القيم في عصر العولمة بقلم :منال عبد الظاهر
تاريخ النشر : 2016-12-04
القيم في عصر العولمة بقلم :منال عبد الظاهر


القيم في عصر العولمة
بقلم :منال عبد الظاهر

يحظى إدماج القيم في مناهج التربية باهتمام كبير في العديد من الدول، لأسباب عدة، منها ما أفرزته الثورة التيكنولوجية والاتصالية والمعلوماتية العارمة من تغييرات اقتصادية واجتماعية ... عالمية ومحلية، وغيرها من عوامل التغيير، وما
ترتب عنها من إعادة النظر في معظم تصورات الإنسان عن ذاته، وعن علاقاته، وعن عالمه، الشيء الذي جعل الإنسان يحيى في فضاء عالمي بدون حدود، يعمل فيه نظام العولمة على التعجيل بتنميط العالم في قالب موحد، يشمل كل ما يمس الحياة في شتى مناحيها، لا سيما منظومة القيم، حيث أصبحنا نشهد التدفقات السريعة للعادات والقيم والأفكار والمعلومات والحضارات الضاغطة نتج عنها عدم الاستقرار في القيم الموروثة والمكتسبة على حد سواء، وعدم مقدرة عدد كبير من أفراد المجتمع – وبخاصة الشباب- على التمييز، وبالتالي ضعف المقدرة على الانتقاء والاختيار من بين القيم المتضاربة الموجودة، والعجز عن تطبيق ما قد يؤمن به الفرد من قيم، أمام إكراهات التنمية، وضرورة الانخراط في مشروعات التطوير والتحديث الرامية - في أغلبها – إلى قهر معوقات التخلف من خلال التأكيد على التنمية الشاملة، وتحكم القيم المادية النفعية، وتراجع القيم الأخلاقية والروحية؛ محاولة بذلك فصل الدين عن الحياة العامة عموما، وعن التربية خصوصا، مما ترتب
عنه الاستخفاف بالكثير من القيم الروحية والأخلاقية؛ والاندفاع إلى تقرير الحرية بشكل يحطم كل الضوابط، ويزيل كل الحواجز التي من شأنها حماية الوجود الإنساني، هذا الواقع أفرز منظومة قيم جديدة تقوم على الإلزام والقهر والتعسف على الدول المغلوبة على أمرها، وإجبارها على استهلاك ما تنتجه حضارة العولمة
دون تمكينها من آليات النهوض والإسهام في التفاعل معها.
ويتطلب إدماج القيم في المناهج التربويه مراعاة مجموعة من المقومات الأساسية نذكر منها:
أولا: صياغة مشروع تربوي مجتمعي يتم في ضوء القيم الدينيه، وتتلاءم فيه وتتكامل قدرات العنصر البشري والإمكانات المادية، يرسي دعائم الإصلاح التربوي، على أسس سليمة، تقوم على فلسفة واضحة المعالم، نابعة من واقع المجتمع ، وطبيعته، وطموحاته، واتجاهاته، وظروفه... قادرة على أن تجعل من المدرسة مجالا للتنمية البشرية.
ويمكن أن نجمل هذه الأسس في:
أ- الأساس الديني: باعتبار الدين الإسلامي شريعة الدول الإسلامية وعقيدتها الراسخة، وقيمها الكونية.
ب- الأساس الاجتماعي والثقافي: فالحمولة الاجتماعية والثقافية للأمة وما تتدفق به ثقافاتها من عطاءات وإسهامات معرفية جادة على مر العصور؛ رافد مهم يستمد منه التعليم مقوماته وأسس بنائه.
ج- الأساس السيكولوجي والتربوي: باستثمار ما حققته الدراسات النفسية والتربوية والعلمية من تقدم واطراد على المستويين النظري والعملي، والتركيز على العطاءات الوطنية، والإمكانات الذاتية،التاريخية والحضارية، بمختلف ثوابتها ومتغيراتها،
ومميزات وخصائص المتعلم وقيمه، والمناهج الهادفة، والأطر الكفأة، والطرائق المتطورة، والدعامات الديداكتيكية المناسبة للبيئة التعليمية، المواكبة للتطورات الحديثة، والظروف الملائمة للنجاح المدرسي التلقائي، مع ضرورة انسجام كل ذلك مع القيم الإسلامية، والهوية الحضارية للأمة. لتوفير أنسب الظروف
وأفضلها لإنجاز العملية التعليمية التعلمية
د- الأساس الاقتصادي والتنموي: باستهداف تأهيل المتعلم ومساعدته على التفتح والنضج، والاندماج السوي؛ ليكون مساهما حقيقيا في التنمية الاقتصادية والحضارية باستحضار القيم الأخلاقية كإطار للقيم الاقتصادية، مما يولد اقتناع المتعلم بجدوى إسهامه التنموي.

ثانيا: تجسيد هذه الفلسفة في أغراض كبرى للنظام التعليمي : تكون المنطلق الرئيسي الموجه في جميع المجالات؛ المعرفية والمهارية والوجدانية القيمية المستهدفة، من خلال:
- التأكيد على دور المدرسة والمجتمع وتعاونهما بشكل تفاعلي إيجابي، لتحقيق النماء للفرد والمجتمع في كافة المجالات.
- تثبيت العقيدة الإسلامية المبنية على الكتاب والسنة، وغرس القيم الروحية في نفوس الناشئة؛ حتى تكون الموجه للسلوك الذاتي للفرد، ولعلاقته بغيره إنسانا كان أو بيئة ...
- اعتماد التربية على القيم، وتنمية وتطوير الكفايات التربوية، والتربية على الاختيار