سلطة العباس و حكومة الحماس بقلم:فادي فيصل الحسيني
تاريخ النشر : 2006-04-17
سلطة العباس و حكومة الحماس

فادي فيصل الحسيني

حكومة جديدة، شابة تحمل كل ما تعنيه كلمة شابة من معاني، فيها الجرأة و الاندفاع، فيها الحماس و الطموح، و لا يشوبها شائب من فساد مالي أو إداري، أو سمعة سيئة تثير جدل في الشارع، و هناك رئيس شقت جبينه تجاعيد سنين من الخبرة و الحنكة و يلتزم بالقوانين و الأعراف مدركاً أبعاد هذا الالتزام و عواقب التنصل، فماذا لو اجتمع الطموح مع الخبرة و تكامل الحماس مع الحنكة و وحدنا هذا الزخم من الإمكانيات في مصلحة شعب اختار حماس و سبق أن اختار الرئيس عباس.

من الواضح أن الوسائل اختلفت أما الهدف فهو واحد و هو مصلحة هذه الأمة بما يضمن الثوابت الوطنية و التي لا يختلف اثنان عليها، فكثرت السبل و اختلف المنهج بين الرئاسة و الحكومة و بقي البؤس يطارد الشعب و كابوس العزلة و القطيعة حاضر في ذهن رجل الشارع قبل المراقبين و المحللين، و أضحت قضية الراتب أهم من القضايا الوطنية الأخرى و كثرت المظاهر المسلحة و المطالبة بلقمة العيش في مجتمعنا بشكل جديد لم نعهده من قبل. و في الطرف الآخر نجد وسائل الإعلام تتناقل بشغف أخبار الخلاف بين مؤسسة الرئاسة و الحكومة في قضايا تعتبر ثانوية بالنسبة لطالبي لقمة العيش و لكنها سيادية بالنسبة لصناع القرار.

أكثر الناس يرى أن هذا الخلاف ما هو سوى صراع على السلطة و السيادة, ليس فقط بين مؤسستي الرئاسة و الحكومة، إنما بين حزبين لطالما كثرت صولاتهم و جولاتهم، و لب القضية هو الخلاف بين الاستحقاق القانوني و الأمر الواقع. إحدى القضايا الخلافية هي قضية المعابر و الحدود، فنجد أن الحكومة تطالب بسيادتها على المعابر و الحدود بحكم القانون و الوضع الذي استلمته الحكومة الجديدة من سالفتها، أما الرئاسة فترى أن السيطرة على المعابر يجب أن تخضع لسلطة الرئاسة. و إذا ما أمعنا النظر في القضية بشكل أدق، نجد أنها مقارنة بسيطة بين أمرين, الأول هو كون معبر رفح الحدودي هو المنفذ الوحيد للمواطنين و التجار و ذوي الاحتياجات و كذلك المسئولين من غزه للعالم و الأمر الثاني هو أن المعبر يخضع لسيطرة فلسطينية تحت رقابة أوروبية هددت بترك المعبر في حال أن سلطة المعابر تابعة لوزارة الداخلية في الحكومة الجديدة. صحيح أن هذا التهديد يعتبر تدخل أجنبي في قرارات سيادية فلسطينية، و لكن وجودهم في هذا المعبر في الأساس هو تدخل بناءاً على اتفاق مسبق يعطي للفلسطينيين نصيباً ولو كان صغيراً من سيادة على معبر فلسطيني. الخيار لنا، إما أن نقبل بالأمر كما هو و نعمل على تغييره بطرق متروكة لصناع القرار، و إما أن نرفض هذا التدخل برمته و نقبل بنتائجه من إغلاق للمعبر أو عودة الإسرائيليين لتكون لهم السيطرة الكاملة علية.

إن قضية المعابر و غيرها ما هي إلا قضايا جانبية مقارنة بالخطر الداهم الذي يحدق بمستقبل بلدنا، فلا يعقل أن تكون صعوباتنا داخلية و خارجية في آن واحد, فلنوحد جبهتنا الداخلية و لنرص الصفوف في مواجهة ما يحاك لهذه الأمة من مؤامرات، و لننحي خلافاتنا جانباً حتى نخرج من أزمتنا الأساسية و هي الاحتلال فالجميع فلسطيني و الحلم واحد، فلنجعل مصلحة هذا الشعب هي المحرك لقراراتنا و الأساس لأفعالنا، و لنترك من يتفق على تسيير أمورنا و تسهيل عيش المواطن يعمل و ليكن هناك رجال يعملون في صمت و يخططون لمستقبل أفضل و أقوى لهذا البلد الذي أعطى الكثير و يستحق أكثر. إن تاريخ فلسطين غني بالتجارب المفيدة، و الذي علمنا أن الكثير من الاتفاقات و المعاهدات مآلها للزوال إن لم تجتمع رغبة حقيقية في تحقيق مصلحة مشتركة بين الطرفين المتعاقدين، و رأينا كم من الاتفاقيات الدولية و القرارات الأممية التي تنصلت منها إسرائيل عندما أيقنت أن لديها القدرة على تحمل عواقب هذا التنصل و عملت على تأمين نفسها داخلياً و خارجياً من خلال خطاب إعلامي و دبلوماسي يبرر هذا التنصل أو ذاك التنكر، و كم من اتفاقية سلام مزقت حين أدرك المستسلم أن الوقت حان لينهض و ينفض غبار الذل و الهوان عن كتفيه