عماد والمكان " مشاعر شخصية " - ميسون كحيل
تاريخ النشر : 2017-01-11
عماد والمكان  " مشاعر شخصية " - ميسون كحيل


عماد والمكان  " مشاعر شخصية " 

الألسن تتوقف عن النطق،  والأقلام تُعلن عن صمت الكتابة، والأيام لا تمر دون بصمة، والمكان لا يزال على حاله من الفراغ الممتلئ حيث تسمع فيه صوت العماد في كل زاوية من زواياه وأنغاماً جميلة في كلماته الباقية والمستمرة دوما والتي كانت تدغدغ المشاعر ولا تزال في كل حين وصورة من النقاء في العيون تُعبر عن كل المثاليات . في المكان أغمض عينيك ستجد فراغا من نوع آخر فيه الكثير من الرمزيات والخلفيات فكل شيء على حاله وكأن العماد عمود المكان الباقي بقاء الدهر لا يزاحمه عليه أحد. في المكان تستطيع البوح بما تريد رغم الألم فحتما يسمعك من رحل جسدا فقط ، فروح المؤمن والطيب والوفي والجميل والمخلص والحبيب والأخ والصديق والقريب لا تغيب . في المكان تشعر بدفء كل الألوان التي يحبها الإنسان حيث لا تجد سراديب للنسيان ولا مَغيبا للشمس فنورها ممتد لا ينقطع أبدا.فمن يقول أن عماد قد رحل عن المكان ؟ مَن يقول أن هذا المكان فارغا ؟ لا ... لم يرحل .. لم يرحل ..إنه هنا في كل مكان فالصورة نفسها أراها جيدا والصوت نفسه أسمعه بطرب والحب يغطي المساحة كاملة ويتفوق عليها حتى بات المكان كظلال طيب من طيب أريجه. إنه هنا في هذا المكان والهمس ثابت قوي كشجرة زيتون ارتبطت بالأرض التي أحبها عماد.

عماد ذلك الإنسان البعيد القريب والقريب البعيد لم يغب ..والمكان يعج بالصور الجميلة الثابتة  فنراه كل يوم من خلالها والمكان الفارغ ليس فارغا نتلمس مشاعره الفياضة التي تحيط بنا كل يوم ونستمع لصوته العذب في كل حين . إنه إنسان فريد في زمن فريد ! عماد ذلك الإنسان الجميل إنه هنا يضيء المكان ويبعث فيه روح البقاء كالفوانيس ويترجم معاني الحب لغزة أكثر من كل القواميس ويعشق سماءها وأرضها وبحرها الحزين بكل ما يملكه من الأحاسيس . إنه هنا يحيط بنا يلتف حولنا كما كان دائما حاضرا بما تعلمناه منه من الطيبة والحب الممنوح للآخرين.

عماد أيها الطائر المسافر .. إن المكان الفارغ ممتلئ،  فلن أصدق أنك رحلت ولن أصدق أن مكانك فارغا ولن أصدق بعد عام من غيابك أن الإنسان يمكن أن ينساه الآخرون. هناك مَن لا ينساهم الناس أبدا مهما مرت السنين ومهما طال الزمان ومهما حاولنا أن نُجمل ما في أنفسنا فلن نستطيع أن ننساك ولا يمكن أن ينسى الإنسان إنسانية غيره لأنها تتعمق فيه وتخترق كل أعضائه وتتمسمر في القلب الذي بدونه لا تكون هناك حياة.

ولمن عرف  عماد ولمن اقترب منه ولمن عاش معه ولمن أحبه ولمن سمع كلماته ولمن أحس بمشاعره، أقول عليكم بالمكان الذي تركه، فعزائنا في هذا المكان لأنه باق.. فقد غاب عماد ورحل الجسد لكنه لم يرحل منا ومن المكان .

- يصادف الثاني عشر من يناير مرور عام على رحيل الدكتور عماد ابن خالي،  لروحه الراحة والسلام ولخالي العزيز وزوجته الصبر والسلوان.