الخبيث ينتشر بّفعِل الخُبثاء
مرت ثلاثة سنوات علي الحرب العدوانية الإسرائيلية الثالثة علي قطاع غزة المُحاصر؛ والتي تعتبر الأكثر فتكًا ودماراً عن الحروب الأخرى الماضية؛ حيث بدأ العدوان الثالث الخبيث من الخُبثاء الصهاينة فعلياً يوم الثامن من يوليو عام 2014م، والذي أطلق عليه جيش الاحتلال عملية الجرف الصامد وأسمتها المقاومة بمعركة العصف المأكول، والبنيان المرصوص، وكان العدوان بعد موجة أحداث تفجرت مع خطف وتعذيب وحرق الطفل محمد أبو خضير من شعفاط على أيدي مجموعة مستوطنين في 2 يوليو 2014، وإعادة اعتقال العشرات من محرري صفقة شاليط، واستمرت الحرب العدوانية 51 يوماً استعمل فيها الاحتلال المجرم كافة أنواع الأسلحة التي يعرفها الفلسطينون، والتي لا يعرفها وألقاها على مختلف المناطق في قطاع غزة، مهدداً بذلك البيئة الفلسطينية بكافة أشكالها من انسان وشجر وحجر، حتي أن أحد قادة وجنرالات جيش الاحتلال صرح في ذلك الوقت علانيةً قائلاً: "سيعاني الفلسطينيون بعد الحرب لسنوات قادمة أكثر مما يُعانوه من الحرب، ووقتها سيعلمون نتائج القذائف التي ألقيناها عليهم"، وحسب بعض البحوث والدراسات وتصريح قادة العدو أنفُسهم بعد انتهاء العدوان الأخير علي غزة، فإن كمية المتفجرات التي سقطت على غزة خلال الحرب قدرت بأكثر من 20 ألف طن من لمتفجرات والمواد السامة الخبيثة المسرطنة التي القاها الخُبثاء الصهاينة، أي ما يعادل ست قنابل نووية، وهو ما لا يدع مجالاً للشك بحصول آثار بيئية كارثية على كافة أشكال الحياة للسكان في قطاع غزة، وحسب تقرير منظمة الصحة العالمية وبعض المنظمات الدولية الانسانية والتي قالت: "إن قطاع غزة لن يعد صالحًا للسكن في عام 2020م"، وإن كمية القذائف التي أطلقها الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه عام 2014م، على غزة ونوعيتها وتركيزها في أماكن زراعية في شمال وجنوب وشرق القطاع قد ألحقت أضرارا بيئية بالغة، حيثُ أن آلاف الأشجار والمزارع تم تسويتها بالأرض جراء القصف، وكان من الآثار المدمرة للعدوان الصهيوني على البيئة ظهور رُكام المباني التي دمرها قصف الاحتلال الصهيوني الذي قدر بـ2 مليون طن من الركام في كافة مناطق القطاع خاصة المناطق الشرقية منه، حيث أن هذا الركام كان له آثار بيئية كبيرة على المواطنين في غزة بسبب وجود آثار للأسلحة المستخدمة في الحرب، وكذلك اعادة بناء البيوت المدمرة بالحرب واستخدام الكسارات لإعادة صناعة الركام المدمر، والذي يكون قد تشبع باليورانيوم أثر القذائف ويستمر الضرر من تلك المباني التي أعيد تصنيعها. وبخصوص الأسلحة التي تم إلقاؤها على القطاع، والتي تُقدر بآلاف الأطنان من القذائف والأسلحة المُشعة والمسرطنة الخبيثة، ومنها الأسلحة المحرمة دولياً كاليورانيوم المنضب والتي لوثت التربة والأراضي الزراعية لعشرات السنوات، حيث إن الأسلحة المستخدمة في الحرب بها معادن ثقيلة تسبب السرطان للإنسان إذا ما زرعت هذه الأراضي بالمزروعات وتناولها الإنسان بعد ذلك؛ ناهيك عن التلوث الذي لحق بالهواء؛ وأن حجم وكمية الذخائر والأسلحة التي تم إلقاؤها على قطاع غزة خلال الواحد وخمسين يوماً كانت أكثر من تلك التي ألقيت خلال الحربين السابقتين وبالتالي فإن الآثار البيئية ستكون أكبر وأكثر اتساعاً، وإن الاحتلال استخدم في عدوانه على القطاع ترسانته الحربية بكافة إمكانيتها كالطيران الحربي بأنواعه: "المسير "بدون طيار"، والأباتشي، والعمودي و"F 15 , F16 "، والتي أطلقت قذائف متنوعة أبرزها "MK 82,MK83, MK84 "، والتي تحدث انفجار وتدمير ضخم في المكان التي تطلق فيه، إن الاحتلال أطلق أكثر من ثمانية ألاف قنبلة من القنابل شديدة الانفجار من عائلة "MK " الأمريكية على غزة، مما نتج عنه تسميم للبيئة في القطاع بشكل مقصود ومدروس ومخطط تبقي أثاره لسنوات عديدة وطويلة!. ولقد استخدم الاحتلال أثناء العدوان الماضي علي غزة قنابل مسمارية واطلق صواريخ الوقود الجوي - وهي صواريخ حارقة، وقذائف الدايم، وقذائف مسمارية مشبعة باليورانيوم، وتلك القذائف تصدر إشعاعات تؤثر على البيئة والتُربة والمياه وتؤثر على الأجيال الفلسطينية القادمة مما أدي لانتشار الأمراض الخبيثة بسبب الخُبثاء الصهاينة، وأكثرها انتشار المرض الخبيث مرض السرطان بعد الحرب الأخيرة؛ وإن المتفجرات التي استخدمتها قوات الاحتلال الإسرائيلي النازية خلال اعتداءاتها على قطاع غزة أدت إلى تفشي أمراض خطيرة، وتزايد حالات تشوه الأجنة والإجهاض، كما أثرت كذلك على الحواس وأدت لضعف السمع والبصر عند المواطنين، وعن الأمراض المرتبطة بالتلوث البيئي في قطاع غزة اتضح أن نسبة السرطانات تفاقمت وبلغت حداً غير معقولاً وظهرت أشكال نادرة ومتعددة ومتنوعة للمرض الخبيث ضمن ما يزيد عن 1500 حالة سرطان تم اكتشافها في قطاع غزة خلال العام الماضي فقط، لينضموا إلى أكثر من (15000) حالة من المصابين بنفس المرض خلال السنوات العشر الأخيرة بفعل الحروب الصهيونية الثلاثة علي قطاع غزة، حسب بعض الاحصائيات المعلنة من قبل اللجنة الصحية ، فإنّ قطاع غزة يحتل المركز الأول عالمياً في نسبة المصابين بمرض السرطان، وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أن عدد المصابين بمرض السرطان والمسجلين بالوزارة في القطاع يتجاوز 15 ألف شخص؛ أي ما يعني أن من بين كل 1000 مواطن يسكن غزة هناك 8 أشخاص مصابون بهذا المرض الخطير، وبمناسبة اليوم العالمي لمرضي السرطان قالت وزارة الصحة في رام الله أن أعلي نسبة من الأمراض في فلسطين هي هذا المرض الخبيث وبلغت نسبته بين الأمراض الأخرى أكثر من 83%، أي المرتبة الأولي بين الأمراض الأخرى .
إن عصابة جيش الاحتلال الإسرائيلي الفاشي النازي تقع عليهم المسؤولية الأولى عن تفشي مرض السرطان بين سكان قطاع غزة خصوصاً، بسبب الأسلحة المحظورة خاصة "اليورانيوم" والتي تقدر بأكثر من 70 طُن والتي تم إلقاءها على القطاع خلال الحروب الأخيرة، والتي ساعدت بالتلوث البيئي وخاصة ثلوث التربة الزراعية والمياه، مما تسبب بانتشار المرض بين فئتي الأطفال والشباب والنساء والشيوخ؛ وللعلم أن 60% من خدمات العلاج الكيميائي والإشعاعي غير متوفرة في غزة، وأن أكثر من 30% من الجراحات لمرضى السرطان يتم تحويلها إلى الخارج لعدم توفر الإمكانيات، كما وصلت نسبة الوفاة سنويا الى 35 % من إجمالي الحالات.
إن المرض الخبيث وهو طاعون هذا العصر، ويجب علينا أن نعمل علي الكشف المبكر عن هذا المرض والفحص الدوري والمستمر، وكذلك زيادة البحوث والدراسات العلمية المُحكمة حول الأسباب والمسببات لاتساعهِ وانتشارهِ بصورة كبيرة في فلسطين، وإن كان الاحتلال هو السبب والمسبب الأول، مما يتطلب منا العمل علي إيجاد الحلول الخلاقة والابداعية للتقليل من مخاطر هذا المرض، و العمل علي انشاء مراكز بحوث تكون مهمتها بحثية متخصصة فقط في البحث العلمي والدراسات عن الحلول ومحاولة اكتشاف علاج ناجع ضد المرض الخبيث.
بقلم الكاتب الصحفي والمفكر العربي والإسلامي
الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله ابو نحل
المركز القومي للبحوث والدراسات العلمية
الخبيث يقع بفعل الخبثاء بقلم:جمال محمد أبو نحل
تاريخ النشر : 2017-02-06
