وقدمتموه لأهله، وأنتم لرفع راية الحق سيد لا تأخذه فيه لومة لائم.
أشاطركم التهنئة للمليك الغالي، ولوليي عهده، وللشعب السعودي المضياف، وأشاطركم التمني للمملكة وقادتها وشعبها الأمن والنصر والرخاء.
وكل عام والراية الخضراء عالية خفاقة وفي قلبها فلسطين وشعبها وقضيتها.
قراءة في الكلمة الأثيرية للسفير السعودي في ذكرى البيعة السعودية بقلم:د.عادل علي جوده
تاريخ النشر : 2017-02-06
