جو كوكس .. ضحية الكراهية بقلم : جمال ربيع ابو نحل
تاريخ النشر : 2017-01-31
جو كوكس .. ضحية الكراهية بقلم : جمال ربيع ابو نحل


جو كوكس .. ضحية الكراهية

بقلم : جمال ربيع ابو نحل

بينما  كان يوجه طعنات  سكينه في  جسد النائبة البريطانية  جو كوكس ، بعدما أطلق  عليها النار من مسدسه عدة مرات  و من مسافة  صفر و هى مدرجة  بدمائها على الأرض  ، كان  القاتل توماس مير  يردد  " بريطانيا أولا . "

النائبة العمالية " زيلين  جويل " ، و المشهورة  بجو كوكس  ، قتلت أمام  مكتبها  فى دائرتها الانتخابية  فى قرية بيرستال  ، بالقرب من ليدز ، شمال لندن . 

النائبة الشابة   و التى تبلغ  41 عاما  ، و هى أم  لطفلين  ، اشتهرت  بدفاعها  عن حقوق الأقليات  و المهاجرين  ، و ترأست  لجنة برلمانين  " من أجل  سوريا  "  داخل  مجلس العموم البريطاني   ، و دعمت  في  أبريل  مقترحا  فى البرلمان البريطانى  لإستقبال  3  آلاف  طفل سورى  من مخيمات اللجوء فى أوروبا .

نائبة الإنسانية  و كما أسمتها  عدة صحف و مجلات بريطانية  ، قتلت  فى 16 حزيران  الماضي  نتيجة  حملات التحريض المنظم   و الممنهج  و الذى خاضه ضدها  و ضد غيرها  ممن تبنوا   الدفاع عن الحقوق المتساوية  بغض النظر عن لونهم و أصلهم  و معتقداتهم  ، قوى التطرف اليمينى .
القاتل  توماس مير و الذى يعتبر  من أنصار  تيار النازيين الجدد و الذى يتخذ  من أمريكا مقرا له  ،  حيث  كشفت  جمعية تعنى بالحقوق المدنية مدى  العلاقات  الوطيدة و التى كانت تربط  القاتل  بالتيار القومى الأبيض   فى الولايات المتحدة الأمريكية  و الذى يشكل اكبر تجمع  للنازيبن ، أجاب قاضى  محكمة  ويستمنستر  عندما سأله عن إسمه  فأجاب  "  إسمى الموت  للخونة  ، الحرية  لبريطانيا".

جو  كوكس  لم تكن نائبة  مسلمة ، أو من أصول شرقية  ، و القاتل أيضا ، ليس  له علاقة بالإسلام أو  المسلمين . 
و لكن التعبئة العنصرية  ضد الآخر  و نظرية التفوق العرقى  للإنسان الأبيض  ، دفعت  بالقاتل  مير و ستدفع  بغيره ، لإسكات  اى صوت ينادى بالحرية  و بالمساواة  طالما  استمرت  حملات التحريض ضد المواطنين  غير البيض  وأيضا  ضد من تسول له نفسه بالدفاع عن حقوق الإنسان .
جو  كوكس  و التى عملت طوال  حياتها  فى مجال المؤسسات الإنسانية  حيث  عملت  لفترة طويلة  فى مؤسسة  اوكسفام  كمسؤولة  عن رسم السياسات ، و فى الدفاع عن حقوق الأطفال   ، و عرفت  أيضا  بدفاعها  عن  حقوق الشعب الفلسطينى و حقه الثابت فى  الحرية  ، و فى رفضها  المطلق للحصار الإسرائيلى الظالم ضد قطاع غزة ، و كانت عضوة ناشطة  فى  مجموعة  " أصدقاء فلسطين."

إن  الحكم  المشدد  و الذى اتخذه  القاضى البريطانى  ضد القاتل  بالسجن المؤبد  بدون الحق  فى  إطلاق سراحه ، و على الرغم من أهميته   ، لن يجدى  نفعا  ، فى الحفاظ  علي حياة الآخرين  ، طالما  تمارس العديد من الجهات الرسمية و غير الرسمية حملات التحريض ، و تمارس التمييز على أساس عرقى و دينى .

و من الكلمات التى  نعى فيها زوج النائبة البريطانية  زوجته ، السيد  بريندان  كوكس ، و التى يحب  ان تكون دليل عمل للجميع   " كانت  تريد أن  نتوحد جميعا  لمحاربة الكراهية  ، التى  أودت  بحياتها  في  النهاية  ، الكراهية  لا تعرف  المنطق  ، و لا الإقناع  ، لا دين  لها  و لا ترتبط  بشعب  دون الآخر.  "
و ما أحوجنا اليوم  ان نتحلى  بالشجاعة  و الإيمان  ، و ان ندافع  عن  الإنسانية جمعاء  ضد الكراهية  و العنصرية  و أن  نعزز مفاهيم المساواة  و العدل  و الحرية  و السلام .
   
. عضو المجلس الوطنى الفلسطينى *

[email protected]